تصاعدت أزمة «العدادات الكودية» التى أحدثت حالة من الاحتقان بين المشتركين ووزارة الكهرباء من ناحية، وبين الشركات المورَّدة وشركات الكهرباء من ناحية أخرى، إضافة إلى تعنت معظم أجهزة المحليات برفض منح المواطنين الموافقات الخاصة بتركيب العداد، ويبدو أن الخلافات بين شركات الكهرباء والقطاع الخاص المورد للعداد الذكى بدأت تأخذ طريقها إلى العلن بعد قيام شركة القناة لتوزيع العدادات الذكية بفسخ عقد الشركة صاحبة النصيب الأكبر فى توريد العدادات الذكية بسبب رفض الشركة الموردة إجراء عمليات الصيانة للعدادات وإذا كان الصراع فى السابق محصورًا فى المناقصات والمزايدات إلا أنه بدأ يلوح فى الأفق بين أطراف عديدة لكن فى النهاية المواطن هو الضحية.ووسط هذه الشكاوى لم تراع وزارة الكهرباء الابعاد الفنية والكوارث التى تحصد أرواح المرضى وأصحاب الحالات الحرجة فى حال عدم قطع التيار عن المستشفيات أو العيادات الصحية ومن قبلها إهدار المال العام إلا أن المفاجأة أن كثيرًا من المصريين ينظرون إلى هذا العداد بنوع من الريبة ويعتبرونه نوعًا جديدًا من الجباية. ووفقًا للبيانات والاتفاقات المعمول بها مع قطاع الكهرباء فإن شركة تقوم بإعداد «السوفت وير» و»السيرفات» الخاصة بالمشروع، بينما تقوم شركة المحمول بتجهيز الشبكات بتصميمات تتلاءم مع الخدمة إضافة إلى شرائح نقل البيانات ويختلف هذا النظام فى معظم دول العالم حيث تتولى شركات المحمول عند تفعيل تلك الخدمة توفير النظام المتكامل لها، متضمنا «السوفت وير» و «السيرفات». وتعتمد العدادات الذكية المزودة بشرائح نقل البيانات على تحليل البيانات ونقلها عن طريق شبكة المحمول إلى «السوفت وير» و «السيرفات» « الموصلة بها والتى غالبًا ما توجد لدى الشركة المصنعة للعدادات. وعن فسخ شركة القناة لتوزيع الكهرباء عقد الشركة الموردة للعدادات الذكية قال المهندس أحمد السويدى الرئيس التنفيذى الشركة إن إدارة علاقات المستثمرين هى الجهة الوحيدة المنوطة بهذه التعاقدات موضحًا أن مشروع العدادات الذكية معمول به منذ قرن فى أوربا وأن المواصفات الفنية المطبقة فى مصر هى نفس المواصفات الفنية للعداد الذكى فى الخارج. مخاوف العملاء وعن أزمة أعمال الصيانة ومخاوف العملاء من مخاطر العداد الذكى على المستقبل البعيد حيث يقول سعد بدوى أبو القاسم أحد المشتركين إن المعايير الفنية للعداد الذكى لا تتمشى مع استهلاك المواطن موضحًا أنه عندما حصل على عدد من العدادات وجد عطلًا فنيًا فيها قبل التشغيل. وانتقد ابو القاسم القرارات الخاطئة لوزير الكهرباء بتركيب العداد الذكى للأسانسيرات وفى المستشفيات لأنه لم يراع الحالات الحرجة عند انتهاء رصيد الشحن. وقال أبو القاسم إن الفوضى ما زالت موجودة فى تركيب العداد القديم فكل مشترك حسب معرفته و»محاسيبه» موضحا انه توجه الى شركة جنوبالقاهرة للمطالبة باستثناء الأسانسير من العداد الذكى نتيجة لمخاطره على أن يركب مكانه العداد القديم لكن مسئولى الشركة أدخلوه فى دوامة علما بأن معه كافة التراخيص اللازمة لذلك. وقال محمود الشال (مشترك من كفر الشيخ) عندما سمعنا بوجود عداد لترشيد الكهرباء ويقلص قيمة الفاتورة ويجعل المواطن يتحكم فى الاستهلاك لم نتردد لحظة فى توصيل هذا العداد ولكنه لم يكن على نفس المواصفات الاسترشادية التى قمنا من أجلها بتوصيل هذا العداد ونطالب المهندسين والمسئولين بالكهرباء توفير فنيين متدربين على أعمال صيانة العدادات الذكية لأنها تختلف عن العدادات القديمة حفاظا على أموال المشتركين. وقال السيد سلامة أحد المشتركين أنه لا يعلم شيئا عن مخاطر العدادات الذكية ولكنه يرفض أى أضرار تقع عليه جراء تركيب هذا العداد خاصة انه دفع رسوم هذا العداد وتم تركيبه لكن لم يرى له أية مميزات من حيث تخفيض الاستهلاك بل وضع هذا العداد الشكوك فى قلبه خوفا من قطع التيار فى أية لحظة دون مراعاة لأسباب مرضية أو ظروف مادية أو غيرها متسائلا كيف تمنعنا الحكومة من حقوقنا تحت مسمى التوفير؟ وأضاف: إذا رأت الحكومة فى عدادات الكهرباء الذكية إنقاذًا لأزمات الكهرباء فإن بعض الخبراء يرون فى العدادات الذكية المدفوعة مقدماً استمرارًا لأزمات على المدى البعيد وسيتحمل أعباءها المواطن البسيط وأكد مصدر مسئول قطاع الصيانة بقطاع الكهرباء ان المواصفات الفنية للعداد الذكى تحتاج الى فنيين متدربين ولديهم خبرات عالية على هذه التقنية وأشار إلى أن القراءة الحقيقية الخاصة بهذه العدادات لا تعبر عن استهلاك العميل الحقيقى. مشيرًا إلى أن توصيل العدادات الكودية للمناطق العشوائية يعتبر وسيلة تحايل من وزارة الكهرباء على تقنين رسمى للمبانى المخالفة وتمادٍ وتأكيد لمخالفتها. خطوة منقوصة وفى دراسة للمهندس خالد المغازى الخبير فى مجال الشبكات الذكية وجد أن العداد مسبوق الدفع ليس بالتكنولوجيا الحديثة ، فهو مستخدم فى العديد من الأماكن فى مصر وشركات الكهرباء المصرية لها خبرة كبيرة فى مثل هذا النوع من التكنولوجيا. أما مفهوم العداد الذكى المسبوق الدفع يشترط أن يحتوى على وسيلة اتصال مع شركات الكهرباء و فى حقيقة الأمر ليس هناك وسيلة اتصال متاحة فى التكنولوجيا الحالية الخاصة بالعداد مسبوق الدفع فى مصر هو مجرد عداد يضمن لشركة الكهرباء تقليل المفاقيد التجارية . مجرد خطوة إيجابية فى طريق تقليل المفاقيد وتقليل قيمة العجز المالى فى ميزانية شركات الكهرباء المحلية. وكشفت الدراسة أن العدادات الذكية كالعداد الرقمى حيث إن العداد الذكى يحتوى على وسيلة اتصال مع شركات الكهرباء بحيث يسمح بنقل البيانات بين كل من المستهلك وشركة الكهرباء بالتالى يتيح لشركة الكهرباء معرفة قيم الاستهلاك الخاصة بالعملاء وأيضا إمكانية فصل وتوصيل الكهرباء من خلال استخدام دوائر الفصل والتوصيل داخل العداد. وقالت الدراسة إن شركة الكهرباء تسعى جديا فى اتجاه العدادات الذكية ولكن تصدم بعدم وجود رؤية واضحة للمواصفات الفنية للأهداف المنشودة من هذه التكنولوجيا. على سبيل المثال بدلا من الاستثمار فى عداد مسبوق الدفع لتقليل العجز التجارى فقط فإن الشركة القابضة للكهرباء تستطيع الاستثمار فى عداد ذكى مسبوق الدفع يمكن شركة الكهرباء من التحكم فى الأحمال الكهربية والسرقات الكهربية وأنظمة الطاقة المتجددة معا عن طريق وسيلة الاتصال المستخدمة داخل العداد الذكى. أزمة الصيانة وعلق الدكتور سامر مخيمر رئيس المفاعلات النووية السابق على أن صيانة العدادات الذكية ستخلق أزمة فى المستقبل بين العملاء والكهرباء لأن تطبيق استخدام العدادات مسبوقة الدفع كان يحتاج إلى خبراء فنيين فى هذا المجال للقيام بذلك ولم تضع شركات الكهرباء استعداداتها لذلك عند توصيل العداد الذكى. وأضاف أن هذه العدادات الذكية كانت تحتاج إلى برنامج سوفت ويرذى مستوى عالٍ ودقيق من التقنية لتنفيذ المزايا الخاصة كاملة بهذه العدادات مع إمكانية تحويل المواطن من شريحة استهلاك لأخرى، مشيرًا إلى أن أسعار هذه الشرائح مختلفة ولابد أن تكون قادرة على حساب الاستهلاك الفعلى. وطالب مخيمر بضرورة أن تنتبه وزارة الكهرباء إلى وضع سوفت وير عالى التقنية لتنفيذ هذه المزايا وتلاشى الأضرار بعيدة المدى لأن كل ذلك يتحمله المواطن بعد ذلك علما بأن هذه العدادات كانت يجب أن تحقق العائد الاقتصادى المناسب بالنسبة للعميل والشركة لافتا إلى أنه من الأفضل تطبيق استخدام هذه العدادات خلال الفترة الحالية داخل المدن الجديدة والأحياء الراقية، وليس بالمناطق النائية والصعيد لأسباب عدة، منها البعد الاجتماعى، وتغير مستوى الثقافة بهذه المناطق فى التعامل مع التكنولوجيا الرقمية مقارنة بالأحياء الراقية التى تجيده. ومن جانبه رأى المهندس محمد رحيم العضو المتفرغ لشئون شركات الإنتاج والنقل والتوزيع بالشركة القابضة لكهرباء مصر أن العدادات الذكية ضمانة حتى لا يستثنى أحد من التحصيل فى وقت تعانى فيه شركات التوزيع من نسب فى التحصيل. كما يضاف الى ذلك ضمان عدم سرقة التيار الكهربائى وانعدام أى نسب خطأ من جانب المحصلين عندما تكون القراءة والتحصيل إلكترونيا.