خطوة ناجحة اتخذتها مصر نحو العمق الأفريقى بعد تواجد الرئيس عبد الفتاح السيسى على رأس الوفد المشارك فى قمة الاتحاد الأفريقى ال 26 التى انعقدت فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا على مدار يومين فى 30 و 31 يناير الماضى، حيث أقرت القمة مبادرتى مصر الخاصتين بالتوسع فى استخدام الطاقة المتجددة فى دول القارة السمراء وتمويل جهودها لتتأقلم مع التغيرات المناخية والحد من ارتفاع درجة الحرارة على الأرض، بالإضافة إلى إقرار عضوية مصر فى مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقى، وقد أجرى الرئيس السيسى خلال تواجده فى القمة عددًا من اللقاءات المهمة والناجحة مع القادة الأفارقة المشاركين حيث أجرى مباحثات مع رؤساء نيجيريا والسودان وجنوب أفريقيا وكينيا ونائب رئيس بورندى ورئيس وزراء إثيوبيا وسكرتير عام الأممالمتحدة ورئيس البنك الأفريقى للتنمية. التقى الرئيس السيسى عقب وصوله الرئيس التشادى إدريس جيبى ورئيسة موروشيوس أمينة غريب فقيم، ثم شارك فى اجتماع لرؤساء دول وحكومات ووفود 53 دولة من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى، دعا إليه رئيس غينيا الاستوائية أوبيانج نجيما، بصفته رئيس مجلس السلم والأمن الأفريقى لبحث قضايا التعاون الأفريقى فى مجالات حل المنازعات بالوسائل السلمية، وتحقيق الاستقرار والأمن ومكافحة الإرهاب، لا سيما بعد أن تعاظم وجوده وممارساته فى منطقة وسط غرب أفريقيا، وكذلك بحث قضية جنوب السودان على ضوء التطورات الأخيرة التى تشهدها البلاد. وعقب ذلك شارك الرئيس السيسى فى اجتماع اقتصر على رؤساء دول وحكومات الخمس عشرة دولة الأعضاء فى مجلس السلم والأمن الأفريقى، لمناقشة تطورات الأوضاع فى بوروندى.. وقد اكتسب هذا الاجتماع أهمية كبيرة لا سيما بعد انضمام مصر إلى عضوية المجلس، وسوف تبدأ مهام عضويتها اعتبارًا من أبريل المقبل. وقد أكد الرئيس خلال مناقشة المجلس جهود مكافحة الإرهاب، ضرورة تعزيز برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتمكين الشباب وتوفير فرص عمل لهم درءًا لمخاطر استقطابهم من جانب الفكر المتطرف. كما أكد دعم مصر لجنوب السودان والتواصل مع جميع الأطراف بهدف دعم جهود التسوية السلمية هناك. وشارك الرئيس فى الجلسة المغلقة التى سبقت الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية، التى شارك فيها رؤساء دول وحكومات دول القارة، لتحديد جدول أعمال مؤتمر القمة فى صورته الأخيرة، ومناقشة قضايا تمويل أنشطة الاتحاد الأفريقى، وتعد مصر من أكبر الممولين للاتحاد بين الدول الأعضاء، كما بحثت الجلسة المغلقة - التى شارك فيها رئيس كل دولة ووزير خارجيتها فقط - موضوعات الحوكمة والحكم الرشيد. وقد انطلقت الجلسة الافتتاحية للقمة بكلمة من رئيس زيمبابوى روبرت موجابى، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقى، والذى سلم بعدها الرئاسة إلى نظيره التشادى إدريس ديبى. واستهل القادة الأفارقة اجتماعات اليوم الثانى للقمة، بعقد جلسة مغلقة لمناقشة 6 موضوعات تحدث فيها 6 رؤساء، وكان الرئيس السيسى أول المتحدثين، وقام بعرض تقرير إلى القمة بصفته رئيسا للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وتناول خلاله نتائج قمة باريس لتغير المناخ التى عقدت فى ديسمبر الماضى، والجهود التى بذلتها مصر فى إطار قيامها بالتفاوض نيابةً عن أفريقيا فى قمة باريس. وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن القارة الأفريقية نجحت فى أن يأخذ اتفاق باريس بشأن تغير المناخ بعين الاعتبار الشواغل الأفريقية واستجاب للعديد منها، مشيرًا إلى أن الجزء الخاص بالحد من الانبعاثات عكس التباين فى الإجراءات بين الدول المتقدمة والدول النامية ولم يضع الجانبين على قدم المساواة مثلما كانت تدفع بذلك الدول المتقدمة. وأضاف الرئيس - فى البيان الذى ألقاه أمام الجلسة المغلقة للقمة - أن الاتفاق الذى تم فى قمة باريس أكد التزام الدول المتقدمة بتوفير التمويل للدول النامية، كما شدد على التزامها بتوفير مبلغ 100 مليار دولار بحلول عام 2020، سواء لصندوق المناخ الأخضر، أو من خلال غيره من الأطر الثنائية والإقليمية ومتعددة الأطراف، والعمل على زيادة هذا التمويل اعتبارًا من عام 2025. وأكد الرئيس أن البت فى فعالية ما تم التوصل إليه فى اتفاق باريس بالنسبة لأفريقيا