هى الوزيرة والسفيرة والطبيبة وأستاذة الجامعة ولكنها ليست النائبة المنتخبة بإرادة الجماهير ذكورا وإناثا فعلى الرغم من إعطاء الدستور المصرى الصادر فى 1956 الحق للمرأة فى الانتخاب والترشح ودخول الحياة السياسية، وترك لها حرية اختيار الفكر السياسى الذى تتبناه وتدافع عنه، ولم تعد قادرة على اتهام القانون والدستور بإقصائها عن العمل السياسى إلا أن ظهورها وتفوقها بشكل حقيقى فى هذا المجال تأخر لأكثر من نصف قرن، فلا هى اقتحمت العمل النيابى بانتخابات حقيقية ولا برز دورها فى العمل الحزبى حتى الآن. «المرأة المصرية تبتعد عن العمل السياسى بإرادتها»، هكذا قالت الدكتورة درية شرف الدين، مؤكدة أن هناك ثقافة وافدة من الخارج لاتقبل بأن تقود المرأة سيارة، هى السبب وراء حصر دور المرأة فى المنزل وبالتالى لن يقبل بأن تكون رئيسة أو حتى نائبة تمثله، ولفتت إلى أنه بالإضافة إلى كون المعترك السياسى فى مصر صعباً وشاقاً على المرأة إلا أن هناك أسباباً قوية أبعدتها عن العمل فيه واقتحامه، على رأسها طبيعة العملية الانتخابية فى مصر وغياب النزاهة والشفافية الذى يؤدى إلى ذهاب الأصوات إلى من لا يستحق، وأشارت إلى أن المجتمع بات يعانى من تراجع شديد على كل الأصعدة، خاصة فيما يتعلق بالمرأة، مدللة على ذلك بظاهرة التحرش الجنسى، التى تعكس نظرة المجتمع الدونية للمرأة. وعلى الرغم من تولى المرأة المصرية المناصب الرفيعة فى الدولة فى الآونة الأخيرة وخروجها من شرنقة الشؤون الاجتماعية، إلا أن البارزات فى مجال العمل العام يؤكدن أنه مازال أمامهن الكثير من المعارك لتخوضها قبل أن تتحقق سياسيا. وأكدت مارجريت عازر، الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية، أن المرأة المصرية يؤخذ عليها أنها لم تتجرأ بعد على اقتحام العمل السياسى الملىء بالصراعات والأقاويل إلا أنها شددت على دور المجتمع والرجل غير المعتادين والمتقبلين لتواجدها على الساحة بشكل مؤثر حيث تقول: «مازال الرجل لا يقبل بالمرأة رئيسة ولا حتى شريكة». وتؤكد عازر أن تجربتها فى مجال العمل الحزبى كانت شاقة ولكنها قبلت التحدى وتقول: «استجابة العنصر النسائى للمشاركة فى العمل الحزبى والسياسى ضعيفة جدا وهناك معاناة شديدة لإقناع سيدة بالانضمام إلى الحزب»، وتقترح عازر حلا فى تطبيق نظام الكوتا الذى يفرض على المجتمع مشاركة المرأة ومن ثم تعويده ليتجرأ بعد ذلك على انتخابها بنفسه. ولأن التجارب تؤكد تراجع دور المرأة السياسى المهم الذى بدأته قبل سنوات طويلة عندما وقفت مطالبة بحقها فى المشاركة السياسية وقدمت أدوارا ونماذج قوية فرضت نفسها على الحركة السياسية المصرية، ففى ثورة 19 اقتحمت السيدات السفارة البريطانية وطالبن بالاستقلال وتزعمت المرأة المظاهرات للمطالبة بالحرية وظهرت صفية زغلول وهدى شعراوى وغيرهما ليندمجن فى النسيج السياسى وتظهر بعد ذلك جمعيات المرأة التى نادت بالمساواة والتى ما إن تحققت حتى بهت دور المرأة السياسى وغابت بشكل كبير عن الساحة. فمن جانبها، أكدت جورجيت قللينى أن المجال الوحيد الذى تتعرض فيه المرأة إلى ضغوط ومعوقات هو العمل السياسى لأنه لا يعتمد على الخبرة والدرجة العلمية والتفوق الدراسى الذى تتميز به المرأة المصرية ولكن يتوقف على قدرتها على اقتحام المناخ السياسى الملىء بالصعوبات، ولذلك فإن العمل النيابى على وجه التحديد مازال مغلقا فى وجه المرأة باستثناء ممر ضيق يمكنها المرور عبره هو التعيين. وتوضح قللينى أن تجربة الانتخابات هى تجربة قاسية وصعبة على المرأة المصرية لأنها تتطلب دخول المرأة إلى الحياة السياسية من باب الشعب الذى لا يقبل فى الوقت نفسه تمثيل المرأة له، وتقول: «الشارع الانتخابى فى مصر ضد المرأة لأنه ملىء بممارسات عنيفة يصعب عليها مواجهتها، وسلاح الشائعات الذى يستخدم ضدها إذا حاولت التحدى يقف عائقا مهماً أمامها لأن العيار اللى ما يصبش يدوش والمرأة فى مصر حريصة على عدم المساس بكرامة أسرتها». و تؤكد قللينى أنه على الرغم من كل المعوقات إلا أن دور المرأة فى الأحزاب مهم ومتميز، بدليل أنها تحمل على عاتقها معظم أعمال الحزب الذى تعمل به ولكن النزعة الذكورية تجعل رؤساء الأحزاب الرجال يهمشون دورها طوال الوقت.