رغم محاولات البحث عن حلول سلمية وطرق آمنة للخروج من الأزمة مازال الوضع فى اليمن مرشحًا للانفجار فى ظل الأزمات التى تحاصر السلطة وصانعى القرار بدءا من الرئاسة ومرورا بالحكومة وصولا إلى البرلمان والشارع اليمنى الحائر بين منحنيات سياسية معقدة وعمليات عسكرية تهدف لسيطرة جماعة الحوثى على مؤسسات الدولة ولم تصل كل الأطراف إلى أى من سيناريوهات الحل والتفاوض الذى يدور خلف الكواليس وحتى الحوارات المعلنة وكلها أمور دفعت الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى ورئيس الحكومة خالد بحاح إلى تقديم الاستقالة والإعلان بأن اليمن وصل إلى طريق مسدود فى حين استمرت جماعة أنصار الله فى تبرير انقلابها على السلطة. وأعلنت معظم الأحزاب السياسية فى اليمن مقاطعة الحوار مع الحوثيين، وهو الحوار الذى يرعاه المبعوث الأممى إلى اليمن، جمال بن عمر، من أجل التوصل إلى صيغة لإنهاء الأزمة المتصاعدة فى البلاد. ومن أبرز الأحزاب التى أعلنت هذا الموقف الحزب الاشتراكى اليمنى، والتنظيم الوحدوى الشعبى الناصرى، وحزب التجمع اليمنى للإصلاح الإسلامى وتكتل أحزاب «اللقاء المشترك»، التى كانت شريكة فى الحكومة المستقيلة، فى الوقت الذى اعتبرت فيه الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية فى اليمن وعدد من الدول الأوروبية أن استقالة الرئيس هادى وحكومته جاءت رد فعل على ضغوط تعرضوا لها من «مفسدين»، حسب تعبيرهم. وأكدت الأحزاب أنه لا يمكن أن يكون هناك لقاء أو حوار أو تفاهم فى ظل غياب التهيئة لهذا الأمر، من جانب، ومن جانب آخر، هناك اعتقالات وهناك مسئولون تحت الإقامة الجبرية، وهذا لا يسمح بوجود حوار أو الجلوس على طاولة واحدة. من بين الأفكار المطروحة بقاء عبد ربه منصور هادى رئيسا وتراجعه عن استقالته، مقابل ضوابط وضمانات مطروحة عليه وعلى الآخرين (أنصار الله) وغيرهم، أهمها التمسك بمخرجات مؤتمر الحوار الوطنى واتفاق السلم والشراكة، وأن ينهى الحوثى المظاهر المسلحة من العاصمة صنعاء، وأن يترك للمؤسسات الحكومية المجال لممارسة دورها، وكذا المؤسسة الأمنية، بمعنى أن يترك المجال للحكومة فى أن تعمل دون تدخل أو هيمنة. أما بالنسبة للرؤية الثانية فهى تدور حول تشكيل مجلس رئاسة لإدارة البلاد يضم كل مكونات القوى السياسية فى الشمال والجنوب تكون مدته عامًا للإعداد لدستور جديد ثم إجراء انتخابات رئاسية. وحول أفق الحل للأزمة اليمنية الراهنة فى ظل استمرار الحوثيين فى استخدام القوة والسيطرة على مؤسسات الدولة يبدو أن جهود المبعوث الدولى جمال بنعمر تدور فى البحث عن صيغ توافقية منها ترك الحرية للمواطنين للتعبير عن آرائهم ومواقفهم. رفع الحصار والإقامة الجبرية المفروضة على المسئولين، بدءا بالوزراء ورئيس الوزراء وانتهاء برئيس الجمهورية. الثالثة: إطلاق سراح د.أحمد عوض بن مبارك، مدير مكتب رئاسة الجمهورية، أمين عام مؤتمر الحوار الوطنى الشامل، وأخيرا الموضوع العسكرى واستخدام القوة من قبل الحوثيين وقد تم تنفيذ واحدة من هذه الإجراءات هى إطلاق سراح أحمد بن مبارك فقط ومازال الرئيس اليمنى يرفض العدول عن استقالته. هذا الوضع المتأزم دعا الدول العشر الراعية للتسوية السياسية فى اليمن ومعها عدد من الدول الأوروبية يعبرون عن قلقهم العميق إزاء التطورات الأخيرة فى اليمن، واعتبروا أنه «ليس من المقبول استخدام العنف بغرض تحقيق مآرب سياسية أو إسقاط المؤسسات الشرعية»، كما أوضحوا أن استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادى وحكومة الكفاءات برئاسة خالد بحاح جاءت «رد فعل على الضغوط التى تعرضوا لها من مفسدين يسعون إلى انحراف العملية الانتقالية عن مسارها. وأضاف بيان سفراء الدول