تمر السنوات.. وتتساقط مثل أوراق الشجر.. ولكن لايبقي منها إلا الذكريات.. فما بالك وهذه الذكريات قد جمعتك بمن تحب.. فتكون الذكريات لها طعم ومذاق خاص.. وتزداد تلك الذكريات أهمية وقيمة اذا كانت مع راحل عزيز.. ورغم أن أغلبنا يفتح صندوق ذكريات مع الراحلين من وقت لآخر.. الا أنها مع الراحل الجنرال محمود الجوهري مفتوحة دائما.. فلا أحد ينساه كما ان مواقفه وانجازاته وبصماته لا تنسي. ورغم أن هذه الايام تمر الذكري الثالثة لرحيله.. الا أن الجوهري لم يغب ولو لحظة عن ذاكرة وقلوب من أحبوه وهم كثر.. زملاء دراسة وملاعب.. شركاء في العمل.. مدربون واداريون عملوا معه.. لاعبون والاهم من كل هؤلاء جماهير الكرة المصرية التي لم تنسي ولن تنسي الجوهري ولو للحظة واحدة.. فكيف يكون ذلك وهو الذي أوصل مصر لنهائيات كأس العالم 1990 بايطاليا.. (أخبار الرياضة) اختارت بعض رفقاء الراحل الكبير وجعلتهم يفتحون صناديق ذكرياتهم مع الجوهري في ذكري رحيله الثالثة.. المهندس سمير عدلي المدير الإداري للمنتخب الوطني هو الوحيد الذي احتفل بالذكري الثالثة لرحيل الجنرال بالذهاب إلي مقربته والجلوس إليه بعضا من الوقت.. جلس بقرب منه وتحدث إليه.. كما كان يتحدث إليه خلال رحلة صداقتهم الطويلة والتي أمتدت إلي 35 عاما. عندما لف الهدوء المنطقة المحيطة للمقبرة قام عدلي باصطحاب ايهاب الجندي إداري منتخب الشباب السابق وما أن وصل إلي مقبرة الجوهري حتي انعزل عن مرافقه وانعزل ايضا عن التربي المسئول عن المقبرة.. وظل جالسا صامتا.. مر في ذهنه شريط الذكريات وما جمعه بالراحل.. وقبل ان يترك عدلي المقبرة ويرحل التقط سيلفي مع الجوهري.. وما ان عاد إلي بيته حتي كتب علي صفحته علي الفيس بوك وداعا محمود الجوهري وكأنه رحل للتو وانه عاد من وداعه. يقول عدلي عن صديق رحلته الطويلة وعن صداقاته به.. وقد مرت ثلاث سنوات عن فراقهما.. »البداية كانت في النادي الأهلي ولمدة 4 سنوات من 1980 إلي، عندما عملا اداريا وكان الجوهري المدير الفني للاهلي 1984، وقد حصل الاهلي خلالها علي أول بطولة افريقية في تاريخه.. ثم انتقلت معه للعمل في المنتخب الوطني بداية من 1988 رحلنا وعدنا أربع مرات في تدريب الفريق القومي». رجل لن يتكرر محمد أبوالعز نجم الشواكيش والذي عمل لعامين كمدرب عام مع الجوهري من 1999: 2000 قال »اعتز كثيرا بتلك الفترة التي عملتها مع الرحل الكريم، فالجوهري رجل لن يعوض ولن يتكرر، فأهم شيء انه مدرب قدير يحترم الجهاز المعاون له، ولم يكن ديكاتور كما يشاع عنه، وللاسف هناك ناس حاولت أن توقع بينا، ولكنها لم تنجح، وكنا علي علاقة طيبة جدا». ويضيف أبوالعز »الذي رشحني للعمل مع الجوهري كمدرب عام هو اللواء حرب الدهشوري عندما كان رئيسا لاتحاد الكرة، واتذكر ان الدهشوري سأل هل اخترت ابوالعز من أجلي لانه ترسناوي، فضحك وهو يقول له هذا ليس الجوهري. ويقول أبوالعز لاخبار الرياضة »تعلمت من الجوهري الالتزام، كان دقيقا بشكل كبير ويحسب لكل شيء، عملت معه سنتين 99 حتي 2000 في تصفيات كأس العالم وللاسف لو لم يحدث تواطأ بين السنغال ونامبيا لكنا صعدنا للمونديال». ويضيف أبوالعز »عندما كنا كجهاز معاون وننفق علي شيء ونخرج أي رؤية من أي عضو من الجهاز يعمل بها من قلبه، كان أول من يحضر إلي المعسكر، وهو حالة تفكر دائما، وقد تعلم كثيرا من عمله مع الخبير الالماني كرامر، كله خير يقول فكري صالح مدرب حراس المرمي الذي عمل مع الجوهري.. ذكريات كثيرة جدا جمعتني بالكابتن الجوهري، ولن أتحدث عن ذكرياتي معه في الكرة، ولكن ما يهمني هو الحديث علي الجانب الانساني كان فعالا للخير، كان انسان بمعني الكلمة معلمي في الملعب والحياة، المساعدات الانسانية سمه خاصة له، وفي الاردن كان لايمر يوم دون دون مساعدة مصري كان عمدة المصريين بالاردن، كان يأتي إلينا كل صباح أنا