يبدو أن عقوبات الاتحاد الأوروبى المزمعة ضد روسيا بعد حادث الطائرة الماليزية، لن تكون كافية بالنسبة لبريطانيا التى قررت الضغط على الرئيس الروسى من خلال وسيلة أخرى، إذ أعلنت الحكومة البريطانية بشكل مفاجئ عن إجراء تحقيق علنى فى وفاة «ألكسندر لتيفينينكو» الجاسوس السابق فى جهاز المخابرات السوفيتى « كى جى بى» الذى اتهم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وهو على فراش المرض بعد تسميمه فى لندن عام 2006 بأنه هو الذى أمر بقتله. ويثير التوقيت الذى أعلنت فيه الحكومة البريطانية إعادة التحقيق تساؤلات عدة، خاصة أن الحكومة البريطانية رفضت العام الماضى طلبا بالتحقيق فى موت لتيفينينكو، الذى توفى بعد أن احتسى كوبا من الشاى به مادة مشعة فى أحد فنادق لندن، وهو ما تسبب آنذاك فى اتهام لندن بمحاولة تهدئة الكرملين الذى نفى مرارا تورطه فى الحادث، وفى هذا الإطار تناولت صحيفة « التايمز» البريطانية فى تقرير مطول تلك القضية، فتساءلت فى البداية عن سر التوقيت الذى أعلنت فيه بريطانيا بدء تحقيق علنى فى مقتل ليتفينينكو الذى توفى منذ نحو ثمانى سنوات فى أحد مستشفيات لندن بمرض غامض، وتم العثور على مادة «البولونيوم 210» المشعة فى جسمه فيما بعد، وأضافت الصحيفة أن مارينا أرملة ليتفينينكو سعت بضراوة لسنوات إلى فتح تحقيق فى اغتيال زوجها بالسم، وبالرغم من أن الطبيب المحقق فى أسباب الوفاة التى حدثت فى بريطانيا دعم ذلك الطلب، إلا أن الاعلان عن فتح التحقيق بعد أيام من إسقاط الطائرة الماليزية على الحدود الروسية الأوكرانية، يثير كثيرا من الأقاويل حول إذا ما كانت هذه الخطوة عقابية لروسيا أكثر من كونها تتويجا لجهود مارينا ليتفينينكو لكشف غموض وفاة زوجها. وفى ذات السياق، أكدت العديد من التقارير الصحفية أن التحقيق قد يزيد من توتر العلاقات البريطانية الروسية من خلال التطرق إلى إمكانية تورط موسكو فى وفاة الجاسوس الروسى السابق، وهو اتهام قال أحد كبار القضاة إن هناك أدلة تؤيده. يذكر أن ليتفينينكو هو عميل سابق لدى الاستخبارات الروسية فى مجال مكافحة الجرائم المنظمة (التنظيمات المسلحة)، وأصبح بعد توقفه عن العمل لدى الاستخبارات الروسية مناهضا لها. وقام ليتفينينكو بفضح أمور غير قانونية تتعلق بالاستخبارات والملياردير الروسى بوريس بيريزوفسكى، حتى تم اعتقاله عام 1999، ثم أطلق سراحه لاحقا بعد أن وقع وثيقة تمنعه من مغادرة الأراضى الروسية، ثم هرب بعدها إلى بريطانيا وفيها أطلق اثنين من أشهر كتبه. وفى كتابه تفجير روسيا «Blowing up Russia» كشف الجاسوس السابق أن المخابرات الروسية قامت بعمليات تفجير فى روسيا لتحريض الشعب على الحرب على الأقليات المسلمة عبر إلصاق التهم بالمتمردين الشيشان.