فى قمة عالمية بواشنطن سعت الولاياتالمتحدة إلى حشد وتعبئة الأسرة الدولية ضد «الإرهاب» ورغم حضور ممثلين لأكثر من 60 دولة ومنظمة فإن القمة التى استمرت ثلاثة أيام اختتمت دون أن تسفر عن أى إجراءات عملية. ومن واشنطن إلى مكةالمكرمة حيث استضافت رابطة العالم الإسلامى «المؤتمر الإسلامى العالمى لمكافحة الإرهاب» برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وبعد أربعة أسابيع ستستضيف القاهرة القمة العربية القادمة وجاء فى بيان للجامعة العربية أن القمة ستبحث على نحو معمق الآثار الخطرة التى يمثلها الإرهاب على جميع دول المنطقة العربية والعالم. كما عقد بمقر الجامعة بالقاهرة الأسبوع الماضى مؤتمر الأمن الإقليمى والتحديات التى تواجه المنطقة العربية. تحديات كبيرة إن الأمة الإسلامية تتعرض لعظيم الخطر جراء تغول الإرهاب المتأسلم بالقتل والغضب والنهب جاوزت جرائمه حدود عالمنا الإسلامى متمترسًا براية الإسلام زورًا وبهتانًا وهو منه براء.. كانت تلك كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبد العزيز فى افتتاح المؤتمر العالمى «الإسلام ومحاربة الإرهاب». وشدد خادم الحرمين على مواصلة المملكة مشاركتها فى التحالف الدولى ضد الإرهاب. وأضاف على الأصعدة العربية والإقليمية والإسلامية وضعت المملكة يدها فى أيدى الأشقاء لمواجهة الظاهرة الإرهابية أمنيًا وفكريًا وقانونيًا. وشارك فى المؤتمر الذى نظمته رابطة العالم الإسلامى فى مكةالمكرمة أكثر من 700 شخصية من كبار العلماء والمفكرين والدعاة والمتخصصين. وقال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى د. عبد الله بن عبد المحسن التركى إن الأمة المسلمة اليوم تواجه تحديات كبيرة تستهدف دينها وتشوه حضارتها وهذا الأمر ليس بجديد عليها فما زال التاريخ القريب والبعيد يحدثنا عن الكثير من الكيد والافتراء الذى دس على الإسلام بقصد النيل منه. وأضاف: لكن الجديد فى واقعنا أن بين ظهرانينا ومن أبنائنا من يقدم الأنموذج الأسوأ الذى بحث عنه كثيرًا الطاعنون فى الإسلام بأبشع التهم من غير أن يجدوا دليلًا على دعواهم. وقد شهد المؤتمر سبع جلسات علمية كما أقيمت ست ورش عمل هى: تطبيق الشريعة والحكم الإسلامى الرشيد، تجارب مكافحة الإرهاب جهود المملكة العربية السعودية أنموذجًا مفهوم الجهاد فى الشريعة الإسلامية ضوابطه أحكامه آدابه أفضل الوسائل لعلاج الإرهاب برامج عملية لمكافحة الدولة فى الرؤية الإسلامية المعاصرة ودور الإعلام فى مواجهة الإرهاب. وأكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتى عام السعودية على أهمية المؤتمر وحث على تضافر الجهود بين جميع مؤسسات الدولة التعليمية والإعلامية فى مكافحة التطرف وكشف الغطاء عن أربابه موصيًا خطباء المساجد بضرورة التنبيه والتحذير لخطورة الأمر ووصف تنظيم «داعش» وكل المنضوين تحت لوائه بأنهم «منافقون». ظاهرة مركبة وأكد عدد من العلماء والمفكرين أن المؤتمر يأتى فى زمن كثرت فيه الأعمال الإجرامية باسم الإسلام مطالبين العلماء والمنظمات الإسلامية بإيجاد مفهوم مشترك لتعريف الإرهاب والتوحد لمحاربته. وأكد د. أحمد الطيب شيخ الأزهر أن الإسلام يرفض ما تقوم به الميليشيات المسلحة التى تنسب أعمال القتل والتدمير للإسلام والإسلام منها برىء كما أدان الطيب الأعمال الإجرامية ضد المواطنين العزل، مشددًا على وجوب نشر قيم التسامح التى دعت إليها الأديان السماوية وضرورة التعايش السلمى. وأوضح د. شوقى علَّام مفتى مصر أنه ليس من الإنصاف أن نحصر المعارك العقائدية والأيديولوجية ونواجهها فى مصر والشرق الأوسط فقط كون الإرهاب يمثل خطرًا عظيمًا يهدد الشعوب والدول ولا يستثنى أحدًا ووصف علَّام