العشر، وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وروسيا الاتحادية، والصين، والمملكة المتحدة، وفرنسا، إضافة إلى سفراء الإمارات، والبحرين، والسعودية، وسلطنة عمان، والكويت، أنه «ينبغى أن يكون من أوصلوا البلد، خلال الأسابيع الماضية، إلى هذا الوضع مسئولين أمام الشعب اليمنى الذى يعيش أكثر من نصفه دون مستوى خط الفقر، والذى سيكون أكبر المتضررين بسبب الأحداث الأخيرة»، وأنه «يجب أن يكون هدف جميع اليمنيين استمرار العملية السياسية السلمية والشرعية بشفافية ووفق جدول زمنى محدد استنادا إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى واتفاق السلم والشراكة الوطنية، والمهام المتبقية فى مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ذلك الدستور والاستفتاء والانتخابات». وانتقد سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية لحل الأزمة فى اليمن، الإجراءات التى اتخذها الحوثيون بحق الوزراء والمسئولين فى الحكومة، وقالوا فى بيانهم إن «إبقاء أى من الوزراء أو مسئولى الحكومة قيد الإقامة الجبرية أو اختطافهم هو أمر غير شرعى على الإطلاق»، ودعوا «جميع الأطراف إلى الابتعاد عن العنف، والعمل السلمى معا نحو مستقبل أكثر إشراقا لليمن، لكن ظل عبد الملك بدر الدين الحوثى زعيم جماعة أنصار الله الحوثيين على موقفه وذهب الى وصف استقالة الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى والحكومة اليمنية بأنها خطوة غريبة ومناورة غير جادة ثم استطرد قائلا ولكن لعل عواقبها خير للبلد. ودعا الحوثى، فى كلمة له نقلها تليفزيون المسيرة التابع للجماعة، اليمنيين وكل من يشعر بالمسئولية تجاه البلد إلى دعم انتقال سلمى سريع للسلطة على قاعدة الشراكة ومرجعية الحوار الوطنى واتفاق السلم والشراكة وترتيب الوضع السياسى الداخلى وإنجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية حتى نهايتها. وقال إن هناك مشاورات مستمرة مع القوى السياسية وبرعاية أممية ونحن نتمنى لها النجاح ولكن لا غنى عن الدور الشعبى ويجب أن يستمر الزخم الشعبى الذى يعبر عن صلابة وقوة الشعب وتحمله المسئولية لمواجهة كل التحديات والأخطار. وحذر بعض القوى سواء فى الداخل أو الخارج التى تريد تأزيم الأوضاع فى اليمن من أن الشعب لن يقف مكتوف الأيدى أو متفرجا ولن يقبل من أى طرف أن يذهب بالوضع نحو الانهيار.. ووصف هؤلاء الذين يريدون تأزيم الوضع بالفوضويين، مؤكدًا أن خطواتهم فى هذا الاتجاه حمقاء وسيقوم الشعب بكل ما هو ضرورى ومتاح لمواجهة الفوضويين بمساعدة الجيش واللجان الشعبية ولن يفرط فى أمنه واستقراره. كما حذر الحوثى من أن التآمر على البلد والدفع به نحو الانهيار ليس فى مصلحة الجميع سواء من فى الداخل أو الخارج وسيكون له مردود سلبى على المنطقة ولذلك يجب دعم الخطوات الإيجابية لانتقال سلمى للسلطة وتشجيع اليمنيين على التوافق. وأضاف أن الشعب اليمنى شعب عظيم بجيشه ولجانه الشعبية يملك المقومات اللازمة ليحمى نفسه ويقرر مستقبله ويحدد مصيره وهو يتحرك تحركا مشروعا ومسئولا فى هذا الاتجاه وإذا قامت أى أطراف بتحرك يستهدف الشعب فسوف يتخذ الموقف القوى الذى يسقط كل المؤامرات مهما كان حجمها وكل مؤامرات الفوضى وإرباك الوضع سواء على المستوى الإعلامى أو أحداث الفوضى عمل بائس سيتصدى الشعب له. وحاول تهدئة مخاوف اليمنيين فى الجنوب وتعز ومأرب فدعا إلى تجنب كل النعرات الطائفية والمناطقية والمذهبية لأن اليمنيين لهم دين ووطن ومصير واحد وقوتهم فى وحدتهم وليس فى تفرقهم. ووجه الحوثى، فى نهاية خطابه، دعوة الى اجتماع كبير وتاريخى فى صنعاء بهدف مراجعة الوضع الداخلى على المستوى السياسى والأمنى والخروج بقرارات مهمة.