بعد الانتصار الكبير الذى حققه الجمهوريون فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس وسيطرتهم على مجلسى النواب والشيوخ، توقع الجميع ألا يستطيع الرئيس أوباما اتخاذ أى قرارات أو قوانين طوال الفترة المتبقية له فى البيت الأبيض، ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكى أراد أن يثبت للجمهوريين أنه لا يزال الطرف الأقوى فى الولاياتالمتحدة، وهو ما اتضح بشكل واضح بعد قراره الأخير بإجراء مجموعة من الإصلاحات الواسعة على نظام الهجرة، وعلى الرغم من رفض الجمهوريين لهذه الإصلاحات، إلا أن أوباما أصر على استخدام سلطته القانونية لإصدار هذه الإصلاحات، التى تتضمن تنظيما مؤقتا لحوالى 5 ملايين مهاجر غير شرعى من أصل 11 مليونا يقيمون فى الولاياتالمتحدة تحت تهديد الطرد، واعتبارا من مارس المقبل سيكون فى إمكان أى مهاجر غير شرعى يقيم منذ أكثر من 5 أعوام فى الولاياتالمتحدة، ولديه طفل أمريكى أو يحمل صفة المقيم الدائم، التقدم بطلب للحصول على تصريح عمل لمدة ثلاثة أعوام. وقد وُصفت الخطوة التى اتخذها أوباما بشأن إصلاح نظام الهجرة بأنها الأكثر جرأة، خاصة أنه منذ قيام الرئيس الراحل رونالد ريجان بتسوية أوضاع عدد كبير من المهاجرين عام 1986، فإن كل محاولات إصلاح نظام الهجرة باءت بالفشل، وفى بداية 2013 بدأ التوصل إلى تسوية ممكنة بعد صياغة مشروع قانون فى مجلس الشيوخ من جانب نواب يمثلون الحزبين، لكن المناقشات داخل الكونجرس سرعان ما توقفت، حتى أصدر أوباما قراره الأخير. ودافع أوباما عن قراره قائلا إن مثل هذه الإصلاحات ستدعم الجهود الأمنية على الحدود، وتجعل من الصعب على المهاجرين غير القانونيين مستقبلا الدخول إلى البلاد، ودعا الكونجرس إلى التصويت على إصلاح قانون الهجرة. وكما هو متوقع، قوبل قرار الرئيس أوباما بانتقادات واسعة من قبل الجمهوريين، حيث اتهموه بأنه يعزز اللاشرعية من خلال حماية المهاجرين غيرالشرعيين داخل الولاياتالمتحدة، وتوعدوا بمحاربته فى الكونجرس وأمام القضاء، وعلى الرغم من أنهم لا يستطيعون عرقلة مرسوم رئاسى، فإن لديهم أسلحة يواجهون بها أوباما، ومنها على سبيل المثال ما ذكره السيناتور « تيد كروز» الذى دعا لوقف المصادقة على تعيين السفراء والقضاة والمسئولين فى الإدارة الذين يختارهم الرئيس، مما يعطل عمل الإدارة، وعلى الرغم من هذه التهديدات، إلا أن أوباما يبدو هذه المرة أكثر إصرارا على تطبيق إصلاحاته، من خلال استخدام صلاحياته التنفيذية. ولأن هذه القضية تعد الأهم فى الولاياتالمتحدة فى الوقت الحالى، فقد حظيت باهتمام واسع ليس من الصحف الأمريكية فقط، ولكن أيضا من الصحف العالمية، وفى هذا الإطار كتبت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الحرب السياسية بين البيت الأبيض والكونجرس دخلت مرحلة جديدة، مضيفة أن أوباما يبدو أنه عازم على المضى قدما فى إصلاحاته، خصوصا تلك المتعلقة بنظام الهجرة، فى الوقت الذى يعارض فيه الجمهوريون بقوة أية مبادرة رئاسية، متوعدين بتقويض هذه الجهود، أما صحيفة «لودوفوار» الكندية فاعتبرت أن أوباما وجه ضربة قوية للجمهوريين، وعينه الآن صوب الانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال تقنين وضعية نحو 5 ملايين مهاجر غير شرعى. وفى نفس السياق ذكرت صحيفة «دى فيلت» الألمانية أن حسابات أوباما بدأت تظهر بالنسبة للانتخابات الرئاسية 2016، حيث أن المهاجرين المتجنسين يشكلون مجموعة كبيرة يحتاج إليها الديمقراطيون من أجل الفوز، مضيفة أن الجمهوريين إذا فكروا فى الانتقام من خلال الميزانية، فإن ذلك من وجهة نظر سياسية سيعتبر غباء.