فقدت الصحافة العربية أمس الأربعاء، الكاتب الصحفي الكبير إبراهيم سعدة فارس القلم صاحب أعظم الكتابات الصحفية على مر التاريخ، القامة الصحفية والأدبية التى لم تتقرر، حيث شيعت جنازته ظهر اليوم الخميس، من دار أخبار اليوم. بعد صلاه الظهر بمسجد عمر مكرم، على أن يدفن الجثمان بمدافن مدينة 6 أكتوبر، طريق الواحات البحرية. وفى هذا التقرير يرصد "الصباح" أهم المواقف في حياة سعدة: ولد الكاتب إبراهيم علي سعدة في 3 نوفمبر عام 1937 بمدينة بورسعيد، وتلقى تعليمه بمراحله المختلفة بمدارسها فحصل على الابتدائية والإعدادية والثانوية. عشق سعدة الصحافة منذ الصغر، فكان دائماً يشارك في مجلة المدرسة الثانوية، ثم شارك مع أصدقائه مصطفى شردي، وجلال عارف، وجلال سرحان العمل بمجلة بورسعيد الأولى "الشاطئ"، وعمل الراحل العظيم قبل حصوله على الشهادة الثانوية مراسلًا لعدد من الصحف والمجلات القاهرية منها مجلة الفن، سندباد، الجريمة.
بعد أن حصل فارس القلم على الشهادة الثانوية، هاجر إلى سويسرا وعاش بها لمدة 12 عاماً ، ودرس هناك الاقتصاد السياسى، كما عمل مراسلًا صحفيًا لأي صحيفة مصرية. قام سعدة بزيارة سريعة إلي مصر بعد رحلته في أوروبا، وخلالها التقى بصديقه مصطفى شردي الذي أصبح مديرًا لمكتب دار أخبار اليوم في بورسعيد، وكان مصطفى شردي على علاقة طيبة بالأخوين علي أمين ومصطفى أمين وعمل مراسلًا صحفيًا لأخبار اليوم في جنيف، وتحمس شردي للفكرة وحصل على وعد للقاء علي أمين. عرض الصديقان سعدة وشردى على علي أمين تحقيقاً عن مشكلة الحاصلين على الثانوية وليست لهم أماكن في الجامعات المصرية، فأُعجب به علي أمين ووافق على تدريب سعدة كمراسل صحفي في جنيف، بل من شدة إعجابه قام معهما إلى مكتب مصطفى أمين، وقال له عنه: «هذا الأستاذ قماشة ممتازة سنفصل منها صحفي كويس جدًا في المستقبل»، وطلب منه مصطفى أمين أن يرسل لهم موضوعات ليتم نشرها في مجلة آخر ساعة، وصحيفة أخبار اليوم الأسبوعية، وصحيفة الأخبار اليومية وأن تكون موضوعاته عن الشباب. حقق إبراهيم سعدة خبطة صحفية سياسية حولت مجرى حياته عندما طلب منه مصطفى أمين تغطية خبر لجوء جماعة النحلاوي سياسيًا إلى سويسرا، وذلك بعد حدوث الانفصال بين مصر وسوريا، ونجح في اجتياز هذا الاختبار الصعب، والتقى بجماعة النحلاوي وحصل منهم على تفاصيل مثيرة عن مؤامرة الانفصال وحقيقة تمويل الملك سعود لعملية الانفصال، وكانت هذه الخبطة فتحة خير عليه حيث أنه في اليوم التالي صدر قرار بتعيينه رسميًا في أخبار اليوم اعتبارًا من 24 إبريل عام 1962 وأيضًا تم صرف مكافأة مالية كبيرة له تقديرًا على هذا الجهد. وبعد ذلك توالت عليه العديد من المناصب، فشغل منصب رئيس قسم التحقيقات الخارجية، ونائب رئيس التحرير، ورئيس التحرير ورئيس مجلس إدارة دار أخبار اليوم، كما اشتهر بكتابة عموده "آخر عمود"، وتولى أيضًا رئاسة تحرير صحيفة مايو ليصبح أول صحفي يجمع بين رئاسة تحرير صحيفة قومية (أخبار اليوم) وصحيفة حزبية (مايو). غاب اسم إبراهيم سعدة عن رحلة الصحافة بعد أن اعتزلها وبعد ثورة يناير سافر إبراهيم سعدة إلى سويسرا واستقر هناك لفترة طويلة، وتعرض الكاتب الكبير لصراع طويل من المرض وعاد إلى مصر واستكمل رحلة علاجه حتى مثواه الأخير.