وعلاء نبيل ويسألني من سيساهم اليوم فضحك قال وقال يا كابتن لو عملنا كده هانرج مصر من غير ملابس. ويروي فكري قصة حكم الكرة الذي سرقت أمواله فجاء الجوهري فقام بشراء تذكرة له وفي اليوم التالي جاء إليه وطلب فلوس لشراء هدايا. ويضيف صالح »عندما ذهبنا الاردن كان حراس المرمي قد تقدموا في السن الامر الذي دفع الامير علي بن الحسين يطلب من الجوهري علاج هذا الموقف، فكلفني بذلك وكان علي أبواب بطولة غرب اسيا في سوريا، 6 دول قوية، وكانت أول بطولة لنا بالاردن، فقمت بالمرور علي الاندية وجمعت 19 حارس مرمي واشتغلت معهم قبل البطولة طلبوا الاسماء لارسالها لسوريا، فقدمت له اسماء عامر شفيق ولوي العماري وحارس اخر، فطلب مني اثنين من الكبار فقلت له لن يصح لانني سوف العب بعامر شفيق، وتركني لكي أفكر، وقلت له لو اخذنا الحراس الكبار، فلن يلعب الصغار ولا يمكن ان يجلسوا احتياط، ولو اخذت الحراس الصغار لو أخفقوا، أول فشلوا سيتم التعاطف معاه، وبالفعل وثق في كلامي، فهذا يدل علي شخصية مميزة، وبالفعل لعبنا البطولة ورغم انه لم يكن هناك جائزة لاحسن حارس، الا أن شفيع حصل علي لقب أحسن البطولة رحمة الله عليك يا معلمي. تذكرته في أسبانيا رغم أن ذكري رحيل الجوهري صادفت يوم أداء الاهلي مباراته الودية أمام خيفاتي الاسباني.. الا أن فتحي مبروك المدير الفني للاهلي لم ينسي الجوهري تذكرة بينه وبين نفسه في اسبانيا ليلة المباراة.. وبعد عودته في اليوم التالي من اسبانيا قام بالاحتفال بذكري صديقة الراحل. كثيرة هي الذكريات التي تجمع بين مبروك والجوهري.. جلس إلي نفسه قليلا ثم قال الجوهري هو المدرب الوحيد الذي عمل في مهنة واحدة وهي كرة القدم، فالجميع كان له عمله الخاص، الا الجوهري كان يهتم بكرة القدم فقط ويعد من أفضل 12 مدربا في العالم، وأتذكر عندما تواجد المنتخب في بوركينا فاسو كان يعسكر في منطقة نائية، مما أشعر اللاعبين بحالة من القلق والتعب وأصبح السؤال الذي يتردد متي نرحل إلي مصر، ووقتها أجتماع الجوهري باللاعبين ليؤكد لهم انه لاتوجد تذاكر عودة إلا بعد انتهاء البطولة. يعود مبروك ليقول لاخبار الرياضة »لم يحدث مطلقا أن أختلف مع الجوهري فادئما ما كان يقال عنهما في وسائل الإعلام (التوينز)، وفي كل مرة كان يتولي فيها الجوهري قيادة المنتخب كان يستعين بي». ويضيف مبروك »من الذكريات التي تجمعنا اننا كنا نستقل حافلة المنتخب في طريقنا لخوض أحد التدريبات ومررنا بمنطقة مقابر، فإذا بالكابتن الجوهري ينظر ناحية المقابر قائلا »مفيش واحد جدع من الموتي يطلع يقوولنا إيه بيحصل معاه تحت »فانطلقت نوبة كبيرة من الضحك داخل السيارة، فلقد كان رحمة الله خفيف الظل». ويقول مبروك من الامور التي لايعرفها البعض بأن الجوهري كان يتفاءل برقم 13 وقبل مباراتنا مع الجزائر في 89 والتي تأهلنا من خلالها لكأس العالم وأثناء توجهنا لركوب أتوبيس الفريق وجدنا رقم لوحاته المعدنية 13 فتفائل الجوهري كثيرا بالفوز بالمباراة. ولازال مبروك يحتفظ بمجموعة من الأوراق التي صاغها الجوهري بخط يده تحتوي علي طريقة الاداء والتكتيك الذي كانت تلعب بها منتخبات هولندا وانجلترا وأيرلندا خلال وجودها مع منتخب مصر في مجموعة واحدة بكأس العالم بايطاليا عام 90. المعلم.. والجنرال يترحم المعلم حسن شحاتة المدير الفني للمقاولون علي الجوهري ويدعو له بالرحمة الواسعة مشيرا إلي بأنه قيمة كبيرة في كرة القدم خاصة والرياضة عامة، وأنه حقق انجازات كبيرة لم تتكرر، وأن الفترة التي كان فيها الجوهري مديرا فنيا لاتحاد الكرة وكان شحاتة مديرا فنيا لمنتخب مصر فلقد كان هناك تعاون دائم بينهما وأن الجوهري كان يداوم علي حضور اجتماعات الجهاز الفني وكان يبدي إضافاته ولمساته التي استفدنا منها كثيرا، كما استفدنا من أسلوبه المتميز في التدريب فقد كان الرحل ناصحا أمينا.