أثبتت المرأة المصرية أنها شريك فاعل فى صنع تاريخ الأمة، فمنذ خروج المرأة للمرة الأولى فى ثورة 1919 للمطالبة باستقلال الوطن وسقوط أول شهيدة، ومرورًا بتأسيس أول اتحاد نسائى بقيادة هدى شعراوى عام 1923، وصدارة المرأة للمشهد السياسى فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وصولًا إلى نسبة 15% من التمثيل فى البرلمان عام 2015، رحلة كفاح ونضال استمرت على مدار 100 عام سطرت خلالها تاريخًا عظيمًا من الكفاح المشرف للحصول على حقوقها وحريتها، ويشهد لها التاريخ بدورها العظيم فى مساندة وطنها والدفاع عنه من أجل أمنه واستقراره. تاريخ المرأة تحت قبة البرلمان تجاوز الستين عامًا من الأداء السياسى المشرف، وجاء تعديل المادة 102 ليزيد من نسبة تمثيلها فى مجلس النواب إلى الربع، ويزيد من قدرتها على تغيير القوانين التى تميل إلى التمييز ضدها من أجل تمكين المرأة فى شتى المجالات، فقضايا المرأة هى قضايا المجتمع ككل وليس نصف المجتمع. وبعد صدور دستور 1956 فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر أصبح للمرأة ولأول مرة فى مصر حق التصويت والترشح فى الانتخابات البرلمانية، وبناء عليه رشحت راوية عطية نفسها لعضوية مجلس الأمة فى انتخابات 1957 عن محافظة القاهرة ونجحت فى الحصول على 110807 صوت ودخلت التاريخ باعتبارها أول امرأة مصرية وعربية تصبح عضوًا فى البرلمان. وكانت مصر أول بلد عربى يطبق نظام «الكوتا» وذلك فى عهد الرئيس عبد الناصر، وبموجب نص دستورى وأوجب التشريع المصرى نظام «كوتا» المرأة عام 1979 بتمثيل المرأة بحصة لا تقل عن 30 مقعدًا. وفى القائمة النسبية عام 1984 وصلت إلى 37 مقعدًا، وفى عام 2010 حصدت 64 مقعدًا، وفى عام 2012 – برلمان الإخوان – حصلت المرأة على 12 مقعدًا فقط، وتبلغ نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان الحالى 14.9% من إجمالى عدد المقاعد وتعد أكبر نسبة مشاركة للمرأة فى تاريخ الحياة النيابية المصرية، حيث ضم البرلمان فى عضويته 89 نائبة منهن 75 منتخبات و14 معينات. و«الكوتا» تعبير لاتينى يعنى نظاما انتخابيا يهدف لضمان حقوق الأقليات فى الانتخابات، وتشكل تدخلًا إيجابيًا لتحقيق المساواة والتقليل من التمييز بين فئات المجتمع. وتقضى «كوتا» المرأة بتخصيص عدد محدد من المقاعد فى المجالس البرلمانية للمرأة، وهناك دول عديدة فى العالم تعتمد هذا النظام، ففى إفريقيا «جنوب إفريقيا – رواندا – السنغال – غانا»، وفى أمريكا اللاتينية «البرازيل – الأرجنتين – المكسيك»، وفى أوروبا «إسبانيا – بلجيكا» وفى آسيا «باكستان – إندونيسيا – الفلبين». ورغم أن كل دول الشرق الأوسط سبق لها التوقيع على اتفاقية «سيدوا EdAW» ووثيقة بكين، إلا أن حضور المرأة لايزال محدودًا فى البرلمانات العربية. وطبقًا لوثيقة بكين التى وقعت عليها كل الدول العربية فمن المفترض أن يكون للمرأة نسبة 30% على الأقل من المقاعد البرلمانية فى الدول التى وقعت على الوثيقة. ولاشك أن التطور الذى تشهده حياة المرأة يجعل من نظام «الكوتا» خطوة ضرورية فى سبيل تمكينها من الوصول إلى مواقع صنع القرارات السياسية والاقتصادية لتتمكن من المشاركة فى صياغة قوانين تهدف إلى تنمية المجتمع الذى تشكل هى نصفه. وقد سجل التاريخ خلال مائة عام من نضال المرأة المصرية من أجل الحرية والمساواة والحق فى التعليم والعمل إنجازات مهمة فى مجال تمكين المرأة، وخاضت المرأة تجربة أن تكون قاضية وأن تكون محافظة وأن تكون وزيرة ونجحت بجدارة، وجاءت المادة «102» من التعديلات تتويجًا واستكمالًا لما حققته من نجاحات خلال مائة عام. ونصت المادة على أن «يشكل مجلس النواب من عدد لايقل عن 450 عضوًا، يُنتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر، على أن يخصص بما لايقل عن ربع عدد المقاعد للمرأة «أى نسبة 25% من عدد أعضاء البرلمان. د. مايا مرسى رئيس المجلس القومى للمرأة أكدت أن المرأة المصرية تعيش عصرًا ذهبيًا مشيرة إلى إقرار الرئيس عام المرأة واستراتيجية تمكين المرأة وتواجدها فى الخطاب السياسى. وأضافت خلال مشاركتها فى جلسة الحوار المجتمعى الثالثة فى مجلس النواب أن «التنمية التى لاتشارك فيها المرأة معرضة للخطر». وتابعت فى تعليقها على تعديل المادة 102 أن دستور 2014 صان للمرأة كل الحقوق والحريات وتكافؤ الفرص وغفل عن تحديد «كوتا» لها فى مجلس النواب واعتبرت أن التمثيل المناسب يعنى نصف عدد المقاعد، مؤكدة أن الهدف هو المناصفة وهو الحلم الذى ترغب المرأة فى تحقيقه. وأوضحت أن عدد الدول التى تطبق الكوتا بلغ 169 دولة، وأشارت إلى تجارب بعض الدول ومنها رواندا التى تجاوزت نسبة مقاعد المرأة 60% والإمارات التى أعلنت عن تخصيص 50% للمرأة. وكان المجلس القومى للمرأة قد نظم فعاليات حملة «صوتك لمصر بكرة» بجميع المحافظات وتضمنت طرق الأبواب بجميع قرى ونجوع مصر وعقد لقاءات جماهيرية وندوات توعية بضرورة مشاركة السيدات فى الاستفتاء. الحملة تضمنت عديد من الرسائل أهمها سمعى صوتك كونى إيجابية صوتك هيفرق فى حياتك وحياة أولادك.. ارسمى طريق لأحلامك.. كملى المشوار.. المعركة ما نتهتش مصر محتاجالك.. حكاية مصر أنت اللى بتكتبها. إن مشاركة السيدات بقوة فى الاستحقاقات السياسية السابقة وتصدرهن المشهد الانتخابى كان له أثر كبير فى إحداث التغيير، فالمرأة المصرية هى خط الدفاع الثالث للحفاظ على أمن واستقرار وسلامة الوطن، و«الكوتا» ليست منحة من أحد وإنما حق أصيل للمرأة، فتحديد «الكوتا» يضمن للمرأة المصرية تمثيلًا سياسيًا فى الدولة، ويضمن وجودها ومشاركتها فى صناعة القرار بعيدًا عن الأهواء. ويضمن وصول صوتها ومشاركتها بشكل فاعل ومؤثر فى بناء مصر. إن حصول المرأة على ربع مقاعد البرلمان هو عرفان وتقدير لدور المرأة، وفى واقع الأمر فإن المرأة تستحق أكثر من هذه النسبة بكثير.