مازال الاتفاق النووى الإيرانى وتداعياته هو الحدث الأكثر إثارة للجدل على الصعيد السياسى الإقليمى والدولى، وفى هذا الصدد فقد استبعد خبراء فى الطاقة النووية امتلاك طهران لسلاح النووى، مؤكدين أن الاتفاق يستهدف إعادة النشاط لاقتصادها المتهالك نتيجة العقوبات التى فرضت عليها لسنوات، كما يعد فرصة لمطالبة إسرائيل بالتوقيع على اتفاق مشابه لإخلاء المنطقة من السلاح المدمر.أكد د. محمود بركات أستاذ الكيمياء بهئية الرقابة النووية والإشعاعية أن القرار يعتمد على تكليف مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية للقيام بعمليات التحقق والمراقبة الضرورية للالتزامات النووية التى اتخذتها إيران مثل الحد من أجهزة الطرد المركزى أو خفض مخزونها من المواد الانشطارية، مشيرًا إلى أنه فى حالة مخالفة إيران أيًا من التزاماتها يكون من حق المجلس وقتها إعادة فرض كامل لمجموعة العقوبات بشكل تلقائى. وأكد بركات على أن إيران ليس لديها إمكانات تصنيع سلاح نووى لافتًا إلى أنها ربما يكون لديها معرفة ببعض الإمكانات الفنية التى تستخدم فى التصنيع. ويرى د. بركات أن خلال فترة الحصار الذى فرض على إيران اطلع الغرب على تفاصيل البرنامج النووى الإيرانى والذى تأكد من عدم وجود اتجاه لتملك سلاح نووى وأنه حتى هذه اللحظة لم يثبت أن لدى إيران اتجاه لإنتاج السلاح النووى. وأوضح أن البرنامج النووى الذى تمتلكه إيران هو برنامج نووى سلمى لا يتجه إلا لإنتاج وقود بنسبة 3% وقد سمح لهم المجتمع الدولى بهذه النسبة بشرط ألا يزيد حجم التخصيب على حوالى 300 كيلوجرام وهى النسبة التى تكفى لعمل المفاعلات السلمية، مشيرًا إلى استفادة إيران من هذا الاتفاق بتراجع عمليات الحصار التى كانت تتعرض لها على المستوى الاقتصادى فى توليد النفط واستخراجه وأنها سوف تستطيع التجارة مع العالم فى البترول، وذلك بعد أن تأكد الغرب من سلمية المفاعلات النووية الإيرانية. وأضاف أن مصر ستستفيد من هذا الاتفاق نظرًا لتحرر الاقتصاد الإيرانى المتوقع وبالتالى فإن اغراق إيران للسوق العالمية بالنفط سيؤدى إلى انخفاض سعر برميل النفط من 15 إلى 5 دولارات مما يدفع مصر لشراء كميات كبيرة تساعدها فى تشغيل المصانع وتوليد الكهرباء وبالطبع فإن هذا سيؤدى إلى تخفيف العبء عن الموازنة المصرية. وينهى د. بركات حديثه قائلًا إنه بعد اتفاق إيران مع الغرب يمكنها العودة إلى ساحة التجارة الدولية فى كافة المجالات وتستطيع إيران أيضًا استرجاع أموالها المجمدة فى بنوك الغرب والتى تقدر بمليارات الدولارات. بينما أكد د. عبد الفتاح هلال أمين عام جمعية العلوم النووية أن القرار يدعو إلى تطبيق كامل للجدول الزمنى الوارد فى الاتفاق الذى تم فى فيينا مقابل ضمانات بأن طهران لن تقوم بتصنيع قنبلة ذرية، مشيرًا إلى أن إيران عملت فترة طويلة لتطوير التكنولوجيا الخاصة بإنتاجها النووى حتى استطاعت الوصول إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة من 3% وصلت إلى 20% وهى النسبة التى يحتاجها مفاعلها النووى، وعندما وصلت إلى التطوير الكافى اتجهت الآن لتنمية اقتصادها عن طريق الاتفاقية التى تمت بينها وبين الغرب والتى نصت على السماح بالتفتيش على المنشآت الخاصة بتخصيب اليورانيوم. واستبعد د. هلال تفكير إيران فى امتلاك السلاح النووى، لافتًا إلى أن إسرائيل تمتلك سلاحًا نوويًا ولا يمكن أن تستخدمه، وكذلك دولتى الهند وباكستان إلا أنه استطرد قائلًا: إن استخدام السلاح النووى فى المنطقة سيؤدى إلى تدمير المنطقة بالكامل لمئات السنين بما فيها الدولة التى تمتلك هذا السلاح. وطالب الدول الغربية باستخدام علاقتها مع أمريكا للضغط على إسرائيل لإقناعها بتوقيع اتفاقية نووية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووى الذى تمتلكه إسرائيل الذى لم تعلن عنه رسميًا. ونوه د. عبد الفتاح إلى ما حدث فى أوكرانيا عندما انفجر مفاعل تشرنوبل والذى أدى إلى وجود مساحة مغلقة تعادل مساحة دولة النمسا، حيث يوجد بها خطر إشعاعى وبالتالى فإن صوت العقل يفرض على جميع دول المنطقة التخلى عن حيازة السلاح النووى بما فيها إسرائيل. وفى سياق مختلف توقع د. حامد رشاد رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق أنه من الممكن أن تستخدم إيران طرق خلفية لمخالفة الاتفاق النووى وفى المقابل فإن الدول العربية سوف تكون بحاجة ماسة لامتلاك سلاح رادع يوازى السلاح النووى حتى لا تستطيع أية قوى إقليمية أو دولية إملاء سياساتها على المنطقة، مطالبًا الدبلوماسية المصرية برسم سياسات جديدة تهدف إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل للاستجابة لصوت العقل والتخلى عن سلاحها النووى، وقبل ذلك الإعلان عنه وعن حجمه وعلى إسرائيل أن تعرف أن السلاح النووى الذى تمتلكه ليس فى صالحها أولًا، وأن السلاح النووى لن يحقق السلام فى المنطقة، وإنما يتحقق إذا احترمت إسرائيل الحقوق الفلسطينية والعربية وإعادة هذه الحقوق لأصحابها. ويواصل حديثه قائلًا إن إيران لم تصل حتى الآن إلى مرحلة امتلاك السلاح النووى. وأوضح أنه من المفيد أن يكون لدى مصر مجموعة استشارية عالمية من العلماء تتبع رئيس الجمهورية مباشرة تعمل فى كافة المجالات العلمية الدولية بجوار الدبلوماسيين المصريين أسوة بالدول الكبرى ومن خلال هذه المجموعة يمكن رسم سياسات مصر على كافة المستويات، مضيفًا أن استخدام العلم وتطوراته تسعى إليه جميع الدول المتقدمة.