لا يبشر بخير ما عرفناه وما أفصح عنه الإعلام عما حدث فى أروقة ومناقشات حوار الأحزاب والحكومة حول تعديلات العوار الدستورى فى القوانين الثلاثة المنظمة للعلمية الانتخابية وخاصة قانون تقسيم الدوائر. وسبب هذا الحكم السابق هو إعلان بعض الأحزاب التى شاركت فى الحوار نفض يديها من القوانين وتبرؤها مما آلت إليه نتائج هذا الحوار بل وإعلان بعضها الانسحاب وعدم المشاركة فى الانتخابات القادمة.. صحيح أن من أعلن ذلك - غالبًا - ليس له وزن سياسى لكن كما يقولون «العيار الذى لا يصيب.. يدوش»!! الغريب فى الأمر هو أننا سألنا القانونيين والدستوريين عن القوانين المنظمة للانتخابات فجاوبونا بالحديث عن الأحزاب وموقعها من الانتخابات والحياة البرلمانية. والبداية كانت مع المستشار حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق الذى أكد أن مصر الآن فى حالة حرب داخلية وخارجية..ويتطلب هذا وجود استقرار سياسى بالبلاد، وقد تجاوز عدد الأحزاب المصرية 102 حزب، وبعض هذه الأحزاب بنيت على أساس غير دستورى، وهناك أحزاب ليس لها دور سياسى بارز. وغالبية برامج الأحزاب متشابهة مع بعضها.. وهناك قدر قليل من الأحزاب يعمل لمصلحة البلد، وخدمة المواطن، ولهذه الأحزاب أنشطة ملموسة ولها أيضًا ظهير شعبى. مطالبات ويطالب بتحقيق المساواة فى جميع الدوائر.. تهيئة المناخ المناسب لإجراء الانتخابات، حتى تكون انتخابات معبرة عن قوى الشعب من عمال وفلاحين وطبقة وسطى.. وإذا لم تتم الانتخابات وفق هذه الشروط فستكون انتخابات غير دستورية وباطلة حتى لو تم تحقيق الانتخابات وفق تكافؤ الأعداد فى الدوائر الانتخابية فإنه ليس هو المغزى والمعيار السليم لتحقيق العدالة، ولكن العدالة تمثيل كل فئات الشعب فى البرلمان تمثيلًا عادلًا ومنصفًا. د. عبد الله المغازى أستاذ القانون الدستورى وعضو مجلس الشعب سابقًا يطالب الجميع بالانتظار حتى صدور القانون، لأن هناك 12 دائرة بها مشكلات تتعلق بأعداد الناخبين بها.. وقد أوكل الموضوع للجهاز المركزى للإحصاء، وعلى ذلك نحن لا نستطيع تقييم القانون، وعلينا انتظار معالجة المشاكل الموجودة فى بعض الدوائر لأنه لابد أن تجرى دراسة متأنية وعلينا عدم التعجل حتى تحل هذه المشاكل ويواصل المغازى حديثه قائلًا إنه خلال شهرى مايو ويونيو تكون عندنا فرصة لإعداد القانون والانتهاء منه ويمكن إجراء الانتخابات فى منتصف شهر يوليو وشهرى أغسطس وسبتمبر، وهى فرصة مناسبة لإجراء الانتخابات حتى ننتهى من العام الدراسى لمرحلتى الإعدادى والثانوى، وكذلك طلاب الجامعات لأن من هؤلاء الطلاب من له حق التصويت. ويطالب المغازى لجنة إعداد القانون برئاسة د. إبراهيم الهنيدى بالالتزام بكافة الملاحظات التى وردت فى حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن عدم دستورية قانون تقسيم الدوائر، وعدم دستورية بعض المواد فى قانون مجلس النواب. التعديلات والتوافق ويؤكد المستشار أشرف عمران الفقيه الدستورى والمحلل السياسى أن القوى السياسية لم تتوافق بعد على التعديلات المرتقبة لقانون الانتخابات.. ويجب أن تراعى لجنة إعداد القانون النقاط التى حددتها المحكمة الدستورية.. وكان يجب وجود دراسة مستفيضة تشارك فيها جميع القوى السياسية لإبداء رأيها، وقد عرض مشروع القانون على بعض القوى السياسية، وعلى ذلك فإن القانون لم يقدم جديدًا ولم يلب طموحات القوى السياسية. ويواصل عمران حديثه قائلًا: إن الانتخابات الفردية تأتى بالنائب الذى يستطيع أن يشرع ويحاسب الحكومة، وربما تأتى بنائب يدلس ويعمل لصالحه وصالح فئات معينة، خاصة إذا وصل النائب إلى مقعد البرلمان عن طريق شراء الأصوات بالمال، وبذلك لا يستطيع هذا النائب أن يشرع أو يحاسب الحكومة أو يراقبها.. ومن الأفضل