بين أرقام معطلة أو مغلقة نهائيًا.. وردود متأففة لا تشفى غليل المتصلين المتلهفين للعثور على من يأخذ بأيديهم ويساعدهم فى حل المشكلة التى اضطرتهم للاتصال بها، تقف خدمة (الخط الساخن) للوزارات والهيئات والمصالح الحكومية فى «قفص الاتهام» بعد أن تعددت شكاوى المواطنين من كونها (أبرد من الثلج) فى استجابتها لاتصالاتهم وتفاعلها مع مشكلاتهم إلا فيما قل وندر من الحالات.. وترصد «أكتوبر» فى هذا التحقيق ظاهرة الخطوط التى كانت (ساخنة) قبل أن يصيبها (التجمد)..!وعن تجربتها مع هذه الخطوط ومدى فاعليتها وسرعة الاستجابة على الشكاوى والطلبات، تروى نور الهدى إبراهيم مفتشة بمديرية التضامن الاجتماعى موقفًا تعرضت له قائلة: قدمت شكوى لخط شكاوى السلع التموينية عن جمعية تعاونية توزع اللحوم وغيرها لأقارب العاملين فقط، لأنها مدعمة ورخيصة الثمن، وقالوا لى فى الخط الساخن: تابعينا بعد 10 أيام، وأتساءل لماذا كل هذه المدة؟!. وتستكمل قائلة: وفى مرة أخرى اتصلت بالخط الساخن لجهاز حماية المستهلك على الرقم (19588) لتقديم بلاغ عن منتج اشتريته منتهى الصلاحية، وكان الرد مستفز وكأنه شىء عادى أن استخدم حاجة منتهية الصلاحية. ويقول محمود مصطفى مذيع راديو، إن هذه الخطوط غير مجدية بالمرة، ففى المؤسسات الحكومية تأخير فى الرد وعدم وجود شخص متخصص للرد على الاستفسارات، كما أن معظم الخطوط مغلقة، وذات مرة اتصلت بالخط الساخن لوزارة التربية والتعليم بهدف الحصول على معلومات عن سير امتحانات الثانوية العامة ولكن للأسف لم يتم الرد نهائيًا، فهناك مؤسسات لا تهتم بشكاوى المواطنين ولا تتفاعل معهم، وذلك لا ينفى وجود بعض الوزارات والجهات الحكومية التى تقوم بالرد على استفسارات وطلبات المواطنين عبر الهاتف وتؤدى دورها بشكل صحيح لخدمة المجتمع. ويقول المواطن جرجس عياد: لم أفكر فى الاتصال بمثل هذه الخطوط لأن ما يتردد أنها لا تستجيب ودائما ما تكون خارج الخدمة أو لا يرد أحد من الأساس وإذا تم الرد يكون بعد عدة محاولات ليسجل الشكوى دون حل. وفى نفس السياق يقول جمال السيد: جربت الاتصال على رقم (08008883888) الخط الساخن لمساعدة المرأة وتلقى الشكاوى ممن تتعرضن لأى شكل من أنواع العنف سواء داخل الأسرة أو خارجها، ولكن كانت النتيجة أن الرقم غير موجود بالخدمة. كما روت عفت السيد موظفة قائلة: «اتصلت برقم (125) لتقديم شكوى، حيث كانت البلاعات فى الشارع مفتوحة وهذا خطر على الصغير والكبير، وكان ردهم أن الرقم ده خاص بمرفق مياه القاهرة، ووجهنى إلى الخط الساخن للصرف الصحى رقم (175) ولم يتم الرد أكثر من مرة، وفى مرة أخرى قدمت طلبًا إلى رئيس مجلس الوزراء عن طريق الإنترنت لأن البلدية ينقلون البائعين الجائلين من الميدان الرئيسى إلى الشوارع الجانبية مما كان يسبب زحام وضوضاء وبالفعل كلمونى بعدها بشهر قائلين إنه سيتم التصرف ولكن ذلك لم يتحقق للأسف. بينما أوضحت منى عبد الوارث مراسلة بالإذاعة أنها لم تفكر فى الاتصال بالخط الساخن لأية وزارة أو هيئة حكومية لأنها ترى أنها مجرد أرقام وأصبحت «موضة»، وتعتقد أنها إذا حاولت الاتصال بهذه الخطوط لا تجد