نقلت بعض وسائل الإعلام أخبارًا عن قيام مصر بإرسال قوة بحرية إلى منطقة باب المندب.. كتعزيزات لتأمين المضيق من سيطرة الحوثيين وحماية الملاحة الدولية.. وأكدت الأنباء أن البحرية المصرية تفرض سيطرتها تمامًا على مضيق باب المندب. فى نفس الوقت قالت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية إن إيران قامت بتحريك بعض القطع البحرية الإيرانية ناحية باب المندب. هل هى بداية مواجهة عسكرية عربية إيرانية؟.. السؤال بصيغة أخرى: هل سيتحول الصراع العربى الإيرانى من مرحلة المشاكسة إلى مرحلة المواجهة؟! وفيما يتعلق بهذا المشهد تحديدًا والذى تدور أحداثه فى منطقة باب المندب.. يؤكد الخبراء العسكريون أن المواجهة العسكرية بين البحرية المصرية والبحرية الإيرانية مستبعدة تمامًا.. لأسباب كثيرة ومتعددة أهمها أن القطع البحرية الإيرانية تمركزت فى المياه الدولية ولم تدخل إلى منطقة المياه الإقليمية لليمن.. ومن ثم فإنها بعيدة عن القطع البحرية المصرية.. كما أن القطع الإيرانية تفتقد فى الحقيقة القدرة على دخول المياه الإقليمية اليمنية وباب المندب لأنها لا تملك غطاء جويًا مثل القطع المصرية. والحقيقة أيضا أن قطع البحرية المصرية المتواجدة فى منطقة باب المندب تعتبر من الناحية العسكرية أقوى من قطع البحرية الإيرانية.. فضلا عن أن القطع الإيرانية المتواجدة فى المياه الدولية لا تشكل أى عائق أمام عمل القوات الدولية المتواجدة فى المنطقة.. وليس مسموحًا على الإطلاق بالاقتراب من الممرات البحرية الدولية أو تعطيل حركة الملاحة فيها. كل هذا بالإضافة إلى أن أى تدخل من جانب البحرية الإيرانية إلى جانب الحوثيين يمثل بالنسبة لإيران مغامرة أو مقامرة غير محسوبة.. فالولايات المتحدة على سبيل المثال لن تبقى فى هذه الحالة بعيدة عن مسرح العمليات لأن تدخّل إيران يعنى إغلاق باب المنتدب ومن ثم عرقلة حركة الملاحة الدولية وهى مسألة سيترتب عليها ارتفاع أسعار البترول.. ولذلك فلن تغامر إيران بالدخول فى مواجهة عسكرية مع البحرية المصرية خاصة فى منطقة باب المندب. لكن لماذا حركت إيران قطعها البحرية من الأساس؟! ??? ليس سرًا أن إيران تسعى لتوسيع دورها الإقليمى والسيطرة على المنطقة واعتبار نفسها اللاعب رقم واحد فيها! إيران فى الحقيقة لا تخفى أطماعها التوسعية خاصة فى منطقة الخليج العربى.. ثم إن بينها وبين العرب ثأرًا قديمًا من أيام الامبراطورية الفارسية.. وحتى فى التاريخ الحديث هناك ثأر يجمع بينها وبين العرب.. خاصة مصر التى تدخلت فى الحرب العراقيةالإيرانية فحولت هزيمة العراق إلى انتصار! والحقيقة أن إيران فى سعيها لتوسيع دورها الإقليمى والسيطرة على منطقة الخليج قامت أولا بتغيير جلدها القديم عن طريق تبنى القضية الفلسطينية على عكس سياسات الشاه محمد رضا بهلوى التى انحازت للغرب وإسرائيل.. ثم إنها بدأت تسعى لفتح أبواب خلفية تدخل منها إلى المنطقة أو بمعنى أصح تلعب فيها بالمنطقة! حزب الله فى لبنان وتأييد نظام حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد فى سوريا.. ثم جاء الدور على البحرية فقامت بدعم حركة «الوفاق».. لكن إيران فى النهاية أدركت أنها لا تستطيع أن تعتمد على البحرين كجسر تنطلق منه إلى منطقة الخليج.. وذلك بعد أن وقف الشعب البحرينى إلى جانب قيادته وأدرك أن مصلحة البحرين فى الابتعاد عن إيران.. ساعتها قررت إيران أن تستبدل البحرين باليمن وتعتمد على الحوثيين لإقامة جسر تتجه منه إلى السعودية ودول الخليج. وتطورت الأحداث بسرعة خاصة بعد أن بدأت العمليات العسكرية لعاصفة الحزم.. وبعد أن قامت القوات البحرية المصرية بالسيطرة على منطقة باب المندب وتأمينها. ومن ناحيتها قامت إيران بتحريك بعض قطعها البحرية إلى المنطقة. ولا يزال السؤال مطروحًا: لماذا حركت إيران قطعها البحرية من الأساس؟! ??? اتفقنا أن إيران لا تسعى لمواجهة عسكرية فى باب المندب ولا تقدر عليها.. ولكنها فى نفس الوقت حريصة على بقاء اليمن رأس جسر تدخل منه إلى منطقة الخليج وتسيطر عليها.. ومن ثم فإن الهدف الرئيسى من تحريك القطع البحرية الإيرانية هو أن تبعث إيران برسالة إلى الدول العربية تقول فيها إنها موجودة فى المنطقة. الحقيقة أن نفس الرسالة تريد إيران أن ترسلها للمجتمع الدولى: أنا موجودة!. إيران أيضا تتصور من خلال تواجدها العسكرى أن تؤكد أن الحوثيين (التى تعتمد عليهم) موجودون ويمثلون طرفا أصيلا فى المعادلة السياسية فى اليمن.. وهى فى النهاية تأمل من خلال تواجدها العسكرى فى أن تضغط فى اتجاه الحل السياسى (الذى كان يرفضه الحوثيون) لكى يصبحوا - الحوثيون - قادرين على العودة إلى المشهد السياسى.. ومن ثم استمرار الاعتماد عليهم فى تنفيذ المخططات الإيرانية! تحريك القطع الإيرانية إذن هو مجرد استعراض للقوة ولس سعيًا لمواجهة عسكرية. لكن من يضمن أن يستمر الحال كما هو عليه؟! ??? ربما تحولت المشاكسة إلى مواجهة.. وربما تطورت الأحداث وتغير المشهد ودخل الصراع العربى الإيرانى مرحلة جديدة تبدأ فيها مواجهة عسكرية شاملة.. كل الاحتمالات قائمة.. ولن يخرجنا نحن العرب من دوامة الاحتمالات إلا الوحدة والاتحاد. ملحوظة: ليس هناك طريق آخر !