أن تجرى الانتخابات بالقائمة النسبية غير المشروطة، وأن تقدمها الأحزاب وليس الأفراد عن طريق برامج مسبقة. وطالب عمران إعداد القانون بعدم التسرع فى وضع التعديلات، وعليها الالتفات إلى القوى السياسية حتى لا تعرض القانون الجديد للبطلان دستوريًا وأن يخرج القانون بطريقة سليمة يراعى فيه مطالب القوى السياسية. ويرى أسعد هيكل المحامى بالنقض أن القوانين الثلاثة المنظمة للانتخابات البرلمانية وهى القانون 45 لسنة 2014 والقانون 46 لسنة 2014 والقانون 202 لسنة 2014 غير كافية وغير ملبية لما يطمح إليه الشعب المصرى.. وأنه يوجد الكثير فى النصوص الواردة فى هذه القوانين تهيئ المناخ لعودة الأشخاص وسياسات النظام البائد.. وعلى سبيل المثال فإن المادة «25» من قانون مباشرة الحقوق السياسية وضعت حدا أقصى للدعاية الانتخابية لمرشحى المقاعد الفردية قدره «500» ألف جنيه.. وهذا المبلغ غير ميسر لأى مواطن ينتمى إلى الغالبية العظمى من الشعب.. وبذلك تصبح الأغلبية العظمى عاجزة عن الترشح. وقال هيكل إن لجنة إعداد قانون تقسيم الدوائر لم تأخذ فى اعتبارها المعايير التى جاءت فى حكم المحكمة الدستورية العليا وقد وضعت معايير لتقسيم الدوائر وأهمها عدم التقيد بالحدود الجغرافية أو الإدارية الفاصلة بين الدوائر مثلما كان يحدث فى الماضى، وكذلك اعتبار الوزن النسبى لصوت الناخب هو المعيار الأساسى. أقصى جهد يرى المستشار نور الدين على نائب رئيس هيئة قضايا الدولة أن لجنة إصدار قانون تقسيم الدوائر بذلت أقصى جهد ليحقق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.. وجعل القانون نسبة الانحراف بسيط ولا يعيب القانون بعدم الدستورية.. وقد اتبعت اللجنة المعايير الفنية المتفق عليها عالميا فيما يخص التقسيم.. وقد راعت المادة 102 من الدستور التوزيع المتكافئ والعادل بين المحافظات والسكان.. وطبقت اللجنة حكم المحكمة الدستورية تطبيقًا حرفيًا.. واجتهدت اللجنة بقدر المستطاع حتى توفق بين عدد الدوائر وزيادة عدد المقاعد. ويواصل حديثه قائلًا إن المشرع اجتهد فى تقسيم الدوائر وربما توجد مشكلة فى بعض الدوائر فإنها لن تخل بمبدأ المساواة. والمشكلة ليست فى أن القوانين منضبطة مع الدستور أم لا.. لكن المشكلة فى النظام الذى تم اختياره بالفردى مع الكوتة.. والسؤال هل هذا النظام يتماشى مع الأحزاب أم لا.. وأيهما أفضل لهذه الأحزاب القائمة أم الفردى.. وهنا يكون التقسيم سياسيا وليس قانونيا.. وهناك مجتمعات أجنبية تستخدم نظام القائمة، وأخرى تستخدم النظام الفردى.. وهذه المجتمعات تمارس فيها السياسة من خلال الأحزاب.. ولا يوجد عندهم أعضاء نواب مستقلون.. وفى مصر طبقنا فى الماضى النظام الفردى. ونحن فى مصر لدينا نظام ديمقراطى وليد به بعض الإشكاليات فلا بد أن نراعيها وعلينا التماشى مع الظروف الاجتماعية التى نعيشها، واستحداث نموذج يتفق مع مجتمعنا المصرى الحالى. وينهى المستشار نور الدين على حديثه أنه توجد أخطار فنية بالدستور الحالى لكن علينا عبور هذه المرحلة بسلام وعلينا الالتزام بنسبة الانحراف «25%».. وهناك قاعدة تقول: إن المشرع يستطيع الخروج عن القاعدة الخاطئة بالمساواة مع مراعاة المصلحة العامة.. فلدينا المحافظات الحدودية وعدد سكانها قليل بالنسبة لباقى محافظات الجمهورية، وبالرغم من ذلك فإن المشرع لا ينظر إلى الاعتبارات الخاصة بالمساواة فى هذا الشأن لدوائر المحافظات الحدودية وأنه ينظر إلى الصالح العام. فيما يرى د. عبد المنعم بخيت عضو مجلس الشعب سابقًا أن القانون الجديد لتقسيم الدوائر رغم صعوبته لاتساع الدوائر يحقق العدالة النسبية طبقا لما جاء بالدستور.. وقانون تقسيم الدوائر الجديد المزمع إصداره بعد التعديل لا تزيد فيه معدلات الانحراف عن 25%.