لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    غرفة شركات السياحة تكشف استعدداتها لموسم الحج    وزيرة التخطيط تبحث تعزيز الشراكات الاستثمارية بين مصر و قطر    وزير التموين: علينا الفخر بالصناعة المصرية.. وإنتاج السكر متميز    استطلاع: قلق بين الأمريكيين من تصاعد العنف السياسي بعد انتخابات ترامب ضد بايدن    الاتحاد الأوروبي ينتقد مناورات الصين واسعة النطاق قبالة تايوان    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الفيتو الأمريكي الحاجز الوحيد أمام حصولنا على العضوية الكاملة    موعد مباراة الزمالك المقبلة بعد التعادل مع مودرن فيوتشر في الدوري    تعليم الشرقية: تأجيل امتحان طالبة بالشهادة الإعدادية تعرضت لحادث سير    العثور على جثة متحللة لمسن في بورسعيد    نهى عابدين تعلق على نصيحة يحيى الفخراني لها بإنقاص وزنها: أنا مش رشيقة    دنيا سمير غانم «روكي الغلابة» وتتحدى بالبطولة السينمائية في مواجهة تايسون    الوجودية واختياراتنا في الحياة في عرض «سبع ليالي» ب مهرجان نوادي المسرح    "الصحة": اختتام ورشة عمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" بشرم الشيخ    محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    قرار قضائي جديد بشأن التحقيقات مع سائق «ميكروباص» معدية أبو غالب (القصة كاملة)    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها    عبير فؤاد تحذر مواليد 5 أبراج في شهر يونيو: أزمات مهنية ومشكلات عاطفية    انقطاع التيار الكهربائى عن بعض أقسام مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح    طلاب يتضامنون مع غزة من على متن سفينة إسرائيلية يحتجزها الحوثيون    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    توقع عقد تشغيل مصنع تدوير ومعالجة المخلفات بالمحلة    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    وزير النقل خلال زيارته لمصانع شركة كاف الإسبانية: تحديث وتطوير 22 قطارًا بالخط الأول للمترو    20 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة فاركو بالدوري المصري    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    خضراوات وفواكه يجب تناولها بعد التعرض لأشعة الشمس والحر، تمنحك الترطيب    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    فيديو.. ابنة قاسم سليماني تقدم خاتم والدها ليدفن مع جثمان وزير الخارجية الإيراني    رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير موقع التجلي الأعظم بسانت كاترين    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    وزارة التعليم: منع دخول طلاب الثانوية العامة لجان الامتحان بورقة بيضاء    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا.. والاحتلال يتحمل مسئولية إغلاقه    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمهورية رِشا

بالمناسبة، لا يوجد شيء في مصر دون "رشا"، رشا يرشو، رشوة، فهو راش، وكل أهل مصر، ومسؤوليها، بين راش ومرتش، بص يا سيدي، لا يوجد في مصر دولة، بالمعنى الخدمي، فكرة أننا قمنا بثورة لحماية الدولة المصرية، تبدو كوميدية، فقرة في مونولوج، مسرحية من شغل تياترو مصر، لزوم العرض ليومين، ثم البيع لقنوات السعودية، شيء من هذا القبيل، الجد، هو أننا قمنا بثورة لاستعادة الدولة المصرية، كلية، وإعادتها مرة أخرى للعساكر، أي لحمايتها من أن يخطفها فصيل آخر، فقد تعودنا، على الخطف الميري، والخاطف "اللي تعرفه" أحسن من الخاطف "اللي ما تعرفوش".
والسؤال: لو افترضنا جدلا، أن ثمة دولة مصرية، فهل يحتاج المصري إليها في شيء؟ الإجابة: لا، المصريون يعيشون هنا بفلوسهم، كل معاملاتهم مع الدولة يسبق رسومها ودمغاتها رسوم تحرك الموظف لأدائها، الدولة تعرف ذلك، وأحيانا "تفرش" له، بالقوانين التي تساعد على توفير البيئة المناسبة لإتمامه.
رخصة السيارة لا تمشي سوى بالرشوة، بعضهم يستخرجها دون أن يذهب إلى المرمر أصلا، لا يتم هذا الأمر في سرية، على العكس، على أبواب بعض فروع المرور، مرور فيصل نموذجا، يا للمفارقة، فيصل نسبة إلى الملك فيصل !!، ما علينا، هناك، يقابلك فريق "رشا" لتخليص الأوراق، على أبواب المرور، يقفون، ويصطادون زبائنهم تحت أعين الشرطة، على عينك يا تاجر، يخترقون طوابير المعدمين الذين لا يقوون على دفع "الفزيتا"، يتجاوزون الدور، وأحيانا، يتجاوزون الخطوط الحمراء، ويدخلون حيث لا يسمح بالدخول إلا للموظفين، يضعون الورق أمام الموظف المختص، في وضح النهار، لتخليصه قبل ورق الواقفين في أدوارهم، ثم يأخذونه لاستكمال بقية الاجراءات قبل أن يسلمونه إلى صاحبه الذي يشرب قهوته الصباحية على المقهى المواجه لإدارة المرور، يدفع ويستلم ويمشي، ببساطة، ودونما اعتراض من أحد.
