«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أسرار القرآن .. "‏وما آتاكم الرسول فخذوه‏"
نشر في محيط يوم 02 - 10 - 2010

من أسرار القرآن .. "‏وما آتاكم الرسول فخذوه‏"
د. زغلول النجار
القاهرة : اكد المفكر الاسلامى الدكتور زغلول النجار فى مقاله الاسبوعى بصحيفة "الاهرام" المصرية ان النص القرآني الكريم " وما آتاكم الرسول فخذوه " [‏ الحشر‏:7]‏ جاء في أواخر الثلث الأول من سورة " الحشر‏" ,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ وآياتها أربع وعشرون‏ (24)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم‏(‏ الحشر‏)‏ بسبب حشر يهود‏ بني النضير‏ العرب ال
ي بلاد الشام بعد أن أخرجهم رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ من جواره‏,‏ وإن لجأت طائفة منهم إلي منطقة خيبر العربية إلي الشمال من مدينة رسول الله‏ -‏ صلي الله عليه وسلم‏ - .‏
ويدور المحور الرئيسي للسورة حول‏'‏ غزوة بني النضير‏'‏ التي وقعت في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة‏(‏ الموافق شهر أغسطس سنة‏635‏ م‏)‏ وما تبعها من طرد لهؤلاء من شبه الجزيرة العربية‏,‏ وفضح كل من مخططاتهم المريبة ومسالك المنافقين الذين تعاونوا معهم من كفار ومشركي العرب‏.‏
وفي نفس الوقت تمتدح الآيات في سورة‏'‏ الحشر‏'‏ ما أظهره كل من المهاجرين والأنصار من مظاهر الأخوة الإسلامية الحقيقية التي ظلت تضرب بها الأمثال إلي اليوم‏.‏ كذلك بينت الآيات في هذه السورة المباركة أحكام الفيء ووصية الله لعباده المؤمنين بالتزام تقواه‏-‏ سبحانه وتعالي‏-‏ والخضوع لأوامره‏,‏ ومداومة التفكر في بديع تدبيره الحكيم في كل أمر من أمور خلقه‏.‏
وتؤكد الآيات في سورة‏'‏ الحشر‏'‏ ضرورة استعداد العبد المؤمن للانتقال من الدنيا إلي الآخرة‏,‏ وضرورة المداومة بالثناء علي الله‏-‏ تعالي‏-‏ وتسبيحه وحمده‏,‏ وتنزيهه عن جميع صفات خلقه‏,‏ وعن كل وصف لا يليق بجلاله‏,‏ ولذلك بينت الآيات عددا من أسماء الله الحسني‏,‏ وصفاته العليا‏.‏
هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض سورة‏'‏ الحشر‏'‏ وما جاء فيها من ركائز العقيدة‏,‏ ووصف لغزوة‏'‏ بني النضير‏',‏ والدروس والعبر المستفادة من استعراض السورة الكريمة لتلك الغزوة‏.‏ ونركز هنا علي الحكمة التشريعية من الأمر الإلهي باتباع سنة رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ خاصة في زمن الفتن الذي نعيشه‏,‏ والذي تطاول فيه الأقزام من الكفار والمشركين ومن المتنطعين والمترددين علي مقام خير الخلق أجمعين وكثر تهجمهم علي سنته المطهرة‏.‏
من الإعجاز التشريعي في الأمر باتباع سنة رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏
من أسس الإسلام العظيم‏:‏ العقيدة الصحيحة‏,‏ والعبادة السليمة‏,‏ والحض علي الالتزام بمكارم الأخلاق‏,‏ وبحسن السلوك وانضباط المعاملات‏.‏ وهذا الدين‏(‏ الإسلام‏)‏ علمه ربنا‏-‏ تبارك وتعالي‏-‏ لأبينا آدم‏-‏ عليه السلام‏-‏ لحظة خلقه‏,‏ وعلم آدم بنيه‏,‏ وعاشت البشرية عشرة قرون كاملة بين أبينا آدم ونوح‏-‏عليهما السلام‏-‏ علي التوحيد الخالص لله الخالق‏-‏ سبحانه وتعالي‏-‏ وذلك انطلاقا من قول رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-'‏ كان بين آدم ونوح عشرة قرون‏,‏ كلهم علي شريعة الحق‏'(‏ أخرجه الحاكم في المستدرك‏).‏
ويروي ابن عباس‏'‏ رضي الله عنهما‏':'‏ أن رجالا صالحين من قوم نوح هلكوا‏,‏ فوسوس الشيطان إلي قومهم أن انصبوا إلي مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم‏,‏ ففعلوا ولم تعبد‏,‏ حتي إذا هلك أولئك‏,‏ وتنسخ العلم عبدت‏'(‏ أخرجه البخاري‏).‏ وتفشت الوثنية في قوم نوح فبعثه الله‏-‏ تعالي‏-‏ إليهم ليردهم إلي توحيد الله من جديد فلم يستجب إلي دعوته إلا أقل القليل‏.‏
ولما يئس نوح من هدايتهم دعا الله‏-‏ تعالي‏-‏ عليهم فأغرقهم بالطوفان‏.‏ وتكرر المشهد مع كل الأمم التي جاءت بعد قوم نوح من مثل أقوام عاد‏,‏ وثمود‏,‏ وفرعون‏,‏ وقوم إبراهيم‏,‏ وقوم لوط‏,‏ وأصحاب الأيكة‏,‏ وأصحاب الرس وقوم تبع وغيرهم إلي اليوم والبشرية تتناوبها فترات من الإيمان ثم الكفر‏,‏ ومن التوحيد ثم الشرك‏,‏ ومن الاستقامة علي منهج الله‏-‏ تعالي‏-‏ ثم الخروج عليه‏,‏ لأن الشيطان كان دوما للإنسان بالمرصاد‏,‏ ولذلك أرسل الله‏-‏ تعالي‏-‏ عددا كبيرا من الأنبياء والمرسلين لهداية البشرية‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا‏-‏ تبارك وتعالي‏-:(...‏ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير‏..)(‏ فاطر‏:24).‏
