القاهرة على خريطة الطاقة العالمية خبراء: الغاز المصري «بديل آمن» لأوروبا

أثبتت الحكومة المصرية قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية الناتجة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بفضل الرؤية الثاقبة والتخطيط الاستباقي فى إدارة موارد الطاقة، بما يضع مصر على خريطة الطاقة ضمن أهم الأطراف الفاعلة إقليميًا وعالميًا فى مواجهة أزمات الطاقة المتوقعة فى ظل العقوبات الدولية ضد روسيا، وهو ما ينعكس إيجابا على جميع مجالات الاقتصاد المصري، ويعزز من قدرة الدولة المصرية على مواجهة كافة التحديات الاقتصادية، فى مجالات الاقتصاد الأخرى المتوقع تأثرها بالتداعيات الاقتصادية المصاحبة للحرب الروسية الأوكرانية والتي تفرضها مستجدات الأوضاع الموجهة.
هذا ما اتفق عليه خبراء مصريون وأجانب فيما يتعلق بتأثير هذه المستجدات على مسيرة الاقتصاد المصري، والدور المرتقب للدولة المصرية فى مواجهة هذه التحديات، إقليميا، وعلى مستوى النشاط الاقتصادي الداخلي للدولة المصرية.
وأكد محللون وخبراء فى مجال الطاقة، أن أزمة نقص إمدادات الطاقة فى أوروبا نتيجة لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تتيح العديد من الفرص لوضع مصر على خريطة الطاقة الأوروبية، لتأمين احتياجاتها من الطاقة ممن يسهم فى جذب الاستثمارات العالمية فى مجالات الطاقة إلى السوق المصرية، مما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد المصري فى مواجهة التأثيرات السلبية للحرب.
ولفت الخبراء إلى إمكانية زيادة حصيلة تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى أوروبا على المدى المتوسط، فى ظل الدور الذي تلعبه القاهرة ضمن «منتدى غاز شرق المتوسط»، علاوة على الاستفادة من خطوط الأنابيب المزمع تدشينها لاحقا بين مصر من جهة، واليونان وقبرص من الجهة الأخرى، لزيادة الكميات التي يتم تصديرها إلى أوروبا لتأمين احتياجاتها من الطاقة .
قال دانيال ملحم أستاذ الاقتصاد فى جامعة باريس، إن مصر تمتلك الإمكانات اللازمة لتصبح أحد البدائل لسد احتياجات الطاقة فى أوروبا، لسد العجز فى مصادر الطاقة على مستوى القارة الأوروبية نتيجة لتداعيات الحرب فى أوكرانيا، مشددا على أن ذلك يأتي نتيجة للدور الهام والحيوي الذي تلعبه
ب «منتدى غاز شرق المتوسط».
فرص قوية
أوضح محمد كمال جبر الخبير الاقتصادي، أن مصر لديها فرص قوية لتصدير الغاز المسال خلال المرحلة المقبلة، لافتا إلى أنه من الممكن التعاون مع الدول الكبرى المنتجة للغاز للعمل على إعادة تسييله ومن ثم تصديره لأوروبا، فى ظل التطور الذي تشهده مصر للنهوض بقطاع الكهرباء والطاقة فى ظل الجهود المصرية لإقامة مركز إقليمي للطاقة فى الشرق الأوسط.
وأضاف كمال، أنّ مصر تشهد حاليا تصدير الغاز بالفعل إلى أوروبا ولكن فى نطاق معين، يضمن عدم التأثير على الاستهلاك المحلي.
زيادة الإنتاجية
وقال المهندس تامر أبو بكر، رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات المصرية، أن مصر تقوم حاليا بتصدير الغاز إلى أوروبا فى حدود الطاقة القصوى الحالية لوحدات الإسالة بإدكو ودمياط، وحتى لا يكون على حساب الاستهلاك المحلي، واستخدامات الدولة.
وأضاف أبو بكر، أنه من الممكن زيادة الإنتاجية عبر التنسيق والتعاون مع الدول الكبرى المنتجة للغاز فى المنطقة، على أن يتم إعادة تسييله وتصديره لأوروبا ضمن بدائل الغاز الروسي لأوروبا، لاسيما مع وجود وحدتي إسالة للغاز فى دمياط وإدكو، لافتا إلى أن مصر أصبحت مركز إقليميا للطاقة، وأنها على استعداد لاستقبال الغاز من الخارج لإعادة تصديره من جديد فى شكل غاز مسال، فى ظل جهود الدولة المصرية للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة بمنطقة شرق البحر المتوسط.
وأكد أن أنظار الأوروبيين تتجه ل «منتدى غاز شرق المتوسط» الذي تلعب فيه القاهرة دوراً محورياً، خصوصا مع تبنّيها مشاريع ضخمة بإسالة وتصدير مخزونها الهائل من الغاز المكتشف حديثا، مشيرا إلى أنه بالتوازي مع عملية نقل الغاز المصري لأوروبا بعد إسالته، هناك اتجاه لبناء خطوط أنابيب الغاز مع اليونان وقبرص.
جانب إيجابي
د. رشاد عبده الخبير الاقتصادي ورئيس منتدى الدراسات الاقتصادية، يرى أن الجانب الإيجابي من هذه الحرب هو أن مصر تُعَد من الدول المصدرة للغاز، مشيرًا إلى أنه فى ضوء ارتفاع الأسعار والذي قد يصل إلى 50%، يمثل الغاز عاملًا حيويا فى الحد من تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري.
ومن جانبه أكد عبد الباقي تركيا عضو لجنة الطاقة والبيئة بالبرلمان، أن الحكومة المصرية لديها رؤية ثاقبة فى احتواء أزمة ارتفاع أسعار الطاقة وعلى رأسها الغاز الطبيعي بشكل يدعم الاقتصاد القومي ويرفع معدلات النمو من خلال السير بخطى ثابتة فى خطة تصدير الغاز لكافة الأسواق العالمية، لافتا إلى أن الدولة المصرية لديها حلول بديلة فى مواجهة مثل هذا النوع من الأزمات العالمية.
زيادة استثمارات الطاقة بمصر
وأكد عضو لجنة الطاقة، أن ارتفاع أسعار الغاز على المستوى العالمي، يعزز فرص زيادة الاستثمارات العالمية فى مجالات الطاقة فى مصر وخاصة ما يتعلق بالغاز الطبيعي، وهو ما ينعكس بدوره ايجابيا على قدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة التحديات الناجمة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على المدى القصير والمتوسط.
ارتفاع أسعار مواد الطاقة بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية قد يعود بالنفع على مصر، حسب كلام السفير نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، مشيرًا إلى أنه من الممكن تصدير أكبر قدر من الغاز الطبيعي المصري.
وأضاف متحدث مجلس الوزراء، أنه يمكن الاستفادة من فارق السعر والعملة الصعبة، قائلًا: «سيكون ذلك تفكيرا اقتصاديا مميزا أن نصدر أكبر قدر من الغاز الطبيعي المتوافر فى مصر بعد مراعاة احتياجات المصانع واستخدام الطاقة البديلة».