فى حلقة جديدة من مسلسل اضطهاد الإسلام والمسلمين فى فرنسا، والذى يقوده اليمين المتشدد بصفة خاصة، جاء قرار حزب الجبهة الوطنية بتجميد عضوية ماكسونس بوتى طالب الحقوق البالغ من العمر 22 عاما بسبب اعتناقه الإسلام، ليؤكد استمرار الخلفيات الأيديولوجية العنصرية فى فرنسا..وتكريس دورها البغيض تجاه الدين الإسلامى تحديدا، الأمر الذى تؤكده نتائج الدراسات واستطلاعات الرأى التى جرت فى الآونة الأخيرة. ولم يطل الأمد بالمرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتشدد فى فرنسا، والمعروفة بعدائها المستشرى للإسلام، وبحملات حزبها المتعددة على المهاجرين المسلمين من المغاربة والجزائريين، فقررت على الفور طرد ماكسونس بوتى من الحزب، بدعوى نشره لفيديو اعتبره الحزب اليمينى تبشيريا بالدين الإسلامى، خصوصا عندما أثنى «بوتى» على النظام الاقتصادى فى القرآن من خلال تحريم الربا. ورغم البيان الذى نشره المتحدث الرسمى للحزب، عبر صفحته على الفيس بوك، محاولا إنكار وجود علاقة بين قرار اعتناق «ماكسونس بوتى» للإسلام وتعليق عضويته فى بلدية «نوازى لوجران» فى سين سانت دونيه، مبررا القرار بتجاوز العضو «النواميس» المعمول بها، بإرساله دعوات متكررة لزملائه يدعوهم فيها إلى أن يحذوا حذوه.. فقد نفى «بوتى» عبر صفحته على الفيس بوك، أن يكون الهدف من إرساله مقطع الفيديو لزملائه هو حملهم على اعتناق الإسلام، مضيفا أنه بعث برسالته المصورة إلى «عشرة» فقط من كوادر الحزب أثناء تبادل رسائل إلكترونية وأنه عرض فيها «المعجزات العلمية» التى تضمنها القرآن. وفى بلد يعارض 78% من سكانه السماح بارتداء الحجاب أو غطاء الرأس الإسلامى فى قاعات التدريس فى الجامعات، بحسب الاستطلاع الذى أجراه معهد أيفوب الفرنسى، كشفت دراسة أجريت حديثا أن الأعمال العدائية ضد الجالية المسلمة فى فرنسا تصاعدت فى السنوات القليلة الماضية، بنسبة 11.3% فى عام 2013، و34% فى 2012، وبنسبة 28.2% فى 2011. وأشارت الدراسة التى أجراها المجلس الإسلامى الفرنسى إلى ظاهرة خطيرة ومثيرة للقلق انتشرت خلال العام الماضى، ممثلة فى الاعتداء على نساء وفتيات محجبات، حيث رصدت سجلات الشرطة الفرنسية وقوع 226 هجوما مناهضا للإسلام فى عام 2013. الشاب الفرنسى «بوتى» الذى أصبح مادة خصبة لحوار لا يزال محتدما فى فرنسا، ضرب على وتر فى غاية الحساسية، بقوله فى رسالة أخرى عبر الفيس بوك إنه اعتنق الإسلام بعد فترة من البحث، وإنه تأثر بالقرآن الكريم بشدة، لافتا إلى أنه لم يجبر أحدا على شىء».. وقال إنه بسبب عدم تفهم موقفه «فقد رغب فى إظهار صورة مغايرة لهذا الدين فالإسلام ليس الجهاد»..هذا الوتر هو ذاته الذى تطرق إليه الكاتب الصحفى الشهير إيدوى بلينال فى كتابه «من أجل المسلمين»، والذى أدان فيه المثقفين الفرنسيين الذين يخلطون عمدا بين الإسلام والإرهاب والعنف تحت وطأة خلفيات أيديولوجية عنصرية. وكشف بلينال فى كتابه الصادر عن دار «لاديكوفرت» بفرنسا، أن «الإسلاموفوبيا» بلغت حدا لم يعد من الممكن السكوت عليه أخلاقيا، وأن خطورة إلصاق تأزم فرنسا بالمسلمين والمهاجرين بوجه عام تزايدت بصورة لافتة فى الأعوام الأخيرة بتقديمهم كفرنسيين مشبوهين وحاقدين..هذا الطرح الذى قدمه بلينال يتجسد بوضوح فى المحاولات المستمرة للنيل من سمعة المسلمين فى فرنسا ووصمهم بالتطرف، وفى هذا السياق ظهر استطلاع للرأى أعلنت نتائجه قبل أسبوعين، يزعم أن 16% من الفرنسيين يتعاطفون مع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وهو ما تلقفه اليمين الفرنسى المتطرف من أجل الإساءة للمسلمين وتخويف الفرنسيين منهم..معتبرا هذه النتائج دليلا على صحة ما يدعيه الحزب بشأن التطرف المزعوم لمسلمى البلاد.