مصر ما زالت قادرة على جمع الفرقاء وصياغة رؤية جديدة للسلام تقوم على الحوار لا على الإملاءات، إن استضافة القمة فى سيناء ليست حدثًا عابرًا، بل رسالة سياسية للعالم بأن القاهرة باقية فى موقعها الطبيعى ك«قلب العالم العربي» ومحور الشرق الأوسط، وركيزة أساسية لأى تسوية سياسية فى المنطقة. نعم فى «شرم الشيخ» استضافت مصر، ممثلة فى الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، أكثر من 35 زعيمًا وقائدًا وممثلًا لكبرى دول العالم، من بينهم والرئيس الأمريكى دونالد ترامب. الأنظار تتجه نحو مصر التى تؤكد مرة أخرى دورها المحورى فى دعم القضايا العربية وقيادة مسارات السلام فى المنطقة. إن مدينة شرم الشيخ ليست مجرد وجهة سياحية فقط، بل أصبحت رمزًا للسلام، وحاضنة للتفاوض وساحة للتجمعات الدولية، فقد احتضنت العديد من المؤتمرات والقمم الدولية، من بينها قمة الأرض، فضلًا عن مباحثات السلام العربية والإسرائيلية. أضاف إلى المكانة السياسية لشرم الشيخ لارتباطها بسيناء وانتصارات أكتوبر 1973 واستكمال مفاوضات طابا، مما جعلها مقرًا دائمًا للحوارات التى تهدف إلى ترسيخ الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط. إن دعوة الرئيس السيسى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب جاءت ضمن رؤية استباقية تعكس حرص القاهرة على إشراك القوى الكبرى فى صناعة السلام، خاصة أن القمة تأتى استكمالًا ل«خطة ترامب» ذات البنود العشرين التى خضعت لتعديلات من الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني. حرص الرئيس السيسى على أن تكون مصر حاضنة وراعية للمفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل، ليخرج هذا الاتفاق التاريخى ليحقق الاستقرار الإقليمى، حيث لعب المفاوض المصرى -ممثلا فى جهاز المخابرات المصرية- دورًا هاما، لوقف الدمار والحصار الممارس على أهلنا فى غزة قرابة عامين، تم تدمير البنية الأساسية للقطاع وقتل وتشريد مئات الآلاف من الأسر. إن قائمة القادة المشاركين فى القمة، لم يشهدها اتفاق سياسى سابق، فهذا العدد من القادة والزعماء يعكس رغبة المجتمع الدولى فى دعم الوساطة المصرية والاعتراف بقدرتها على جمع الأطراف المتنازعة حول طاولة واحدة. لماذا غاب نتنياهو عن الحدث؟ قال نتنياهو إنه لم يحضر لوجود أعياد دينية، رغم حضوره قبل ساعات من قمة شرم الشيخ، اجتماعا موسعًا فى الكنيست مع ترامب، والحقيقة أن عددا من القادة اشترطوا عدم حضوره، وضغط الرئيس ترامب طالبًا حضوره، ولكن كيف يحضر ومنذ أسابيع انسحبت الوفود عند القاء كلمته فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، كيف يحضر وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحقه؟، كان نتنياهو يطمع فى الحضور بل ويرغب فى مرافقة الكبار، والتواجد فى لقطة وصورة على منصة شرم الشيخ، مصافحا ومعانقا للكبار، ولكن هيهات هيهات. «إيران» غابت عن المشهد إيران غابت عن المشهد ولم تسع إلى تواصل مباشر بين الرئيس الأمريكي. فالمشاركة الإيرانية لو حدثت كانت سيفًا ذا حدين؛ فمن جهة يمكن أن تمثل اختراقًا فى العلاقات الدولية يسهم فى تحريك الملف النووى الإيرانى، ومن جهة أخرى قد تُعد اعترافًا ضمنيًا بإسرائيل، وهو ما لم تقدم عليه طهران من قبل. إن مصر ما زالت قادرة على جمع الفرقاء وصياغة رؤية جديدة للمنطقة، نعم لا يوجد جديد فى مصر، فالمصريون يصنعون التاريخ.