يبالغ البعض فى انتقاداتهم للإعلام، وخصوصًا للفضائيات الخاصة التى سحبت البساط من تحت أقدام قنوات التليفزيون الرسمى، وأصبحت تشكل قسمًا مهمًا من وعى الناس وتحدد صورتهم الذهنية عن كثير من القضايا والأشخاص. ورغم أهمية تلك الفضائيات الخاصة، وخطورة الدور الذى تلعبه فى السنوات الأخيرة، سلبًا وإيجابًا، إلا أنها ليست المصدر الوحيد لتكوين الرأى العام، سواء هى أو الصحف القومية والخاصة، بل على العكس، فإن المبالغة الشديدة التى تتناول بها بعض القضايا والأسلوب الفج المباشر الذى تحاول به تحريك وتحريض الرأى العام فى اتجاه سياسى معين، يفقدها أحيانًا مصداقيتها ويدفع الناس نحو الاتجاه المعاكس. وما لا يعرفه الكثيرون أن معظم مقدمى برامج «التوك شو» ليسوا سوى أدوات يحركهم ويلقنهم ما يقولون جنود آخرون مجهولون، هم رؤساء تحرير تلك البرامج وكُتاب السكريبت، وهم مثل عامل «الكمبوشة» الذى يختبئ فى مكان ما تحت خشبة المسرح ليلقن الممثلين ما يقولون، أو يذكرهم بما هو مكتوب فى النص المعد سلفًا. ومعظم هؤلاء المذيعين يقرأون تعليقاتهم التى يلقونها بانفعال شديد، وتقمص رائع، لدرجة اننا نصدق أنها من بنات أفكارهم، من شاشات كمبيوتر كبيرة تسمى «الأوتوكيو» مثلهم مثل مقدمى النشرات الإخبارية.. وبعض هؤلاء يتلعثم ويلجأ إلى الفواصل الإعلانية للهروب من المشاهدين، إذا حدث عطل فى تلك الشاشات التى يقرأ منها تعليقاته على الأحداث حرفيًا.. وهذا لا يمنع بالطبع أن بعض مقدمى برامج «التوك شو» يخرجون أحيانًا عن النص المكتوب، ويقولون من عندياتهم ما يثير عادة سخرية المشاهدين منهم، ويتحولون إلى مادة صحفية للنميمة وصيد سهل لرواد مواقع التواصل الاجتماعى للتعليق عليهم والتندر بأقوالهم وهفواتهم على الهواء. وكما يتحكم رئيس التليفزيون ورؤساء القنوات وقطاعات الأخبار، فيما يتم بثه من خلال برامج ماسبيرو، فإن ملاك ورؤساء القنوات الفضائية الخاصة هم الذين يتحكمون فى رسم سياسات وتوجيه مذيعى معدى برامج تلك القنوات.. وهؤلاء هم الذين يستحقون الثناء أو الانتقاد أو حتى العقاب!