أدى انتشار تعاطى وإدمان المخدرات لدى بعض العاملين بالهيئات الحكومية إلى الكثير من الكوارث والحوادث المروعة، كان آخرها حادث قطار محطة مصر، والذى أثبتت التحاليل الطبية أن سائق الجرار كان يعمل تحت تأثير المخدر، الأمر الذى أدى إلى وقوع الحادث البشع الذى راح ضحيته العشرات من المواطنين الأبرياء، وانطلاقا من مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة من تعاطى وإدمان عدد من العاملين بالدولة للمخدرات، فقد وجه الرئيس الحكومة بإصدار قانون يتيح إجراء تحليل للكشف عن تعاطى المخدرات بين الموظفين بالدولة وإنهاء خدمة كل من يثبت تعاطيه للمواد المخدرة، وعلى الفور بدأت الحكومة فى تنفيذ توجيهات الرئيس، وأعلن مجلس الوزراء موافقته مؤخرًا على مشروع قانون جديد يشترط مجموعة من الإجراءات لتعيين الموظف والتعامل معه حال ثبوت تعاطيه للمواد المخدرة وتمت إحالته إلى مجلس النواب استعدادًا لإقراره. «أكتوبر» تعرض تفاصيل مشروع القانون، وكيفية معاقبة الموظف الذى يثبت تعاطيه للمخدرات، ومدة استمرارها بجسم الإنسان وطرق العلاج منها فى السطور التالية.. في البداية وفى تصريح خاص ل «أكتوبر» قال المستشار نادر سعد المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء، إنه بعد موافقة المجلس على مشروع القانون أحيل إلى مجلس النواب لإقراره بصفة نهائية؛ وعن مدى قانونية الجهات التى بدأت تحليل المخدرات لموظفيها بالفعل أكد أن هذا الإجراء قانونى ومنصوص عليه من قبل فى قانون الخدمة المدنية وأن هذه الجهات تطبق القانون الحالى، مشيرًا إلى أن القانون الحالى ينص على فصل الموظف أو العامل الذى يثبت إدمانه للمخدرات عن طريق التحليل اللازم لذلك بينما المتعاطى فتطبق عليه إجراءات أخرى دون الفصل. وأوضح «سعد» أن القانون الجديد ينص على فصل المدمن والمتعاطى للمخدرات بقوة القانون، ولفت متحدث الوزراء إلى أن معامل وزارة الصحة المركزية هى الجهة التى ستتولى التحليل لجميع الجهات وأنه عند اعتراض الموظف على هذه النتيجة يتم عرضها على الطب الشرعى، أما عن تحليل المخدرات للمواطنين فى أكمنة الشرطة والذى أثير فى الفترة الماضية بعد موافقة الوزراء على القانون فأكد المستشار سعد أن هذا الإجراء موجود بالفعل فى القانون الجنائى وأنه فى حالة الاشتباه وملاحظة علامات السُكر على أحد المواطنين أثناء عبوره أحد الأكمنة فمن حق ضابط الكمين التحفظ عليه وتحويله إلى أحد مستشفيات وزارة الصحة لعمل التحليل اللازم وفى حالة إيجابية العينة فيتم تحويله إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده. فيما قال د.عادل عامر أستاذ القانون الجنائي إن موافقة مجلس الوزراء على مشروع القانون هى موافقة مبدئية وأنه لن يصبح القانون ساريا إلا بعد إصداره فى تشريع قانونى بصورة نهائية من قبل البرلمان ونشره فى الجريدة الرسمية، مشيرًا إلى أن مشروع القانون حدد الموظف العام وهو كل من يعمل بالجهاز الإدارى للدولة وشركات قطاع الأعمال العام وشركات القطاع العام وهم من سيطبق عليهم الالتزام بإجراء تحليل المخدرات وفى حالة إيجابية العينة فإن مشروع القانون ينص على التدرج فى العقوبة لكى لا