والسلام ختام لكل ما سبق كتابته من قبل في أغلفة مقبولة حتي لا ينكشف المستور من الأفكار والكلمات والمواقف التي يمكن أن تؤدي إلي الرفض الأدبي والمادي، المعنوي والفعلي لما اقتنعت به عبر السنين الطويلة ومن خلال القراءات الكثيرة وبعد تجارب عديدة مما يدفعني الآن إلي الكتابة المباشرة دون استخدام أساليب لا تصلح إلا في أروقة الدبلوماسية أو قاعات المحاكم حتي لا أقع تحت طائلة الرفض من المجتمع ومن القارئ بل وربما من هيئة التحرير حرصًا منهم جميعًا علي مقولات جديدة من بينها السلام الاجتماعي والوفاق الوطني. ولكن بعد وقوع جريمة رأس السنة شعرت أنه لا يصح إلا الصحيح ألا وهو قول الحق المجرد عن الحرص علي مشاعر من لا يحرصون علي عواقب الأمور، ولكي أكون واضحًا أكثر فإن ما حدث كان لابد من حدوثه وللأسباب التي سأعرضها في هذا المقال والمقالات التالية هي في ظني التي أوصلت المجتمع لحالة من الاحتقان بين أصحاب الأرض والوطن من بين الطرفين الذين يدافعان عنه ضد العدو المشترك المتمثل في إسرائيل وأعوانها ومؤيديها. كما كان الأمر عند العبور في أكتوبر المجيد، ولقد بدأت الأعراض بالحساسية نتيجة لحرب السويس والتي وقتها اكتشفنا ما عرف بالمؤامرة بين فرنسا وبريطانيا وذيل الكلب إسرائيل، شعر شعب مصر أن من تآمر واعتدي عليه هم المستعمرون فيما سبق والذين هم من سلالة الصليبيين، ثم حدث النصر ووضحت الاختلافات بين هؤلاء وبين الشعب المصري المسالم والمسلم أيضًا. حتي تكررت المعارك بعدها في حرب الستة أيام أو النكسة والتي أكدت مرة أخري تواطؤ نفس الأعداء وتآمرهم علي مصر وكل من يدور في فلكها وليست صدفة أنهم في رحاب الإسلام أي سوريا والأردن وفلسطين، وبالتالي زاد حجم الكراهية والحساسية ليس لذيل الكلب فقط ولكن لمن يقتنيه أيضًا وإن تغيرت الأسماء والمواقع الجغرافية، أي من أوروبا إلي أمريكا واتسعت فجوة الخلاف في رأي أصحاب الأرض وفي قدراتهم الدفاعية بل وفي توجهاتهم العقائدية. وصاحب كل هذا موجات من هجرة اليهود إلي الخارج ثم الجاليات الأخري من الأجانب المقيمين في الدولة، وتعمقت نظرة التوجس والكراهية لغير المصريين منذ ذلك التاريخ، بعدها بدأت مصر في بناء دفاعاتها ضد ما حدث وتم التخطيط ثم التنفيذ لمعركة استرداد الأرض والعرض والكرامة وتم ذلك بعقول وسواعد مصرية خالصة ليس من بينها غريب واحد وكانت خلال الاستنزاف والاستعداد علي قلب رجل واحد قد يصلي الجمعة في أي مسجد أو الأحد في أية كنيسة لا فرق. والقصص كثيرة وواقعية والوثائق علي ذلك محفورة في أذهان المصريين جميعًا، تم النصر واكتملت المعجزة وانتظر الشعب المكافأة علي ما حدث ولكن طال الانتظار بلا جدوي، ليس هذا فقط ولكن بدأت أعراض الفساد تنتشر وتتوغل بين أركان المجتمع، وهنا انطلقت أصوات المعارضة لما يحدث ولكنها لم تجد المسارات الشرعية المنطقية بل كانت في ظل تحكمات من الدولة التي أصابها أعراض الفساد في مكوناتها ومؤسساتها فأصابت الجميع حكومة ومحكومين، أقباطا ومسلمين. كانت النتيجة اتساع الفجوة بين هذا وذاك، انسحب الكثيرون داخليا علي أنفسهم وتشبث آخرون بمواقفهم بل قل بمقاعدهم، وتكررت الفرص وضاعت في نفس اللحظة من بعد المد الوطني العالي الإيجابي المحترم في أعقاب نصر أكتوبر الذي لم يأخذ حقه للآن فنيا وتاريخيا وثقافيا ولكن زادت بعد ذلك المهاترات بين جميع الأطراف. هذا السرد المتسلسل يقودنا إلي الخلفيات التي أدت إلي هذا الاحتقان الموجود بين أبناء الوطن الواحد بتبعياتهم المتفرقة من حيث العقيدة والمواطنة ومنظومة القيم الصحيحة التي تضم الناس جميعًا أقباطًا ومسلمين وغيرهما من أتباع الأديان الأخري. لقد كان هذا الوطن يضم بين أبنائه المسلم والمسيحي واليهودي ولكل منهم طائفته الخاصة به ولكن يجمعهم نفير واحد هو نفير مصر التي في خاطري وفي فمي قبل ما يردده الآن هؤلاء بقولهم بالروح بالدم ثم أي شيء يأتي بعد ذلك القول سواء كان الإسلام أو الصليب أو أي رمز آخر. وللكلام بقية كاتب وأستاذ جامعي