سيتوقف على ما إذا كان سيتم تنفيذ ما تضمنه الاتفاق من التزامات وتعهدات بشكل أمين شأنه فى ذلك شأن جميع الاتفاقات والقرارات السابقة فى إطار مسار مفاوضات تغير المناخ التى كانت دومًا تصطدم بعقبة ترجمتها على أرض الواقع. وأشار أيضًا إلى أن المبادرتين الأفريقيتين المتعلقتين بالتكيف المناخى والطاقة المتجددة، واللتين طرحهما فى باريس بصفته رئيس لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ، قد حظيتا باهتمام واسع من قبل المشاركين ووسائل الإعلام، لا سيما مبادرة الطاقة المتجددة التى أعلنت مجموعة الدول السبع الصناعية ودول مجموعة العشرين عن دعمها لها، وتعهد عدد من الشركاء بتخصيص 10 مليارات دولار لدعم تنفيذها بحلول عام 2020. وشدد الرئيس على أهمية استثمار العمل الأفريقى المشترك من أجل تعزيز جهودنا استنادًا إلى موقف أفريقى موحد فى مواجهة التحديات التى تفرضها التغيرات المناخية، والعمل على تعظيم قدراتنا فى التعامل معها، والتى يتصدرها تحقيق التوازن بين توفير المياه والطاقة والغذاء وتحقيق التنمية والقضاء على الفقر.. وأكد أن ما تحمله ظاهرة التغيرات المناخية من تحديات يأتى بمردود إيجابى على صعيد تعزيز العمل الأفريقى المشترك وتقريب المسافات بيننا، حيث نجابه تحديات مشتركة وتجمعنا قارة واحدة نحرص على رخائها وازدهار شعوبها. وقد التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى برئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ميريام ديسالين وارتكز اللقاء على العلاقات الثنائية وتفعيل اللجنة العليا الثنائية المشتركة، وزيادة الاستثمارات المصرية فى إثيوبيا، كما ركّز على الطبيعة الاستراتيجية للعلاقة، وتناول اللقاء أيضا التحديات الإقليمية الكبرى التى تواجه البلدين والمنطقة، وعلى رأسها خطر الإرهاب. وبحث الرئيس السيسى أيضا مع ديسالين ملف مياه النيل والتزام الطرفين بالبرنامج الإطارى لإعلان الخرطوم وتنفيذه الكامل وبُحسن نية والعمل على تخطى أية عقبات قد تطرأ على هذا المسار المتصل بالتعاون. وقد أكد ديسالين تفهمه الكامل لما تمثله مياه النيل للمصريين باعتبارها شريان الحياة لمصر، فى الوقت الذى أكد فيه الرئيس السيسى من جانبه تفهمه الكامل لحق إثيوبيا فى التنمية. وتم خلال اللقاء الاتفاق على تفعيل اللجنة العليا الثلاثية المشتركة بين مصر وإثيوبيا والسودان، مشيرًا إلى أن هناك تشاورًا بين الأطراف الثلاثة لتحديد موعد ومكان انعقادها. وقد قبل ديسالين دعوة الرئيس السيسى لحضور منتدى الاستثمار فى أفريقيا، الذى سوف تستضيفه مصر بمدينة شرم الشيخ يومى 21 و22 فبراير الجارى، حيث إن مشاركة رئيس الوزراء الإثيوبى لمصر فرصة للتواصل مع المستثمرين المصريين والتعرف على رؤيتهم، لتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات المصرية لإثيوبيا.. خاصة وأن مصر تسعى لتحقيق المصالح بشكل متكافئ، وإقامة علاقات بشكل متبادل. كما التقى الرئيس السيسى مع نظيره السودانى عمر البشير، وشهد اللقاء حوارًا استراتيجيًا على مستوى القيادتين حول القضايا المطروحة على أجندة العلاقات الثنائية، والأوضاع الإقليمية وأهمية السير فى اتجاه إقامة علاقات تضامن وتواصل واستمرارية دون تذبذب خارج المسار الطبيعى للعلاقة بين البلدين بما يرقى بالعلاقة المميزة بين الشعبين. ووجه الرئيسان الوزراء المعنيين بالتعاون الثنائى فى جميع المجالات للتنسيق الوثيق تحضيرًا لانعقاد اللجنة العليا المشتركة المصرية.. السودانية من أجل تعاون مثمر يتضمن تعزيز الروابط التجارية وتنفيذ مشروعات استراتيجية فى مجالات الأمن الغذائى كمسار يجب التركيز عليه فى الفترة المقبلة. أما لقاء الرئيس السيسى مع الرئيس الكينى فقد تناول القضايا الإقليمية، وقد قبل الرئيس الكينى دعوة الرئيس السيسى للمشاركة فى مؤتمر شرم الشيخ. فى حين ركّز لقاء الرئيس السيسى مع رئيس جنوب أفريقيا على العلاقات الثنائية، كما تناول القضايا الأفريقية والتحديات التى تواجه البلدين، حيث إن تواصل البلدين على مستوى القيادة أوجد جوًا من الثقة المتبادلة والإدراك للقدرات المتوافرة للبلدين. ان مشاركة الرئيس السيسى فى القمة الأفريقية ال 26 فى أديس أبابا قد أعادت مصر إلى القارة السمراء بعد غياب طويل.. ولاقت ترحيباً كبيراً من كل الزعماء الأفارقة الذين يقدرون مكانة مصر فى القارة الأفريقية ومكانة الرئيس فى قلوبهم.