أطلقوا عليه برنس الصحافة المصرية.. إلي جانب الكثير من الألقاب الأخري الكثيرة لكن لقب الاستاذ سيظل اللقب الاكثر التصاقا بشخصيته والتي أستحقها عن جدارة واقتدار من خلال ما سطره بحروف من نور.. من خلال مقاله الشهير آخر عمود والذي كان يزين الصفحة الأخيرة من جريدة »أخبار اليوم»، تطرق ابراهيم سعده رحمه الله رحمة واسعة إلي الكثير من القضايا الشائكة والتي استطاع أن يتناولها بحرفية شديدة حيث ساهمت كتاباته وتحليلاته السياسية إلي أن تحتل أخبار اليوم صدر الصحافة المصرية والعربية ويقفز بتوزيعها إلي مليون وربع المليون نسخة، فكانت صفحات أخبار اليوم وتحقيقاتها والقضايا التي تتناولها تحدث الكثير من الهزات في المجتمع المصري، حيث أستطاع سعده أن يقود كتيبة المتميزين في أخبار اليوم لتقديم واحدة من أبرز الصحف العربية قاطعة. ولم يقف دور سعده في بلاط صاحبة الجلالة علي رئاسة تحرير أخبار اليوم بل حول دار أخبار اليوم إلي صحافة الملايين، فبعد أن أعطي الراحل سعيد سنبل طلقة البداية لاصدارات أخبار اليوم التخصصة باصداره جريدة أخبار الرياضة، تولي سعده المهمة ليكمل عقد اصدارات أخبار اليوم المتخصصة باصداره أخبار الحوادث والتي كانت اضافة صحفية رائعة تحت شعار الجريمة لاتفيد، والتي غيرت وبصدق الكتابة عن الجريمة، حيث كانت تحاول الاقلال من ارتكاب الحوادث والجرائم، ثم توالت اصدارات أخبار اليوم التي كانت ليد ابراهيم سعده البيضاء السبب المباشر في ان زينت صدر الصحافة المصرية، مثل أخبار النجوم، وأخبار الأدب، وأخبار السيارات. صحفي غير عادي لم يكن سعده صحفيا عاديا، بل أن قيمته قد زادت بأنه قدم للصحافة المصرية الكثير من الأسماء البارزة التي تتلمذت علي يديه، وتحولت في عهده دار أخبار اليوم إلي مفخرة تغذي جميع الجرائد الحزبية والخاصة، كلهم تعلموا وتتلمذوا في دار أخبار اليوم ونالوا من نبع ابراهيم سعده عن طريق التعليم المباشر أو عن طريق القراءة والتعلم عن بعد، حيث كان شديد الحرص علي أن يقدم كل ما أمتلكه من خبرات إلي الاخرين. من أصحاب الايدي البيضاء يعتبر سعده من أكثر الصحفيين نظافة لليد، وقد ساهم كونه ابن أسرة بورسعيدية معروفة وميسورة الحال، أن يفعل كل ما يؤمن به، دون أن يؤثر عليه أي نوع من المغريات، فلم يستغل منصبه يوما في التربح أو تحقيق أية مكاسب شخصية، وفي الوقت الذي كان فيه هؤلاء يجنون الملايين، رفض إبراهيم سعده تقاضي مرتبه الشهري، وكانت سكرتيرته توزع هذا المرتب كل شهر علي بعض السعاة وصغار العاملين، وحقق ابراهيم سعده الكثير لدار »أخبار اليوم» وقبيل ثورة 25 يناير قدم ابراهيم سعده استقالته لمبارك في مقال نشر علي الصفحة الأولي من »أخبار اليوم» واعتزل الصحافة إلا من مقال يومي في الأخبار وحتي هذا انقطع عنه بسبب تصرف صغير من محرر صغير! ابن المدينة الحرة ولد سعده في 3 نوفمبر عام 1937 بمحافظة بورسعيد وتلقي تعليمه بها، كانت الصحافة بالنسبة لابراهيم سعده هي كل شيء في حياته حيث شارك في تأسيس مجلة المدرسة الثانوية، ثم شارك مع أصدقائه مصطفي شردي، وجلال عارف، وجلال سرحان العمل بمجلة بورسعيد الأولي (الشاطيء) وقبل حصوله علي الشهادة الثانوية عمل مراسلا لعلدد من الصحف والمجلات القاهرية منها مجلة (الفن، سندباد، الجريمة) وسعد حصوله علي الثانوية سافر إلي سويسرا، حيث درس الاقتصاد السياسي هناك، وعاش 12 عاما في أوروبا، وقبل أن يعود إلي مصر كان قد تزوج وأصبح رب أسرة. مراسلا من سويسرا في سويسرا أراد العمل مراسلا صحفيا لأي صحيفة مصرية، وخلال زيارة سريعة لمصر التقي بصديقه مصطفي شردي الذي أصبح مديرا لمكتب دار أخبار اليوم في بورسعيد، وكان مصطفي شردي علي علاقة طيبة بالأخوين علي أمين ومصطفي أمين فعرض عليه أن يعمل مراسلا لأخبار اليوم في جنيف، وتحمس