حين حطت طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مطار شرم الشيخ لحضور قمة السلام تحت قيادة مصر تذكرت زيارتي الأولى لواشنطن بصحبة الرئيس السيسي عام 2017 في أول زيارة رسمية للرئيس للعاصمة الأمريكية للقاء الرئيس ترامب ، وقتها لم يكن خفيا على أحد تلك المكانة الني يحظى بها الرئيس السيسي لدى ترامب ولدى القيادة الأمريكية. وحين حطت الطائرة في شرم الشيخ كان المشهد بالنسبة لي استمرار لهذه المكانة وذلك التعاون الفريد بين الزعيمين . كانت تلك اللحظة إعلاناً واضحاً عن تقدير واشنطن لدور مصر ولشخص الرئيس عبد الفتاح السيسي ، فاختيار ترامب أن يحضر بنفسه قمة شرم الشيخ وأن يجلس إلى جوار الرئيس السيسي في هذه اللحظة التاريخية لم يكن صدفة ولا مجاملة بروتوكولية بل كان امتداداً لعلاقة خاصة نمت عبر السنوات بين الرئيسين منذ لقائهما الأول في نيويورك قبل تولي ترامب الرئاسة في ولايته الأولى حين وصف الرئيس السيسي بأنه رجل قوي يعرف كيف يقود بلاده وكرر إعجابه به في كل مناسبة قائلاً إن مصر لم تعرف في تاريخها الحديث قائداً يحظى بهذا الاحترام داخل بلاده وخارجها وعندما تولى ترامب الرئاسة رسمياً قال في أول اجتماع بينهما في البيت الأبيض ، في تلك الزيارة الشهيرة التي تشرفت بتغطيتها رسميا ، إن العلاقة بين مصر والولاياتالمتحدة لم تكن يوماً أفضل مما هي عليه الآن وإنه فخور بصداقته بالرئيس السيسي وفي لقاءات أخرى أكد ترامب أن السيسي أنقذ بلاده من الفوضى وأنه زعيم يتمتع بقدرة استثنائية على اتخاذ القرار وحين تعرضت القاهرة لهجمات إرهابية أعلن ترامب تضامنه الكامل مع مصر وقال إن الرئيس السيسي يقود حرباً شجاعة ضد الإرهاب نيابة عن العالم وفي سبتمبر 2019 خلال قال ترامب أمام الحضور الدولي في الأممالمتحدة إن الرئيس السيسي رجل يحظى باحترام كبير داخل مصر وخارجها وهي عبارة تلخص نظرة ترامب الدائمة إلى السيسي بوصفه زعيماً يعتمد عليه في استقرار الشرق الأوسط هذه التصريحات لم تكن مجرد كلمات مجاملة بل تعبير عن قناعة حقيقية انعكست في قرارات سياسية واقتصادية وأمنية دعم بها ترامب مصر طوال ولايته الأولى من بينها توسيع التعاون العسكري والاستخباراتي وتخفيف القيود عن المساعدات الدفاعية واعتبار القاهرة مركز توازن في الإقليم ومن جهة أخرى ظل الرئيس السيسي يعبر عن تقديره الشخصي للرئيس الأمريكي مؤكداً أن مصر تنظر إلى علاقتها مع الولاياتالمتحدة باعتبارها علاقة شراكة تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل
ومن الطبيعي أن يتجدد هذا التفاهم في لحظة حساسة كالتي تعيشها المنطقة اليوم فحين اختار ترامب أن يكون توقيعه على اتفاق السلام في غزة من أرض مصر لم يكن يفعل ذلك لمجرد رمزية المكان بل لأنه يدرك أن مصر هي الضامن الحقيقي لأي تسوية وأن الرئيس السيسي هو الزعيم الوحيد القادر على تحويل الوعود إلى واقع فوجود ترامب في شرم الشيخ إلى جانب السيسي يعيد تأكيد الثقة القديمة بينهما ويمنح المبادرة زخماً دولياً غير مسبوق
قمة شرم الشيخ ليست حدثاً دبلوماسياً عادياً بل محطة تعكس أبعاداً أعمق من مجرد توقيع اتفاق سلام وفي قراءة موضوعية لأهم ملامحها يمكن رصد مجموعة من الملاحظات المهمة من حي هذه القمة . أولاً : القمة أعادت تأكيد الزعامة المصرية الإقليمية وأثبتت أن القاهرة ما زالت قلب القرار العربي ووسيط الشرق الأوسط الأهم . ثانياً :شهدت حضوراً دولياً غير مسبوق أبرزهم الرئيس ترامب وعدد من القادة ما جعل من شرم الشيخ مركزاً للقرار الدولي ثالثاً : جاءت القمة اعترافاً بقدرة مصر على صناعة السلام وضمان تنفيذ الاتفاقات رابعاً : نجحت مصر في إدارة الملف الفلسطيني الإسرائيلي وجمع الأطراف المتنازعة بعد شهور من الحرب خامساً : أكدت الزيارة عمق الثقة بين واشنطنوالقاهرة وأظهرت متانة العلاقة الشخصية بين السيسي وترامب سادساً: أطلقت القمة مساراً جديداً لإعادة إعمار غزة يربط بين السلام والتنمية تحت إشراف مصري سابعاً : ساهمت في تحييد التوترات الإقليمية في وقت تتصاعد فيه النزاعات في لبنان والسودان واليمن ثامناً : عززت القمة مكانة شرم الشيخ كعاصمة للسلام العالمي ومنصة لصنع المستقبل تاسعاً : رسخت صورة مصر كشريك موثوق دولياً قادر على التنظيم والتأمين واستضافة القمم الكبرى عاشراً : منحت المنطقة بارقة أمل بعد سنوات من الانقسام وأكدت أن السلام ما زال ممكناً حين تتوافر الإرادة والقيادة إن ما يجري في شرم الشيخ لا يمكن فصله عن مسار طويل من التفاهم بين الزعيمين السيسي وترامب فكل خطوة يتخذها ترامب في ملف الشرق الأوسط تجد جذورها في التنسيق مع القاهرة وكل مبادرة مصرية للسلام تجد من واشنطن دعماً مصدره هذه العلاقة التي تجاوزت البروتوكول إلى الثقة والاحترام المتبادل وحين يصف ترامب السيسي بأنه صديقه العظيم ويصف السيسي ترامب بأنه زعيم يفهم معنى الاستقرار فذلك يعني أن بينهما لغة مشتركة تقوم على الفعل لا على الشعارات إن قمة شرم الشيخ وما رافقها من حضور دولي مكثف ورسائل إيجابية بين واشنطنوالقاهرة لم تكن مجرد لقاء للصور بل شهادة جديدة على أن الدور المصري في المنطقة أصبح ركناً من أركان الاستقرار وأن العلاقة بين الرئيسين السيسي وترامب تحولت إلى جسر سياسي يربط بين الشرق والغرب ويعيد تعريف معنى الشراكة في زمن مضطرب يبحث عن قادة قادرين على الفعل وصناعة السلام .