تباينت آراء المرشحين والقوى السياسية بل وخبراء الاقتصاد حول الحكم الصادر من قبل المحكمة الدستورية العليا بشأن بطلان المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر الانتخابية وأعقبه قرار من اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية بتأجيل الانتخابات إلى حين إجراء الحكومة التعديل التشريعى اللازم الذى معه تتوقف الإجراءات الانتخابية. رأى البعض أن الحكم أفضل لأن التقسيم كان غير عادل ولا يخدم سوى المال والعصبيات فيما رأى البعض الآخر أن التأجيل ضيع الكثير من الأموال التى أنفقها بعض المرشحين فى الدعاية وتغيير الدوائر وهو ما جعل كل الجهد الذى بذل والأموال التى أنفقت يضيع دون جدوى إلا أن الجميع اتفق على المثل القائل مصائب قوم عند قوم فوائد. يؤكد د. عبد الله حسن الفقيه الدستورى أن حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر الانتخابية واجب النفاذ ويجب تعديل القانون بشكل يتلاءم مع تقرير هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا، وهذا الأمر لا يستغرق وقتا كبيرا، فى حال اجتمع قسم التشريع فى مجلس الدولة مع مفوضية المحكمة الدستورية لإصلاح وتعديل القانون، وفتح باب الترشح سيكون بعد تعديل القانون ومن الممكن أن تتم الانتخابات البرلمانية بعد شهرين من الآن على الأكثر، مشيرًا إلى أن التأجيل سيعطى الفرصة لعدد من المرشحين لمزيد من الاستعداد والتركيز على أعمال الدعاية داخل دوائرهم خاصة أن إعادة ترسيم الدوائر سيقلل من الفارق ما بين إعداد الناخبين بكل دائرة، موضحًا أن الأمر لن يصل لحد الترسيم الحسابى لإعداد الناخبين بكل دائرة فهو أمر صعب ولكن لن تكون هناك فوارق كبيرة بين دائرة وأخرى. ويقول د. طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن هناك قوى سياسية داخلية وخارجية تريد عدم إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة من أجل مصالح شخصية ومن أجل تصوير الأمر والمشهد على أن الدولة المصرية غير قادرة على إجراء الانتخابات البرلمانية، قائلاً: «سياسياً..لم أكن أتمنى تأجيل الانتخابات البرلمانية». ولكن علينا التأكيد على احترام أحكام القضاء مهما كانت، وأوضح فهمى أنّ الذى يرسم صورة مصر حالياً الدعاوى القضائية، لأنّ القوى السياسية والأحزاب لم تستطع رسم الصورة السياسية. وتابع فهمى أن هناك دوافع نبيلة لكل من قدموا الطعون على مدى دستورية قانون الانتخابات، إلا أنّ قضية تأجيل الانتخابات ليس فى صالح الحياة السياسية، لافتاً إلى أنه لا يوجد نظام انتخابى فى مرحلة انتقالية خرج عليه إجماع. ولكن علينا أن نحترم أحكام القضاء ونعجل سريعا فى تعديل قانون الدوائر. انتعاش السوق وقال د. أحمد سامى الخبير الاقتصادى، إن إصدار المحكمة الدستورية لقرار يبطل بعض القوانين الخاصة بالانتخابات البرلمانية يؤثر بعض الشىء على الاستعدادات التى تجرى لإنجاح المؤتمر الاقتصادى المرتقب بشرم الشيخ، مشيرًا إلى أن الحكومة أصبحت محملة بأعباء زائدة بعدما تعطلت الانتخابات. وأوضح أن المستثمر يأتى دائما إلى البلد التى يشعر فيه بالاستقرار السياسى والأمنى والدفء الاقتصادى وعلى الرغم من الاستقرار النسبى لمصر عن أعوام سابقة