شردي للفكرة وحصل علي وعد للقاء علي أمين. التقي ابراهيم سعده ومصطفي شردي بعلي أمين، وعرض عليه تحقيقا كان قد كتبه عن مشكلة الحاصلين علي الثانوية وليست لهم أماكن في الجامعات المصرية، فأعجب به علي أمين ووافق علي تدربه كمراسل صحفي في جنيف، بل من شدة إعجابه قام معهما إلي مكتب مصطفي أمين، وقال له »هذا الأستاذ قماشة ممتازة سنفصل منها صحفي كويس جدا في المستقبل»، وطلب منه مصطفي أمين أن يرسل لهم موضوعات ليتم نشرها في مجلة (آخر ساعة) وصحيفة (أخبار اليوم) الأسبوعية، وصحيفة (الأخبار) اليومية وأن تكون موضوعاته عن الشباب. بدأ سعده في إرسال التحقيقات والموضوعات إلي »أخبار اليوم»، وكان يتلقي رسائل خاصة من علي ومصطفي أمين تحمل رأيهما فيما يقدمه من مواد وكانت كلها تحمل دروسا غاية في الأهمية تعلم منها الصحافة، وكان يتلقي منها أيضا برقيات تشجعه إذا قدم تحقيقاً جيداً أو موضوعاً جديداً. خبطات صحفية استطاع ابراهيم سعده أن يحقق خبطة صحفية سياسية حولت مجري حياته عندما طلب منه مصطفي أمين تغطية خبر لجوء جماعة النحلاوي »السورية» سياسيا إلي سويسرا، وذلك بعد حدوث الانفصال بين مصر وسوريا، ونجح في اجتياز هذا الاختبار الصعب، والتقي بجماعة النحلاوي وحصل منهم علي تفاصيل مثيرة عن مؤامرة الاتصال وحقيقة تمويل الملك سعود لعملية الانفصال، وفي اليوم التالي صدر قرار تعيين إبراهيم سعده رسميا في أخبار اليوم اعتبارا من 24 إبريل عام 1962 وأيضا تم صرف مكافأة مالية كبيرة له تقديرا علي الخبطة الصحفية. في أخبار اليوم تولي العديد من المناصب مثل: رئيس قسم التحقيقات الخارجية، ونائب رئيس التحرير، ورئيس التحرير ورئيس مجلس إدارة دار أخبار اليوم، كما اشتهر بكتابة عموده (آخر عمود) تولي أيضا رئاسة تحرير صحيفة مايو ليصبح أول صحفي يجمع بين رئاسة تحرير صحيفة قومية (أخبار اليوم) وصحيفة حزبية (مايو). الحزن العميق وبعد 25 يناير حدثت هوجة من البلاغات ضد الجميع سواء المفسدين أو المحترمين أحيلت بعض قيادات »أخبار اليوم» إلي التحقيق وتمت محاكمتهم وحبسهم وجري استدعاء ابراهيم سعده إلي الكسب غير المشروع، وأثبت التحقيق معه نظافة يده، ومع ذلك رحل ليعيش سنوات العمر في المنفي بعيدا في سويسرا، وكانت رغبته الشديدة في أن يعود إلي مصر البلد التي أحبها وعشقها، لانه كان يخشي أن يموت بعيد عن ترابها، وخلال فترة مرضه الاخير ظل يحلم بالعودة، حيث عاد إليه بلده، والتي قضي بها فترة صغيرة ليلقي نداء ربه ويرحل برنس الصحافة المصرية ابراهيم سعده ملبيا نداء ربه. حكاية سعده مع ضحايا مباراة الاتحاد والكروم تعود احداث تلك القصة إلي ما يزيد عن العشرين عاما، وكان ابراهيم سعده وعقب حادث قطار كفر الدوار الشهير قد انشأ صندوقا للكوارث، والذي بدأ عمله مع ضحايا القطار وأمتد بعد ذلك لضحايا الكوارث الأخري وكان من بينها كوارث مباراة الاتحاد السكندري والكروم والتي راح ضحيتها 8 متفرجين، والتي كانت ضمن دور ال 16 لكأس مصر موسم 98/99. وقرر صندوق الكوارث الانتقال إلي أسر الضحايا بالاسكندرية وتقديم يد العون لهم فيما اصابهم من كارثة ومنح كل أسرة مبلغ خمسة الاف جنيه، وتم نشر قصصهم وعشقهم لسيد البلد، الأمر الذي جعلهم يتدافعون في ليلة من ليالي رمضان وبعد أن تم فتح باب رقم 8 في الدرجة الثالثة قبل المباراة بأقل من نصف ساعة، حيث تدافعت الجماهير مع قلة الانارة، وأدي التدافع إلي دهس 8 من الجماهير قضوا نحبهم، بالاضافة إلي اصابة عدد آخر من الجماهير. أنتقلت "أخبار الرياضة" إلي الاسكندرية بعدما قرر ابراهيم سعده مساعدة أسر الضحايا وتم كتابة قصة كل ضحية والتي كانت خلفها ماسأة كبيرة، الأمر الذي أثر في الأمير الراحل فيصل بن فهد بعد أن قرأ أخبار الرياضة وأخبار اليوم وقرر منح أسرة كل ضحية 50 ألف جنيه.