يتم تشريد الأسر، ويعطى العامل فرصة للعلاج قبل أن يتم فصله نهائيًا، وهذا ما سوف تحدده اللائحة التنفيذية للقانون بعد إصداره بصفة نهائية. وعن الجهات التى قامت بإجراء تحليل مخدرات لموظفيها،أشار أستاذ القانون الجنائي إلى أن مصر بها 52 هيئة غير خاضعة لقانون الخدمة المدنية، ولها قوانين ولوائح خاصة وقد أصدرت مجالس إدارات هذه الهيئات قرارات من مجالس إدارتها بتعديل اللائحة التنفيذية والتى نصت على إجراء تحليل المخدرات لموظفيها وعمالها وفصل كل من يثبت تعاطيه للمواد المخدرة، مؤكدًا أن هذا الإجراء قانونى 100%. فيما أكدت د.راندا وسلى حبيب استشارى الأمراض النفسية وعلاج الإدمان أن استمرار وجود المواد المخدرة بجسم الإنسان يتوقف على ثلاثة عوامل وهى نوع المخدر ومدة التعاطى وكمية المخدر، مشيرة إلى أن التحاليل التى يتم إجراؤها سواء فى الأكمنة المرورية أو أى جهة أخرى هى تحاليل بول لأننا لا يوجد لدينا سوى معملين فى القاهرة فقط يقومان بعمل تحليل المخدرات بالدم، فقد يوجد بها أجهزة دقيقة وسعرها مرتفع للغاية. وقالت د. راندا إن استمرار المخدر بالجسم مرتبط بالكمية وبتكوينه الجسمانى، حيث إن المخدر يستمر لفترة أكبر فى الجسم السمين عن النحيف لأن الدهون تساعد على استمرار مخدر الحشيش لوقت أطول، بالإضافة إلى كفاءة أجهزة الجسم عندما تعمل بصورة طبيعية فإنها تساعد على التخلص من أثر المخدر فى وقت أقل عكس الإنسان الذى لديه خلل بالكبد أو الكلى. وعن مدة بقاء المخدر فى الجسم أوضحت استشارى علاج الإدمان أن الحشيش يستمر أثره فى الجسم لمدة 60 يومًا، أما الترامادول فيستمر من 7 إلى 10 أيام فيما يستمر الكوكايين من 3 إلى 5 أيام والأفيون من يومين إلى 7 أيام، والبانجو من 7 إلى ثلاثين يومًا، أما أدوية لاريكا وليرولين فهما من المسكنات القوية فتستمر آثارها من يومين إلى 5 أيام، لافتة إلى أنه يجب أن تأخذ فى الاعتبار الجهات التى تقوم بعمل تحليل المخدرات سواء الأكمنة المرورية أو الشركات والهيئات أن بعض الأدوية التى يمكن أن يستخدمها أى شخص مثل اللاريكا والليرولين وهما من المسكنات القوية، بالإضافة إلى أقراص البرد كولجسيتان وأقراص الحساسية أناللرج وأى علاج به مادة ديكلفونات صوديوم أو ديكلفونات بوتاسيوم يجب الأخذ فى الاعتبار أن كل هذه الأدوية يمكن أن تعطى نتيجة إيجابية عند تحليل المخدرات. وعن طرق العلاج من الإدمان، أوضحت أن العلاج ينقسم إلى شقين، الأول وهو العلاج الدوائى وما يسمى بأعراض الانسحاب وهو عبارة عن روشتة يأخذها المريض إما فى المنزل أو يتم حجزه فى مصحة لعلاج الإدمان ومدتها 15 يومًا ويفضل طبيًا حجزه لأن أعراض الانسحاب تكون أخطر مراحل العلاج ثم الشق الثانى السلوكى وهو عبارة عن برنامج يسمى «زمالة المدمنين المجهولين» ومدته تتراوح من 3 إلى 6 شهور يؤهل المريض لعدم العودة مرة أخرى للإدمان ويتم داخل أماكن تسمى «الريهاب»، ولفتت د. راندا إلى أن عدد المراكز الحكومية 14 مركز صحة نفسية تقع تحت مظلة الأمانة العامة للصحة النفسية ولها خط ساخن يتم من خلاله تحويل المريض إلى أقرب مكان لمحل سكنه يتوافر بها العلاج الدوائى فقط ولا يتوافر بها العلاج