حتى المواطنين الذين يقفون في طوابيرهم، وتشعل الشمس فروة رؤوسهم، أبدا، لا يبدون اعتراضا، فهم يعرفون القواعد، ولا داعي لافتعال الفضيلة، من كان معه، فليدفع ويرتاح، ومن ليس معه، فليتقبل ذل الدولة واهانتها لآدميته، ولو صرخت لليوم الثاني لن تلفت انتباه أحد، وربما قبضوا عليك بتهمة الرشوة !!!.
يحدث هذا في كل مؤسسات الدولة، وكل مستوياتها الإدارية، يحدث مع الموظف البسيط الذي يتقاضى أقل 1000 دولار في العام، راتبا من الحكومة، فيدعم دخله بالرشوة، كما يحدث مع كبار كبار المسؤولين الذين يصطافون على نفقة الدولة في أفخم المنتجعات السياحية، ويتقاضون بدلات الأعياد، والمواسم، وبدلات الثورات المضادة، والأحكام المسيسة، ويصل دخل الواحد منهم أحيانا إلى 100 ألف دولار في السنة، ويضاعف السيسي لمن يشاء !!!.
لقد استطاع الحكم العسكري أن ينقل الرشوة من كونها سلوك شائن يحاول صاحبه أن يسطو على حقوق الآخرين، إلى سلوك طبيعي، وواقعي للحصول على حقك، ثم إلى ثقافة، منهج حياة، صارت مكونا أصيلا في الشخصية المصرية، طابع، يتغلل في في المعتقدات الشعبية، حول الدين، والفن، والجنس، والحياة بتفاصيلها، فكل من يؤدي لك شيئا إنما يفعل مقابل ما يتقاضاه، حتى القبلة تطبعها الزوجة على خد زوجها، والابتسامة الصباحية، تنتظر، في بعض الطبقات والشرائح الاجتماعية، الثمن !!
يبدو القبض على وزير الزراعة، بعد تقديمه لاستقالته، واتهامه في قضايا فساد، بالتزامن مع القبض على حمدي الفخراني رئيس طابونة مكافحة مكافحي الفساد، بتهمة الرشوة، يبدو لي خبرا عبثيا، يبدو لي مثل رجل وقع في بالوعة، ثم خرج ليطمئن على ياقة قميصه دون غيرها، هل أصابها شيء، ينظر إليه الناس بوصفه مجنونا، أو ساخر رائع، يجيد تجاوز المعقول إلى اللا معقول جلبا لضحكات الآخرين.
ما الذي يعنيه القبض على أي مسؤول دون غيره من "كل" المسؤولين الباقين، الكبير والصغير، والبين بين، بتهمة "الرشوة" التي هي إيقاع الحياة اليومية المصرية، سوى رغبة القابض لممارسة بعض العبث، المرح، ليس مع المقبوض عليه، ولكن أمام المشاهدين، المتفرجين، هؤلاء الذين يريدون أي شيء يسليهم، ويدفع عنهم الملل، ذلك الذي لم يعد يغذيه نتائج المنتخب القومي لكرة القدم، وخناقات مرتضى وطاهر، وفضائح غرف نوم الأرتيست.
الملل الآن يصنع الثورات، يحتاج لكسر سمه، الإيهام بالمنجز، والتبشير الزائف بالمستقبل الذي يحمل الخير للجميع، إذا صبروا، حل مؤقت، كسب لمزيد من الوقت، تفريعة السويس ذهب مفعولها قبل الموعد المخطط له فيما يبدو، نحتاج إلى لقطة أقوى، يتقدم وزير الزراعة "الغشيم" باستقالته ليجد الشرطة في انتظاره على بعد خطوات من مجلس الوزراء، ومعهم الجماهير، والكاميرات، وكل لوازم "طهور" النظام، على حساب ركوب معاليه للحمار بالشقلوب.
يبدو السيسي رئيس عصابة غير مأمون، بلا كلمة، "مش جدع"، يضحي برجاله، وأدواته في ارتكاب جرائمه، ليرضي آخرين، يخشاهم، يستمر برجال جدد، ليس له عزيز، الجميع يذهب، فيما هو باق على جثث الجميع، يجد ما يقوله للناس، وما يقوله لرجاله، و ربما ما يقوله للمقبوض عليهم، المهم أن يخرج وحده دون خسائر، تحالفات تتفكك، وأخرى يتصورون بنائها، المهم أن يبقى السيسي، وكل من سواه لا يعني شيئا، القبض على الوزراء، رشوة الجنرال إلى الجماهير، هل تفلح؟ سنرى..
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.