كثيرون هم الرسل الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى الناس يبشرون بشرائع الدين، ويدعون إلى صراطه المستقيم.. وأكثر من الرسل فى العدد الأنبياء.. فالرسول: هو الذى أوحى إليه الله، وكلفه بأن يبلغ الرسالة والشريعة إلى الناس.. أما النبى: فهو الذى جاءه الوحى، ولكن دون شريعة خاصة ورسالة متميزة يبلغها إلى الناس ويدعوهم للاستجابة لها.. ولذلك عرف التاريخ الدينى أنبياء عديدين فى إطار رسالة واحدة كما هو الحال مع أنبياء بنى إسرائيل الذين عاشوا يرعون شريعة موسى عليه السلام ورسالته ونظائر هؤلاء الأنبياء فى رسالة رسولنا ( صلى الله عليه وسلم ) العلماء، الذين يجددون رسالة الإسلام ويرعونها.. ومن هنا جاء حديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) «علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل». والقرآن الكريم لم يحصر عدد الرسل ولا أسماءهم بل حدث الله سبحانه وتعالى رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) عن أنهم كثيرون(مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) غافر 78 وهذا الموقف وهذا النص القرآنى يجعل بعضًا من الباحثين فى الفكر الدينى يميل إلى أن عددًا من الذين اشتهروا فى تراث الإنسانية وتاريخها بالدعوة إلى التوحيد وإصلاح العقيدة الدينية وترك عبادة الأوثان والإخلاص لله واختصاصه بالعبادة والعبودية والدعوة إلى مكارم الأخلاق.. يميل هؤلاء الباحثون إلى عد هؤلاء فى سلك_ الرسل_ أو الأنبياء وذلك مادام القرآن الكريم لم يستقص ولم يحصر عدد الرسل ولا أسماءهم ويزكى هذا البعض رأيه بالآية القرآنية القائلة: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ) فاطر 24 ذلك أن إخبار الله سبحانه وتعالى بأنه قد بعث فى كل أمة جماعة رسولا نذيرًا هو إخبار يقطع بأن الله قد بعث رسلا فى كل الآمم وعلى امتداد تاريخ الإنسانية الطويل، الأمر الذى يفتح باب الاجتهاد حول أسماء «موحدين» تقترب بهم سيرتهم ودعواتهم من صفات الرسل والأنبياء دون أن يكونوا من البعض الذين ورد ذكرهم _كرسل_فى القرآن الكريم. وأغلب الرسل الذين ورد ذكرهم بالاسم فى القرآن الكريم كانوا من أنبياء بنى إسرائيل فلقد ظهر الإسلام يحاجج ويدعو إلى شريعته إما المشركين عبدة الأوثان وإما أهل الكتاب من اليهود والنصارى وأنبياء هؤلاء ورسلهم جميعًا من بنى إسرائيل. لكن ومع هذا ورد فى القرآن الكريم حديث مستفيض عن الرسل والأنبياء العرب الذين أوحى الله إليهم بشرائعه وأرسلهم إلى أقوامهم قبل ختم رسالاته بالنبى العربى محمد ( صلى الله عليه وسلم ). فقوم عاد وهم عرب سكنوا شمالى الحجاز أرسل الله إليهم النبى العربى صالحًا_ عليه السلام. وأهل مدين_ وهم عرب_ سكنوا شمالى الحجاز أيضًا_ أرسل الله إليهم النبى العربى شعيبًا عليه السلام. وغير هؤلاء الرسل العرب الذين ذكرهم القرآن بالاسم تتحدث روايات التاريخ عن «خالد العبسى» ذلك الذى دعا قومه فى نجد قبل الإسلام إلى دين جديد وطالبهم بالإقلاع عن عبادة الأوثان وتحريم الخمر إلخ.. وتقول تلك الروايات إنه قد ظهر لقومه بعض الخوارق كى يؤمنوا به ويصدقوه ولكنهم كذبوه!.. وأكثر من هذا تمضى هذه الروايات فتقول: إن ابنة خالد العبسى_ أو حفيدته عاشت حتى ظهر الإسلام ثم ذهبت فى وفد قبيلتها إلى المدينةالمنورة كى يبايعوا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فلما دخلوا عليه المسجد وقالو له: هذه ابنة خالد العبسى تهلل وجه الرسول ونهض من جلوسه وفرش لها عباءته مرحبا دعاها كى تجلس عليها وقال لها: «مرحبًا يابنة أخى.. مرحبا بابنة بنى صنيعه قومه»! رواه الحاكم. وإن صحت هذه الروايات وإذا صح أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قد وصف خالد العبسى بأنه «نبى» وليس مجرد «متنبئ» فإنه يضاف إلى كوكبه الرسل والأنبياء العرب الذين بشروا العرب بالشرائع الإلهية قبل بعثة خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ). أما نظراء هؤلاء الأنبياء العرب فى التواريخ غير العربية فهم كثيرون.. من مثل إخناتون 1370_1353ق.م فى التاريخ المصرى الذى كانت له فى التوحيد أناشيد.