بعد أقل من شهر عقب توليه الرئاسة فى أمريكا وجّه ترامب تصريحات حادة إلى طهران قائلاً: «إيران تلعب بالنار والإيرانيون لا يقدرون كم كان أوباما طيبًا معهم أما أنا فلست مثله». وحتى الآن يواصل الإيرانيون اللعب بالنار، ما جعل المنطقة تقف على حافة حرب قد تكون الأخطر فى تاريخها، فمخطط الحرب وتحالفاتها قارب من الاكتمال بهدف ضرب القوة الإيرانية وقطع أذرعها الممتدة فى العراق واليمن ولبنان وسوريا. شهد ريف حماة وريف حلب الشرقى انفجارات قوية وحرائق هائلة مساء الأحد الماضى، اختلفت وسائل الإعلام حول سببها، حيث رجّح بعضها أنه بسبب انفجار ذخائر، وأصرت أخرى على أنها ناجمة عن صواريخ مجهولة.. بينما نقلت صحيفة «تشرين» أن الهجوم انطلق من قواعد أمريكية وبريطانية فى شمال الأردن، وهو ما نفته الأردن، كما نفت مصادر أمريكية قيام الولاياتالمتحدة أو قوات التحالف الدولى بقصف أى مواقع عسكرية تابعة للجيش السورى مساء الأحد الماضى. الهجوم الذى استهدف مستودع للذخيرة تابع للواء 47 للجيش السورى فى ريف حماة قامت به صواريخ أريحا الإسرائيلية، ما أدى لمقتل 40 بينهم 18 إيرانيًا. الهدف الرئيسى للهجوم كان منصات صواريخ سكود إيرانية الصنع، وكالات الأنباء الإيرانية نفت سقوط إيرانيين فى الهجوم، بينما ذكرت وكالة «إيسنا» سقوط 18 ثم تراجعت عن الخبر. تقارير أمريكية ذكرت أن الهجوم دمر أكثر من 200 صاروخ كانت فى مستودع الذخيرة، هجوم حماة يعتبر ثالث مواجهة إسرائيلية – إيرانية على الأرض السورية، بعد ضرب مطار «T4» فى محافظة حمص مرتين فى فبراير وأبريل الماضيين. ويظل الرد الإيرانى مجرد تصريحات إعلامية وتهديدات لا تجد لها سبيلا على أرض الواقع!! كما شهد الأسبوع الماضى أيضًا إعلان نتنياهو عن كشف إسرائيل عن 55 ألف ملف تحتوى على معلومات بشأن البرنامج النووى الإيرانى، وأن إيران أخفت العديد من الوثائق التى احتوت على معلومات عن تطوير ما يعادل 5 قنابل مثل قنبلة هيروشيما ووضعها فى صواريخ باليستية. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد كشفت تفاصيل العملية التى نفذها «الموساد» للحصول على الوثائق التى ذكر نتنياهو أنها تثبت كذب طهران بشأن برنامجها النووى، وذكرت الصحيفة أن «الموساد» اكتشف فى فبراير 2016 مستودعًا سريًا فى طهران كان يستخدم لتخزين ملفات خاصة ببرنامج إيران النووى وقامت بمراقبة المبنى منذ ذلك الحين. واقتحم عملاء «الموساد» المبنى فى يناير الماضى وسحبوا الوثائق الأصلية ونقلوها إلى إسرائيل فى نفس الليلة، وأرجع يوسى كوهين رئيس الموساد التأخير فى الإعلان عن محتوى الوثائق أن تحليل الوثائق التى كان معظمها باللغة الفارسية واستغرق قدرًا من الوقت. وأعلن نتنياهو أن العملاء استولوا على نصف طن من الملفات، هذا وستنظر الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى اتهام إسرائيل لإيران بالاستمرار سرًا فى خططها النووية، وستطلع الوكالة على المعلومات التى تعتمد إسرائيل عليها فى اتهاماتها ضد إيران. وفى أول جولة شرق أوسطية له تبنى وزير الخارجية الأمريكى الجديد مايك بومبيو لهجة تصعيد ضد طهران مؤكدًا أن الرئيس ترامب سينسحب من الاتفاق النووى مع إيران إذا لم يتم تعديله. وأضاف بومبيو أنه يجب معالجة مجموعة كاملة من التهديدات، بما فى ذلك نظام الصواريخ الإيرانية ودعم الجماعات المسلحة فى سوريا ولبنان واليمن، وسيحدد الرئيس ترامب السبت القادم موقفه من الاتفاق النووى مع إيران والذى يتراوح بين التعديل أو الانسحاب. وكانت الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن إضافة لألمانيا أبرمت فى 2015 اتفاقًا نوويًا مع إيران، يُلزم الأخيرة بتقليص أجزاء من برنامجها النووى بشكل كبير حتى عام 2025 وذلك بهدف منعها من تطوير أسلحة نووية وذلك مقابل إنهاء العقوبات الدولية المفروضة عليها. ورغم مرور مراحل طويلة من تأزم العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران كانت فيها نذر الحرب واضحة قوية، لكنها لم تكن أقوى من الفترة الحالية.. فهناك قناعة أمريكية بأن إيران ماتزال الراعى الأكبر للميلشيات الإرهابية، والتى نجحت فى نشرها على مستوى الشرق الأوسط لتحقيق أهدافها فى نشر الفوضى والطائفية والتطرف لإضعاف خصومها وبسط سيطرتها. وتعتبر أمريكا أن إيران أساءت فهم الاتفاق النووى، لأنها تنتهك القرارات الدولية وتعزز نفوذها عبر دعم وكلائها فى المنطقة، ولا تركز واشنطن فقط على برنامج إيران النووى وإنما على برنامجها الصاروخى. وإيران تعلم جيدًا أنها لن تتمكن من مهاجمة الأراضى الأمريكية، وأمريكا تعلم جيدًا أن إيران تستطيع مهاجمة إسرائيل والسعودية وبقية دول الخليج وهو مالن تسمح به أمريكا، وتعلم إيران أيضًا أن أمريكا قادرة على دك القواعد والمطارات بل والمدن وسائر البنية التحتية الإيرانية. وقد تقبل إيران بتعديل بعض بنود الاتفاق النووى استجابة للضغوط الأمريكية لنزع فتيل الحرب.. هذا ما ستفعله إيران، فالإيرانيون يجيدون فن التراجع فى الأزمات، ويتنازلون لمن هو أقوى منهم، وإن كانت تصريحاتهم الإعلامية تقول عكس ذلك، فهم يعلمون أن ترامب مختلف عن أوباما، ولا شك أن مصير صدام حسين الذى استخف بقوة أمريكا مازال ماثلاً أمام ملالى طهران.