السلوكى المتوافر فى المراكز الخاصة لعلاج الإدمان. وعن لجوء بعض السائقين إلى بعض الحيل ظنًا منهم أنها ستؤدى إلى إخفاء أثر المخدرات فى الجسم، أبرزها تناول حبوب «منع الحمل» أوضحت أن تناول مثل هذه الحبوب كارثى ولا يخفى أثر الحشيش وأنه يؤدى إلى تكسير هرمون الذكورة لديهم، مشيرة إلى أن الهرمونات موجودة فى جسم الإنسان بنسب معينة بمعنى أنه تزداد نسبة هرمون على حساب قلة هرمون آخر حتى يبقى الميزان معتدلا، فبتناول الرجل لمثل هذه الحبوب فإن المادة الفعّالة بها تقوده إلى قلق فى هرمون الذكورة أو فى إفراز الغدة الدرقية بالإضافة إلى تسببها فى ارتفاع ضغط الدم. ومن جانبه، قال محمود صالح عضو المكتب الفنى لمكافحة الإدمان بوزارة التضامن الاجتماعى، إن إجراء تحليل تعاطى المخدرات يستهدف كل العاملين بالجهاز الإدارى للدولة وإنها تتم على عدة مراحل، مؤكدًا أن المرحلة الأولى تستهدف الجهات التى تتعامل مع المواطنين بصورة مباشرة منها الجهات والمصالح الحكومية الخدمية وسائقو حافلات المدارس وسائقو القطارات وعمال التحويلة، مشيرًا إلى أن الحملات التى تشنها الوزارة مفاجئة وعشوائية، موضحًا أنه إذا تقدم الموظف أو العامل متعاطى المخدرات بطلب للعلاج إلى الوزارة فهذا يحميه من الإجراءات العقابية التى ستقع عليه إذا ثبت من خلال التحليل تعاطيه للمخدرات، حيث سيتم التعامل معه كمريض وله كل الحقوق حتى يتم الانتهاء من علاجه، لافتًا إلى أنه تم الإعلان عن الخط الساخن برقم 16023 لصندوق علاج ومكافحة الإدمان بهدف علاج كل من يتقدم للعلاج على الفور فى سرية تامة. مشيرًا إلى أن وزارة التضامن منذ توجيهات الرئيس بإصدار قانون يقضى بفصل أى موظف يثبت تعاطيه للمخدرات استقبلت الوزارة نحو 3000 طلب علاج من قبل موظفين فى الجهاز الإدارى للدولة، مؤكدًا أن كل بياناتهم تخضع للسرية التامة. ووفقًا لمشروع القانون الذى وافق عليه مجلس الوزراء مؤخرًا فإنه يتعين إجراء التحليل بصورة مفاجئة من خلال الجهات المختصة طبقا لخطة سنوية تعدها هذه الجهات ويكون التحليل فى هذه الحالة تحليلا استدلاليًا وذلك بالحصول على عينة من الموظف أو العامل وإجراء التحليل فى حضوره وفى حالة إيجابية العينة يتم تحريزها واتخاذ الإجراءات القانونية التى تحددها اللائحة التنفيذية للقانون، ومن أهم بنود مشروع القانون أن يتم إجراء تحليل المخدرات قبل الالتحاق بالعمل وعند الترقية أو شغل الوظائف القيادية أو تجديد التعيين ويتم إجراء التحليل بشكل مفاجئ ويجوز للعامل الاحتكام للطب الشرعى على نفقته لإعادة التحليل، وفى حالة إيجابية العينة يتم تحريزها وإنهاء خدمة العامل بقوة القانون على أن تحدد اللائحة التنفيذية إجراءات إنهاء الخدمة وحقوق العامل، كذلك إنهاء خدمة من يثبت امتناعه عن إجراء التحليل أو التهرب منها بغير عذر مقبول، كما يعاقب من يسمح متعمدًا بتعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو استمرار من ثبت تعاطيه المخدرات بالحبس والغرامة ويعاقب أيضا من يتعمد الغش فى إجراء التحاليل أو يدلى بنتيجة مخالفة للواقع بالسجن، على أن تمنح وزارة التضامن فرصة للمتعاطين للعلاج المبكر فى سرية تامة.