بعد ثورة 25 يناير 2011 انفجرت ماسورة القنوات الفضائية التى تتحدث فى الدين وتكاد تضيعه ما بين الإفراط والتفريط.. وبدت المسألة كالحرب بين من يدعون أنهم يدافعون عن الدين ونقيضهم الذين يدعون أنهم يدافعون عن إصلاح الخطاب الدينى وحمل لواء تنقية التراث والمدنية والليبرالية إلى آخره.. وكلا الطرفين أخرجا أسوأ ما فى المجتمع وركزا على السب والشتم وحرب الضيوف أكثر مما ركزا على لغة الحوار وفهم العلماء واجتهاد المجتهدين فى القضية.. وأمام شاشات الفضائيات ومعاركها احتار المتلقى من يصدق؟! ومن يكذب؟! وكيف ينتقى السمين من الغث الذى يقذف فى وجهه ليل نهار والذى وصفه الشيخ خالد الجندى الداعية الإسلامى ورئيس قناة أزهرى سابقًا بأنه إعلام الإفراط والتفريط حيث عانى من الإفراط، وعانى أيضًا من التفريط فى المدرسة التى تتبناها القنوات الأخرى، موضحًا أنه بسبب هؤلاء يضيع الخطاب الإعلامى الدينى فى ظل غيبة من الأزهر وهنا تكمن المشكلة الأساسية. وأضاف الجندى أن القنوات الدينية المتخلفة أخرجت خطابا دينيا متشددا ويكفر الآخر ويخوض معارك كثيرة فى تكفير المجتمع ورموزه وعلى النقيض فالخطاب الدينى الذى يقدمه بعض الإعلاميين أمثال إسلام البحيرى وإبراهيم عيسى يخلط ما بين كلام صحيح وآخر مغلوط وهو ما يؤدى إلى فهم الأمور بشكل خاطئ بسبب تداخل الحق والباطل. وأضاف الجندى أن اتخاذ هذه المدرسة لأسلوب السبب والشتم لرموز الفكر الدينى وكان أحدهم واضحًا عندما أكد أنه لا ينتوى تنقية التراث الدينى بل نسفه وقد وصف التراث بأنه عفن وفاسد. وشدد على ضرورة إنشاء قناة للأزهر الشريف لأنها ستقوم بدور إعداد الكوادر اللازمة للخطاب الدينى وتفريغ العديد من النجوم لينتشروا فى القنوات المختلفة على درجة من الفهم والتنوير. وأشار الجندى إلى أنه قد قام بهذه التجربة من خلال إنشاء قناة أزهرى والتى صدرت عددا من النجوم للمجتمع مؤكدًا أنه لولا هذه التجربة ما كنا نجد على الساحة الدكتور العالم سعد الدين الهلالى والشيخ رمضان عبد المعز وغيرهما من النجوم الموجودين على الساحة الآن. مضيفًا أن هؤلاء النجوم تم إعدادهم على مدار 3 سنوات حتى يجد الإعلام ما يطلبه للحديث فيما يخص الخطاب الدينى المعتدل. ويتمنى أن تكون قناة الأزهر هى التى تبدأ بهذه الخطوة. من جانبه أكد د. عبد الله زلطة رئيس قسم الإعلام بجامعة بنها أن القضية فى الأصل هى قضية تراث دينى يحتاج إلى التنقيح فمنذ مئات السنين لم يقترب منه أحد ولم يجرؤ أحد أن يفتح هذا الملف الشائك. وطالب زلطة بضرورة وضع استراتيجية شاملة يضعها الأزهر الشريف ويشارك بها خبراء وأساتذه من جامعة الأزهر والأوقاف والإعلام ومن مختلف المجالات. كما طالب بضرورة أن يبادر الأزهر بالرد على مايثار فى البرامج الدينية من اختلافات للمنهج الوسطى وقضايا فقهية يناقشها غير متخصصين.. ومن فهمه للإصلاح إلى دور الإعلام أكد رئيس قسم الإعلام بجامعة بنها أن هناك تقاعسا شديدا من قبل الدول العربية بسبب عدم وجود قناة تليفزيونية تبث للآخر تعاليم الإسلام الصحيح خاصة فى اوروبا وأمريكا وأسيا وأصحاب العقائد السماوية الأخرى معربا عن دهشته أن التجار العرب الذين وصلوا إلى الدول الأخرى مثل أندونيسيا واستطاعوا إقناع الآلاف بل الملايين بالدخول فى الدين الإسلامى ونحن الآن لا نملك قناة تليفزيونية تبث تعاليم الدين الإسلامى الصحيح بعيدًا عن التشدد والتكفير خاصة فى ظل ظهور بعض الجماعات التكفيرية والمتشددة التى تتحدث فى الإسلام وهى ليست لها صلة بالإسلام مثل عصابات داعش الإرهابية مؤكدًا أن هذه الجماعات تشوه صورة الإسلام. وأنهى زلطة بضرورة إنشاء قناة دينية خاصة بالأزهر الشريف تدعمها الدولة وبعض رجال الأعمال والمجتمع المدنى وتحتوى على برامج دينية تجذب المشاهدين وتكون محل اهتمام المجتمع والعالم فيما تبث من أفكار وفتاوى هذا فضلًا عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعى مشيرًا إلى ان هذه الوسائل أصبحت تجذب الملايين من الشباب حول العالم. الأسوأ قال د. عبد الصبور فاضل عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر مبديا انزعاجه ل «أكتوبر» أن الخطاب الدينى الإعلامى فى الواقع يتجدد إلى الأسوأ وقد رأينا على شاشات الفضائيات والصحف دعوات للإلحاد واستضافة الملحدين وهذا يمثل خطورة على الإعلام وعلى الدين. وتابع فاضل: ولقد رأينا على الشاشات من يفتى ويتحدث فى الدين وليس من أهل الفتوى والدين. وعن تجديد الخطاب الدينى فى وسائل الإعلام شدد فاضل على ضرورة أن تستغل وسائل الإعلام استغلالا جيدًا لتكريس مفهوم دينى يعمق الانتماء لدى الشباب لدينهم ووطنهم وحكوماتهم ومؤسساتهم مشيرًا إلى ما حدث فى بعض الفضائيات والتى يطلق عليها القنوات الدينية فضلًا عما يحدث الآن هو إساءة إلى الدين والمجتمع ولا ينطبق عليه خطاب دينى وهو تبديد للدين ولجهود علماء الأمة.