هى بطلة لعبت الصدفة دوراً كبيراً فى دخولها العالمية والأجمل أنها تحرز الألقاب تباعاً فى أى بطولة تشارك فيها للمرة الأولى وأصبح فى جعبتها أكثر من 50 ميدالية متنوعة الغالبية منها للذهب وفى طريق مشوارها محطات وصعوبات كثيرة ومتنوعة ولكنها تحدت إعاقتها الذهنية ونظرات المجتمع والعراقيل التي يضعها الآخرون في طريقها. أنها البطلة العالمية مريم طارق عبدالمجيد صاحبة ال15 ربيعاً من عمرها وأسردت قصتها وحلمها في السطور التالي. تقول كريمة كمال عبداللطيف والدة مريم طارق إن نجلتها من قبل ولادتها وهي في اختبار إلهى فقد اكتشف الأطباء وقبل خروجها للحياة بثلاثة شهور اصابتها بكيس مياه وراء الفص الأيمن للمخ واجمعوا بضرورة إجراء عملية جراحية لازالته فور ولادتها ونظراً لتعرضها للإصابة بالصفراء تم تأجيل العملية لمدة أسبوع بعد وتم إجراؤها وعاد كيس المياه مرة أخري للتجمع بعد شهر ونصف من العملية الأولي قرر المعالجون إجراء الجراحة الثانية وتم تركيب صمام في المخ يتم توصيله إلي المعدة لصرف تجمع المياه وعليه فقد أصيب بالصرع ومع الوقت زادت شدته لدرجة أنها كانت تمكث ما لا يقل عن 40 دقيقة إذا انتابتها حالة الصرع ومعها كان يتم علاجها بأدوية مخدرة شديدة وكنا بين نارين أما أن تصبح مع الوقت مدمنة لتناولها جرعات مكثفة من تلك الأدوية أونقلل من تلك الجرعات ونحاول أن نصل لحلول أخري وخضعت لعلاج مكثف وكانت تأتي نوبات الصرع ما لا يقل عن 3 مرات أسبوعياً وهي لم يتعد عمرها 3 سنوات وعندما هل عليها عامها السادس من عمرها صدمتها سيارة فكسرت حوضها وفخذها وتم ترقيع المثانة وركبت شريحة و6 مسامير في قدميها مما أدي لحدوث فرق بين طول قدميها لواحدة عن الأخري بمقدار 6 سنتمتر ولما أصبحت في الثالثة عشر من عمرها كنا قد اجرينا لها 5 عمليات جراحية في المخ لدرجة مما عانت ابنتى ألما بها طوال سنوات عمرها الأولي في الحياة كنت ادعو الله أن يخفف عنها الآلم أو يتوفاها حتي يرحمها من العذاب الذي تحيا به وفيه خاصة أن الله رزقنى بابنة اخري واسمها آمنة وكانت من غير ذوي الإعاقة وعافية البدن اراد الله أن يمنحني درساً في الحياة أنه لا اعتراض علي مشيئته فقد اختار آمنة إلى جواره أثر حادث آليم وعجائب القدر كانت وفاتها أمامي وكنت أحمل وقتها مريم علي كتفي وضمادات جراحات المخ تغطي جسدها النحيل وليس رأسها فقط وتنهمر الدموع علي خديها عندما تذكرت هذه المشهد وتتدخل مريم لتهدئ من روع والدتها بقولها والبسمة تكنس ملامح وجهها الملائكي وتحاول أن تخرج وأمها من هذه الحالة »فضحتني وأنا بطلة« كفاية كده وادخلي في البطولات اللي جبتها لمصر فما كان من والدتها إلا رسم البسمة علي ملامحها حتي تخرج من حالة ذكري المآسي التي تعرضت لها وتستطرد والدتها قائلة إن مريم لديها إعاقة ذهنية وأن عمرها العقلي متأخر بمقدار 9 سنوات عن سنها الحالي وكان لديها طاقة تجعلها تتحرك كثيراً لدرجة أنها تم نقلها لأكثر من مدرسة نظراً لعدم فهم البعض لحالتها إلي أن وصلت حالياً للمرحلة الاعدادية بنظام الدمج في إحدي مدارس التعليم العام