تواجه المشاركة السياسية للمرأة المصرية تحديات صعبة، فرغم أن مصر كانت أول دولة فى العالم العربى تحصل فيها المرأة على حقوقها الانتخابية كاملة، من حيث حق الترشح والانتخاب على قدم المساواة مع الرجل، فإن مؤشرات التمثيل السياسى للمرأة المصرية فى جميع البرلمانات السابقة كانت ضعيفة للغاية، بل هى أقل نسبة تمثيل للمرأة فى البرلمان فى كل الدول العربية التى تجرى فيها الانتخابات باستثناء لبنان، مع ملاحظة أن العالم العربى يعانى من أقل نسبة تمثيل برلمانى للمرأة فى العالم (6.4%). وتعكس هذه النسبة المنخفضة بطء التقدم على صعيد التمثيل السياسى للمرأة، الأمر الذى جعل هناك حاجة ماسة إلى مجموعة من التدابير للتغلب على ضعف التمثيل النيابى للمرأة المصرية. أولها ضمان نسبة لا تقل عن الثلث فى البرلمان المقبل، فهو الوسيلة الوحيدة التى ستلزم الأحزاب بإشراك المرأة ودعم ثقافة المشاركة السياسية لديها، أيضاً العمل على تأهيل عناصر نسائية للمشاركة فى العمل السياسى والحوار مع الأحزاب لحثها على اكتشاف وتصعيد قيادات نسائية، فبعد ستين عاماً من الحصول على حق المشاركة وعشرات بل مئات الدورات التدريبية التى قدمتها الجمعيات الأهلية للمرأة نجدنا فى حاجة ماسة إلى انتهاج سياسة جديدة وهى التعلم بالممارسة. على الرغم من استقبال عام 2014 وسط حالة من الفرح للتخلص من النظام الإخوانى والاحتفاء بمشاركة المرأة فى هذا الحدث العظيم فإن الدعم السياسى للمرأة من القوى السياسية وصناع القرار لا يتعدى سوى الإعجاب بوقوفها فى طوابير الانتخاب أو الاستفتاء، وبالرغم من أنه لا توجد قيود دستورية، أو قانونية على مشاركة المرأة سياسياً فى الأحزاب والبرلمان والحكومة.. إلخ، حيث النظامان الدستورى، والقانونى المصريان يؤسسان للمواطنة والمساواة، فإن هناك فجوة بين قانون الدولة وقانون الأعراف والتقاليد فى مصر، تؤثر على مساحات مشاركة المرأة، ولكن القيود الثقيلة التى تحد من دور المرأة السياسى فى مصر ليست ناتجة فقط عن الأعراف والتقاليد بل يغذيها ويدعمها الصراع السياسى بين الجماعات السياسية المدنية والدينية فى المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية وحالة الوهن العامة لدى الأحزاب، ولذلك عمل المجتمع المدنى المصرى والمنظمات النسائية على المطالبة بتعديل قانون المشاركة السياسية، بما يضمن تمثيلاً عادلاً للمرأة قرابة العشرين عاماً الماضية، وقبل ثورة 25 يناير 2011 كللت هذه الجهود بالنجاح بتعديل أحكام قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 بإضافة 32 دائرة انتخابية يقتصر الترشح فيها على النساء فقط لمدة فصلين تشريعيين، أى عشر سنوات، وبناء على هذا التعديل تمت إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية لضمان تمثيل شامل للمرأة فى كافة محافظات الجمهورية، وقد اعتمد فى تطبيق نظام «الكوتا» هذا على التمثيل لا الترشح، بمعنى أنه حدد منذ البداية أن عدد النائبات فى البرلمان يمكن زيادته لا تقليله، ولم يتجه إلى «كوتا» الترشح عبر وضع المرأة فى مرتبة محددة فى قوائم المرشحين، ويرجع ذلك إلى رفض الأحزاب لل«كوتا» آنذاك وما زالت للآن. هذه «الكوتا» ساهمت فى نسبة تمثيل للمرأة 12% ولأن المرأة المصرية معنية بهموم الوطن لم تقبل أن تحصل على تمثيل أفضل فى ظل نظام لا يعمل لصالح الوطن وساهمت بقوة فى هدم هذا النظام بالاندفاع فى ميادين الثورة، فهل أخطأت التقدير وكان نظام مبارك أفضل للمرأة من النظام الحالى والأحزاب، وكان 64 مقعداً فى اليد خير من تسول حقها من الأحزاب؟! هذا ما ستكشف عنه الأيام وتعديلات قانون الانتخاب استعداداً للبرلمان.