مجيبًا، وإن كان هناك رد فيكون كلاما بدون فعل أو ربما يكون الرد «مش من اختصاصنا»، وسنحولك إلى جهة أخرى والجهة الأخرى تحول لأخرى وهكذا. خطوط باردة وتعليقًا على ذلك، يقول د. مختار الشريف الخبير الاقتصادى إن الخطوط الساخنة هو خط يوجد فى كل دول العالم ويعمل بكفاءة وفاعلية عالية وتقدم خدماتها للجمهور فى حالات الطوارئ وفى إطار منظومة الحكومة الإلكترونية وهذا ما نريد تطبيقه هنا، لأن للأسف الشديد الخطوط الساخنة التى توجد بالوزارات والبنوك والهيئات ما هى إلا خطوط «باردة»، ولا فائدة من الكلام إذا لم يعد هيكلتها إداريا وسن قانون ينظم عملها وإخضاعها للرقابة لتكون أكثر فاعلية فى خدمة الجمهور على الوجه الأكمل. وأضاف الشريف، أن هذه الخطوط تصبح ذات فائدة فى حالة استجابة المسئول عن الخط للشكوى أو الطلب، لأنه أحيانًا تكون مجرد نوع من الدعاية والإعلان، مشيرًا إلى ضرورة توعية المواطنين الذين يبلغون الإسعاف والحريق بحالات كاذبة لأن هذا من شأنه الإضرار بالحالات التى تحتاج الى مساعدة حقيقة، وهناك نوع آخر من الخطوط وهو الخطوط الموسمية التى يتم تخصيصها فى أوقات معينة ثم يتم إلغاؤها مثل الانتخابات أو موسم الحج وغيرها. وأوضحت د. سعاد الديب رئيسة الاتحاد النوعى لمؤسسات حماية المستهلك ومقررة فرع المجلس القومى للمرأة بالقاهرة أن الخط الساخن لحماية المستهلك يختص بالإبلاغ عن شكاوى المواطنين نحو سلع أو خدمة رديئة أو غير مطابقة للمواصفات الرسمية. وعن مدى استجابة هذه النوعية من الخطوط الساخنة لشكاوى المواطنين أوضحت أنها عادة ترتبط بثقافة المجتمع ومدى قبول المواطنين لمبدأ الإبلاغ عن أى نوع من الشكاوى، لافتة إلى أن ثقافة حماية المستهلك تختلف فى مصر عن الدول الأخرى، حيث تتميز فى الخارج بوجود الثقة بين المستهلك والبائع أما فى مصر نفتقد الثقة والأمانة بين الطرفين، لذا نحتاج إلى إعادة قيم الأمانة والصدق والثقة بين المستهلك والبائع. وأشارت الديب إلى أن هناك أجهزة أخرى تتعاون معنا كجهاز حماية المستهلك لها حق الضبطية القضائية مثل مباحث التموين والغش التجارى والرقابة الصناعية والرقابة الدوائية ولكن بحسب نوعية الشكوى المقدمة. شكاوى المرأة من جهة أخرى، كشف محمد عبد السلام المستشار الإعلامى بالمجلس القومى للمرأة، أن مكتب شكاوى المرأة تلقى فى شهر مارس 2015 حوالى 139 شكوى منها 136 شكوى فردية بنسبة 98% و3 شكاوى جماعية، حيث ورد للمكتب 85 مقابلة شخصية مع محامين المكتب بنسبة 61%، و28 بريدا بنسبة 20%، و20 فاكسا بنسبة 14% و6 استشارات تليفونية بنسبة 4%. وتركزت أغلب الشكاوى الواردة للمكتب وفروعه حول شكاوى الأحوال الشخصية، حيث بلغ عددها 43 شكوى، يليها شكاوى العمل 24 شكوى ثم شكاوى تنفيذ الأحكام بعدد 14 شكوى، وشكاوى العنف والضمان الاجتماعى بعدد 12 والدعاوى الجنائية 6 شكاوى، وشكاوى الإدارى 5، والدعاوى المدنية والأوراق المدنية عدد 3 شكاوى لكل تصنيف لكل منهم، وأخيرًا شكاوى التأمينات الاجتماعية والصحة بنسبة 1%. وأوضحت النسب أن الشكاوى التى تحتل المرتبة الأولى طبقًا لتصنيفات الأحوال الشخصية هى شكاوى الطلاق والخلع ونفقة الصغار وعددها 7 شكاوى، وتأتى بالمرتبة التالية شكاوى الارشادات الأسرية 5 شكاوى وشكاوى التمكين والاستئناف وعددها 3 بنسبة 6.98%، وشكاوى نفقة الزوجية وعددها 2، وتأتى بعد ذلك بقية تصنيفات الأحوال الشخصية المتنوعة بعدد شكوى واحدة لكل تصنيف. ومن جانبها تقول د.