فاعليه بالمجرمين والمفسدين فى الأرض، مشيرًا إلى أن تجديد الخطاب الدينى أصبح ضرورة ملحة دون المساس بالثوابت الدينية المتفق عليها. وقال د. عبد الرحمن السديس الرئيس العام لشئون الحرمين إن ثمة وسائل مهمة للتصدى للإرهاب وتحصين الشباب من مخاطره منها: إنشاء فضائية متخصصة وقيام مشروع حضارى يعنى ببيان إشراقات الدين ورحمته ويسره والاضطلاع بمشروع إسلامى حضارى لعلاج ظاهرة الإرهاب. قمة البيت الأبيض ومن جانب آخر اختتمت قمة البيت الأبيض لمواجهة التطرف أعمالها بعد أن توافق المشاركون فيها على قائمة توصيات بتدارك الأسباب الاجتماعية لتفشى التطرف. وتحدث الرئيس الأمريكى عن ضرورة التصدى للتطرف والإرهاب مدافعًا عن الدين الإسلامى وضرورة تصحيح المفاهيم. إلا أن ما قاله الرئيس أوباما لا يتجاوز أن يكون تنظيرًا. دفاع الرئيس أوباما عن الإسلام والمسلمين وقوله إن المتطرفين لا يمثلون مليار مسلم أمر جيد لكن هذا الحديث يتطلب خطوات عملية وأفعالا وليس أقوالا ومكافحة الإرهاب تتطلب تدخلًا سريعًا خاصة أن هناك دماء تسال ودول تهدم فالمطلوب وقف نزيف الدم فى المنطقة ووقف تدمير الدول. وكان البيت الأبيض قد أصدر بيانًا فى ختام القمة الخميس قبل الماضى بإدانة الهجمات الإرهابية فى مختلف أنحاء العالم وأكد المشاركون التزامهم بمواجهة التطرف العنيف. القمة استمرت ثلاثة أيام بحضور ممثلين من ستين دولة ومنظمة وبين المشاركين كان هناك الأمينان العامان للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية: بان كى مون ونبيل العربى. واتفق كى مون والعربى خلال لقائهما فى واشنطن على مواصلة مشاوراتهما فى قضايا مواجهة الإرهاب. وقال بيان للأمانة العامة للجامعة العربية إن العربى أطلع كى مون على الجهود التى بذلتها الجامعة فى هذا المجال، مؤكدًا أن القمة العربية القادمة التى ستعقد بالقاهرة يومى 28 و29 مارس ستبحث على نحو معمق الآثار الخطرة التى يمثلها الإرهاب لجميع دول المنطقة العربية والعالم، موضحًا أن القادة العرب سينظرون فى اتخاذ القرار المناسب وفقًا لمعاهدة الدفاع العربى المشترك لعام 1950 وبروتوكولاتها. وانتقد العربى البيان الذى صدر عن قمة البيت الأبيض واصفًا إياه بأنه ضعيف وهزيل جدًا وتساءل: هل يعقل أن نجتمع اليوم كى نصدر قرارًا للجمعية العامة فى سبتمبر المقبل الأمر ملح جدًا ولا يحتمل التأخير. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد خصصت مبلغ 188 مليون دولار لدعم برامج إصلاحية كفيلة بالحد من ظاهرة التطرف العنيف فى أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وفى الولاياتالمتحدة وركزت قمة البيت الأبيض على التطرف والإرهاب اللذين يجسدهما تنظيم «داعش» ومخاطر انتشار أيديولوجيته خصوصًا فى المجتمعات الأمريكية وسبل منعها. تحذيرات العربى ومن جهة أخرى حذر د. نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال كلمته أمام مؤتمر الأمن الإقليمى من أن الوطن العربى يشهد فى المرحلة الحالية تهديدات جسام لها تداعيات كبرى تمثل تهديدًا لكيانه وهويته لافتًا إلى أن ثقافة التطرف والأصولية تؤدى إلى إشاعة العنف الدموى وما تحمله من مخاطر وتهديد للأمن القومى العربى. وشدد على أن ما تشهده بعض دول الوطن العربى من تداعيات كبرى تفرض علينا ضرورة إعادة التطرف فى المنظومة الفكرية العربية بأسرها بما فى ذلك الفقه والاجتهاد والثقافة والتعليم والفنون والآداب ووضع المقاربات التى تكفل تحرير هذه المنظومة مما علق بها من غلو وتطرف. وكان العربى قد افتتح أعمال «مؤتمر الأمن الإقليمى والتحديات التى تواجه الدول العربية» والذى نظمه المجلس المصرى للشئون الخارجية بالتعاون مع جامعة الدول العربية.