نظم الصالون الإعلامي بالكويت ندوة بعنوان ما بعد الربيع العربي بحضور الدكتور شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ، والدكتور محسن باجنيد رئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية ، وأدار الندوة الإعلامى ماضى الخميس الأمين العام للملتقى الإعلامى العربى . وأكد الدكتور محسن باجنيد رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأمريكية على أن الربيع العربي لم يكتمل بعد وأنه مازال يحتاج إلى بعض الوقت، معربا عن تفاؤله الشديد بقدرة الربيع العربي على إزالة الديكتاتوريات العسكرية التي دمرت الاقتصاد العربي على مدى عقود. وشدد باجنيد على أن أهم مكسب من مكاسب هذا الربيع هو ظهور قيادات شابة في المشهد العربي ولكن الأهم هو العمل وفق أهداف استراتيجية محددة وعدم تكرار ما عانينا منه قبل الثورة وهو العمل بلا رؤية ولا أهداف، وأن التركيز على التعليم والبحث العلمي والاقتصاد أمر ضروري وحتمي، خصوصا وأن الحالة الاقتصادية خارج دول الخليج بالنسبة للعالم العربي كانت قد وصلت للحضيض رغم أن العالم العربي يتمتع بامكانيات بشرية وطبيعية ممتازة، مشددا على أهمية وجود تكامل اقتصادي عربي في ظل توجه العالم الآن إلى التكامل الاقتصادي بين الكتل الدولية المختلفة أنه لا مستقبل للعالم العربي بدون تكامل اقتصادي حقيقي بين دوله. من ناحية أخرى أشار باجنيد إلى أن الثروة البشرية التي يمتلكها العالم العربي تعتبر هي الأهم من عوامل النهوض الاقتصادي ثم يأتي بعدها جذب الاستثمارات الخارجية والبنية التحتية ومحاربة الفساد إضافة إلى التخطيط الاستراتيجي المحدد الأهداف ووجود إعلام حر وبنّاء ومراقبة الجودة وتشجيع المشروعات الصغيرة ومحاربة الاحتكار. ولفت باجنيد إلى أن الكثير من القرارات السياسية مبنية على قرارات ورؤى اقتصادية، ومازال العالم لم يتعاف من نكسته الاقتصادية ولم يخرج من الأزمة المالية بشكل كامل، مشيرا إلى أن دول الشرق الأقصى وأمريكا الجنوبية هم من سيقودون عملية النمو الاقتصادي العالمي على المدى الطويل. من جانبه أكد الدكتور شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت على أن تسمية “الربيع العربي” هي تسمية غربية في الأساس وأن الحقيقة هي أن العالم العربي يشهد سلسلة من الثورات لها أسبابها التاريخية المعروفة من ديكتاتورية في الحكم وقمع وقهر للحريات وجهل وفقر وخلافه. وأشار الغبرا على أن هذه الثورات العربية تأتي من خارج الأطر التقليدية المعروفة وأن العالم العربي يعيش لحظة ثورية لها تأثيرها على كل المجتمعات العربية، مؤكدا على أن مصر تمثل جزءا أساسيا وجوهريا من المشهد الثوري العربي بما لها من ثقل تاريخي وعمق سياسي واستراتيجي للمنطقة العربية. وحول نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية واختيار الدكتور محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر العربية قال الغبرا “لأول مرة هناك رئيس لا يخطئ في اللغة العربية ومعه دكتوراة في الهندسة ولا يرتدي الزي الكاكي وينتمي لروح هذه المنطقة، وكل هذه الأبعاد تتمثل في رئيس مدني متعلم مثقف أتى به الشعب المصري بإرادة حرة”. من جانب آخر طالب الغبرا بضرورة التمعن في المشهد