ونصحها البعض بضرورة ممارستها للرياضة وبالفعل التحقت مريم بأحد النوادي مضيفة تدربت علي السباحة ولكن مع اللاعبين من غير ذوي الإعاقة وتعامل معها مدربها باستهتار بل تخطي ذلك وكان ينعتها بالمتخلفة الهابلة واشتكته للإدارة وفطنوا لحالتها وتم تدريبها مع اقرانها من ذوى الإعاقة ورشحها مدربها لخوض منافسات ألعاب القوي واشتركت في مسابقات 200 متر و800 متر فى العدو والوثب في غضون أيام قليلة من تدريبها وكان الهدف أكسابها حساسية المنافسات ولكن كانت النتيجة مذهلة حققت 3 ميداليات ذهبية في أول مشاركة لها وتغيرت نظرة النادى والمدربين لها فهي صائدة الذهب وأذهلت متابيعها لقدرتها الفائقة علي التألق لدرجة أنها في إحدى المنافسات اصيب بالغدة الناكفية صبيحة يوم مشاركتها في بطولة الجمهورية والطبيعى أن تعفى من المشاركة ولكن مع اصرار مدربها اشتركت وحصلت علي الميدالية الذهبية وبعدها ارادت ان تتعلم السباحة وكالعادة في أول مشاركتها في منافسات 25 مترا و50 مترا مرة في بطولة الجمهورية حصدت الذهب وتم ترشيحها للمشاركة فى الألعاب العالمية الأوليمبية بلوس أنجلوس العام الماضى وفي مسابقات غير التى تعودت المشاركة فيها وهي 100 متر و20 متر حرة و100 متر باك وحصدت الذهب في الأولي والفضة في الثانية والبرونز في الثالثة وهي أول مرة تشارك في هذه المسافات والادهش أنها لم تمارس فئة «الباك» في تدريبها للسباحة من قبل. وتشير إلي أن حظها وتوفقيها دائماً يأتي من ربنا علي الرغم من بعض المواقف التى صدفتها في هذه المسيرة الحافلة بحصد الميداليات أن مع كل صعوبات وعراقيل تضع أمام ابنتها من قبل البعض كانت تجتازها بل تحقق نتائج باهرة لدرجة أن أحد مدربيها طلب منها في إحدي المسابقات أن تكتفي بالحصول علي ميدالية ذهبية واحدة في المنافسات وتتبارى في المسابقات الأخري بصورة أقل كفاءة حتي تترك الميداليات الذهبية الأخرى لزميلاتها في الفريق وهو ما رفضته مريم ولأنها بطلة تمت دعوتها لحضورإفطار العائلة المصرية وجلوسها علي مائدة رئيس الجمهورية وتتدخل مريم بقولها «لما شفته رجلي كانت بتخبط في بعضها ونسيت كل الكلام اللي كنت عايزة أقوله وكان نفسى اقابله عندما عدت من لوس أنجلوس ومعي هذه الميداليات وسألني أثناء الإفطار بقوله أزيك عاملة أيه«. وتتمني مريم أن تحصد ميداليات أكثر وأكثر لمصر في كل المنافسات العالمية التي ستشارك فيها وأن يعاملها الناس معاملة طيبة ولائقة بإنسانة قبل أن تكون بطلة بدلاً من حالة الاستهزاء والسخرية التي ترآها من البعض. وتهوى مريم الرسم وتعشق أداء دور المدرسة مع نفسها وفي غرفتها حتي أنها تجلس الدمي والألعاب أمامها وكأنهم طلاب تلقي عليهم دروسها وتشغل أوقات فراغها بمشاهدة الكارتون والأغانى. وفي الختام ناشدت كريمة كمال والدة مريم وزارة التربية والتعليم والمنظومة كلها بالاهتمام بتفعيل وتطوير نظام الدمج التعليمي بدلاً من وجوده كحبر علي ورق وأن تقدم الدولة كل امكانياتها وأدواتها لتطوير قدرات هؤلاء الأبطال والحصول علي مراكز أعلي ومتقدمة في البطولات الدولية والعالمية.