سمر يوسف مديرة الائتلاف المصرى لحقوق الطفل ومنتدى الحوار الوطنى والمشاركة: إن خط نجدة الطفل (16000) يعد حالة مختلفة عن بقية الخطوط الساخنة، حيث تميز بأنه «مجانى» ويعمل على مدار 24 ساعة بجميع محافظات الجمهورية للإبلاغ عن حالات انتهاك الأطفال وبه أخصائيون اجتماعيون ونفسيون، كما أنه موصول بغرفة عمليات كاملة من المجلس القومى للأمومة والطفولة ويشرف عليه الدولة بشكل مباشر وذلك منذ عام 2010، لكن مع مرور الوقت ونتيجة الضغوط وتغيير الأوضاع تراجع دوره إلى حد كبير، أما بالنسبة لخط حماية المستهلك على سبيل المثال ومن واقع تجربتى معه فهو ليس مجانى ولن يغطى جميع المحافظات ولا يعمل فى مناطق تابعة لمحافظة القاهرة. وأضافت: كفانا خداعا للجمهور باسم هذه الخطوط «الساخنة» فلم نر منها أية جدية أو قضاء خدمة وهذا عن تجارب شخصية وليس أنا فقط وإنما كثيرون غيرى، لذلك مشكلتنا فى عدم وجود رقابة على هذه الخدمات الجماهيرية المهمة، والمطلوب حاليًا إنشاء جهاز رقابى على مثل هذه الخدمات يراقب ويقيم أداء الوزارات وما تقدمه من خدمات للجمهور، كما يجب أن يكون الخط الساخن مفتوحا أمام الجمهور على مدار 24 ساعة بموظفين مدربين أصحاب كفاءة والرد واتخاذ القرار فورا، وليس عدم الرد وتعذيب الجمهور. وأشارت د. سمر يوسف إلى أن خدمة الخطوط الساخنة مازالت دون المستوى المأمول ولم تتطور بالقدر المطلوب حتى الآن، وأن أغلب موظفى تلك الخطوط لا يردون على اتصالات المواطنين واستفساراتهم وإذا حدث أن رفع أحدهم السماعة فإن الرد يكون مجرد إسكات المتحدث بأن المشكلة مؤقتة أو غير مفيد، أو يكون الرد «لا نستطيع فعل شىء» ومن ثم إحالة المتصل إلى جهة أخرى إن وجدت، لذا تطالب بتدشين آلية جديدة لتفعيل دور وعمل الخطوط الساخنة فى مصر بالهيئات والوزارات أو إصدار تشريع أو قانون يحكم ويراقب عمل هذه الخدمات. وأكدت على أهمية انتقاء موظفى استقبال مكالمات الخط الساخن بعناية، مشيرة إلى أن هذه الوظيفة ليس من السهل أن يشغلها أى فرد، فهى تعد مركز المعلومات للجمهور، فموظف خدمة الخط الساخن لا يجب أن تتوقف إمكانياته عند تلقى الشكاوى وإرسالها للمسئول أو الجهة المعنية، بل لابد من أن تتوفر لديه كافة الإجابات لجميع أسئلة الجمهور، كما يجب أن يكونوا على دراية كافية بكافة الإدارات خاصة أن العديد من موظفى هذه الخطوط ليسوا على دراية كافية بعملهم، كما ينتقصون للخبرة بشكل كبير وواضح، علاوة على أنهم يفتقدون للأسلوب المناسب فى تلقى المكالمات والتعامل مع الجمهور. وناشدت وسائل الإعلام بالتذكير والإفصاح عن الأرقام التى تهم المواطنين على مدار 24 ساعة حتى لا تكون مجرد أرقام بل يتم التفاعل معها بشكل صحيح لخدمة المواطنين، وأن تخصص الصحف الورقية مساحة للإعلان عن هذه الخطوط تحت عنوان أرقام تهمك.