السياسي المصري وتطوراته التي أتت برئيس من جماعة الإخوان المسلمين متسائلا: هل نحن أمام توطين الإخوان أو دمقرطة الحركة الاسلام السياسي في العالم العربي؟! حيث اعتبر الغبرا أنه في ظل هذا التغيير الكبير فإن هناك فرصة كبرى لتحقيق الديمقراطية بشكل حقيقي والتعلم من التجربة وتصحيح المسار، مشيرا غلى أن الثورة المصرية ألغت مسالة الحزب الطليعي الذي يسيطر على المشهد السياسي ولن يستطيع تيار أن يسيطر أو يحتكر في ظل كل هذا الحراك الذي يموج به الشارع السياسي المصري وفي ظل وجود هذا الجيل من الشباب. ولفت الغبرا إلى أننا نستطيع أن نقول بأن الوضع في العالم العربي هو عبارة عن ثورات تضع الأساس للانتقال نحو الديمقراطية، غلى أن ما يمكن تسميتهم بالحرس القديم مازالوا يرفضون هذا التحول الديمقراطي، والدليل على ذلك هو هذا الإعلام الدستوري المكمل الذي اصدره المجلس العسكري في مصر وحل البرلمان، كل هذه الخطوات وغيرها كثير تجسد حرص الحرس القديم على عدم رغبتهم في مغادرة السلطة. وشدد الغبرا على انه يجب أن يخضع الجيش للسلطة المدنية نه لا يمكن أن يحدث أي تحول ديمقراطي ابدا في دولة لا يخضع فيها العسكريين لسلطة المدنيين، والتحدي الأكبر للرئيس المصري هو علاج إشكالية العلاقة بين المدنيين والعسكريين ، وأن الجيش المصري قد حافظ على وحدة مصر أثناء الثورة وحقن الكثير من دماء المصريين ولا يمكن ابدا انكار ذلك ولكن في المقابل لا بد وأن يعرف الجنرالات متى يتوقفون، مؤكدا على أنه ستستمر الثورة والحركات الثورية من أجل إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وأن هناك يقين بان الثورة سوف تنتزع الصلاحيات من العسكر وتعطيها للرئيس المنتخب. وفيما يتعلق بالثورة السورية فقد اكد الغبرا على أن كل يوم يمر هناك مكاسب تحققها الثورة السورية، وواضح أن الثورة السورية تسيطر على عدة مناطق متفرقة وفي الأيام القادمة ستكون هناك قاعدة ثورية ترتكزعليها الثورة السورية، مع الوضع في الاعتبار التحركات والمواقف الدولية المختلفة إزاء ما يحدث في سوريا. وأكد الغبرا على أن الدول التي لم تشهد ثورات غلى الآن هي بين خيارين لا ثالث لهما إما الإصلاح أو الثورة ، وحول صعود تيار الإسلام السياسي في الدول التي شهدت ثورات قال الغبرا على أنه ليست هناك مشكلة في ذلك إذا لم يكن هناك احتكار للسلطة، فالمشكلة تقع عندما تحتكر السلطة وتقصي الآخر، وأن المنافسة السياسية تخرج افضل ما في الشعوب. وقد شهدت الندوة أيضا العديد من المداخلات التي تناولت جوانب مختلفة لحديث الضيفين، حيث كانت المداخلة الأولى حول التكامل الاقتصادي وإمكانية تحقيقه في ظل وجود قيادات سياسية لا تتمتع بالأفق السياسي المطلوب لتحقيق ذلك. وحول احتضان الأنظمة الديكتاتورية من قبل أمريكا والغرب والخوف من تكرار ذلك مع الاسلام السياسي أشار دكتور شفيق الغبرا إلى أن الغرب يتعامل مع الوقائع التي يشهدها عالمنا العربي، ونحن العرب قد حكمتنا الأنظمة العسكرية لفترة طويلة والغرب كان يتعامل مع هذه الأنظمة وفق ما تقتضيه مصالحهم، أما الآن فالكرة في ملعب الثورات العربية التي جاءت من العمق التاريخي العربي والغرب يتعامل معها مرحلة مرحلة والثورة المصرية دليل على ذلك.