واستقرارها العام مقارنة ببعض الدول فى المنطقة إلا أن قرار الدستورية فى هذا السياق سيؤثر سلبا ولو بشكل بسيط. ويضيف وعلى الرغم من ذلك فإن هناك استفادة لحركة الأموال فى السوق الداخلى هذه الأيام وهو ما يؤثر إيجابا على بعض القطاعات الإنتاجية والعمال وأصحاب المهن اليدوية الحرة فى كافة محافظات مصر فمما لاشك فيه أن أعداد الناخبين التى تقدر بالمئات فى متوسط إنفاق لايقل عن المليون جنيه على أقل تقدير ويزيد لدى البعض ليصل إلى عشرة ملايين بل يتعدى هذا الرقم أحيانا كثيرة كل تلك الأموال ستنعش السوق الداخلى وحركة المال فى الداخل وهو ما يعود بالنفع على المواطن البسيط صاحب الحظ الأوفر من هذه الاستفادة ليحقق المثل القائل مصائب قوم عند قوم فوائد وعملية إعادة ترسيم الدوائر وفتح باب الترشح مرة أخرى سيجدد عملية ضخ أموال الدعاية مرة أخرى خاصة من جانب بعض المرشحين ممن ستتغير دوائرهم الانتخابية بعد إعادة تعديل الدوائر وحتى بعض المرشحين الذين سيظلون داخل دوائرهم فإن زيادة فترة الاستعداد للانتخابات وتعديل المادة الثالثة فى قانون الانتخابات والتى لن تقل بأى حال من الأحوال عن شهرين ستزيد من حجم المبالغ التى سيتم دفعها فى أعمال الدعاية والخدمات العينية. ميعاد مناسب ويضيف العميد علاء عابد الخبير الأمنى والقانونى، مدير المركز الإقليمى لحقوق الإنسان أن حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان بعض مواد قانون تقسيم الدوائر الانتخابية جاء فى موعده، وهو مهم لأنه لو صدر الحكم عقب انعقاد المجلس لحدثت كارثة تكبد الدولة خسائر تدخل فى 2 مليار جنيه بالإضافة إلى 2 مليار أخرى ينفقهم المرشحون فى الدعاية الانتخابية. وطالب عابد بطرح قانونى تقسيم الدوائر الانتخابية ومباشرة الحياة السياسية للحوار المجتمعى للاتفاق عليه حتى لا يطعن عليه مرة أخرى، مضيفا أن الدستور نص على أن يكون توزيع النواب حسب عدد السكان ثم عدد الناخبين ثم على المساحة السكانية فلو افترضنا أن مركز الصف مثلا فيها 200 ألف ناخب و400 ألف مواطن فلا يجوز أن يكون له نائب واحد فقط، ومايو والتبين عدد سكانها لا يتجاوز 75 ألف ناخب وله نائب أيضا، فهنا ظلم فى تقسيم الدوائر، متسائلا كيف يكون هناك ناخب يختار مرشحا آخر فى دائرة ثانية يختار مرشحين وثالث فى دائرة ثالثة يختار 3 مرشحين ؟، فالقانون ينص على أن يكون عدد النواب مناسبا لعدد المواطنين فلابد من ألا يقل عدد النواب فى أى دائرة عن نائبين. وأكد الخبير القانونى على ضرورة إعادة تقسيم الدوائر بشكل محترم أكثر مما رأيناه حتى لا تؤجل الانتخابات مرة أخرى ويؤجل على أثرها انعقاد البرلمان وهذا يؤجل البت فى القوانين المنظمة للاستثمار مما يعوق مصر اقتصاديا واستثماريا وتنمويا وزراعيا وصحيا وتعليميا وغيرها، لأن جميع المواد فى الدستور أحيلت للبرلمان للبت فيها. مصائب وفوائد أما الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع فيرى أن تأجيل الانتخابات يصب بشكل مباشر فى مصلحة الفلول وبعض رجال الإخوان ممن لايزالون متواجدين ويبحثون عن تمثيل فى البرلمان القادم وأضاف أنه يمكن أن يكون الحكم بعدم دستورية المواد، جاء فى صالح بعض أعضاء الحزب الوطنى المنحل.