ويروي الإمام أحمد‏-‏ رحمه الله‏-‏ عن أبي ذر الغفاري‏-‏ رضي الله عنه‏-‏ أنه قال‏:'‏ أتيت رسول الله‏-‏ صلي اله عليه وسلم‏-‏ قائلا يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-'‏ آدم‏',‏ قلت‏:‏ يا رسول الله‏!‏ ونبي كان؟ قال‏:'‏ نعم‏,‏ نبي مكلم‏'‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله‏!‏ كم المرسلون ؟ قال‏:‏ ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا‏'(‏ مسند الإمام أحمد‏).‏ وفي رواية أبي أمامة‏-‏ رضي الله عنه‏-‏ فال أبو ذر‏:...‏ قلت يا رسول الله‏!‏ كم وفي عدة الأنبياء؟ قال‏:‏ مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا‏,‏ الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا‏'(‏ مسند الإمام أحمد‏).‏
وهذه النصوص من القرآن والسنة تؤكد أن الهداية الربانية ظلت تتنزل علي أهل الأرض لعدة آلاف من السنين‏,‏ وبواسطة عشرات الآلاف من الأنبياء‏,‏ وبضع المئات من الرسل‏,‏ وكان لا بد من ختام لوحي السماء‏,‏ وقد تجسد هذا الختام في القرآن الكريم وفي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ ولذلك تعهد ربنا‏-‏ تبارك وتعالي‏-‏ بحفظهما‏,‏ فحفظا علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا في نفس لغة الوحي بهما‏-‏ اللغة العربية‏-‏ وتعهد ربنا‏-‏ سبحانه وتعالي‏-‏ بحفظ هذه الرسالة الخاتمة تعهدا مطلقا حتي تبقي حجة الله علي خلقه إلي يوم الدين فقال‏-‏ تعالي‏-(‏ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون‏)(‏ الحجر‏:9).‏ وقال‏-‏عز من قائل‏-(...‏ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا‏...)(‏ المائدة‏:3).‏
وباستعراض تاريخ البشرية علي الأرض نجد أن فترات سيادة النبوة والتزام الناس بدين الله كانت ومضات بارقة من أنوار الهداية الربانية وسط ظلمات طويلة من الجاهلية الدامسة‏,‏ وكأن الإنسان لم يتعلم من هذه التجربة الطويلة التي استمرت لعدة عشرات الألوف من السنين‏.‏ فبعد جهود مائة وأربعة وعشرين ألف نبي‏,‏ وبعد تنزل ثلاثمائة وبضعة عشر رسالة سماوية فإن أهل الأرض جميعا‏-‏ فيما عدا آحادا متناثرة من الأحقاب‏_‏ فقدوا اتصالهم بهداية خالقهم‏,‏ حتي جاءت الرسالة الخاتمة علي قلب ولسان الرسول الخاتم‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة‏,‏ التي عنيت بشرح ما جاء من ركائز الدين في كتاب الله‏,‏ وبشرح كيفيات تطبيقها تطبيقا عمليا في واقع حياة الناس‏,‏ وتفصيلها لهم‏,‏ وتثبيتها في قلوبهم وعقولهم وممارساتهم‏,‏ ومن هنا فإن الأمر الإلهي بالعناية بسنن رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ وجعلها من ضرورات الدين ولوازمه أصبحت وجها من أوجه الإعجاز التشريعي في كتاب الله لأنها توضح كثيرا من الأحكام التي أجملها كتاب الله‏-‏ تعالي‏-‏ وتفسر آياته‏,‏ ولذلك قال رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ أقوالا كثيرة تؤكد حجية السنة النبوية المطهرة منها ما يلي‏:‏

(1)'....‏ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين‏,‏ عضوا عليها بالنواجذ‏...'(‏ أخرجه كل من أبي داود والترمذي‏,‏ وابن ماجه وأحمد‏).‏
‏(2)'....‏ ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه‏'(‏ أخرجه كل من أبي داود وأحمد‏).‏

(3)'‏ تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما‏:‏ كتاب الله وسنتي‏(‏ مالك والبيهقي‏).‏

(4)'‏ كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي‏'‏ قالوا يا رسول الله ومن يأبي قال‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبي‏'.(‏ البخاري وأحمد‏).‏

(5)'‏ نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع‏,‏ فرب مبلغ أوعي من سامع‏'(‏الترمذي والدارمي‏).‏
‏(6)‏ وقيل لرسول الله صلي الله عليه وسلم‏-‏ في عام سنة‏(‏ أي جدب‏)‏ سعر لنا يا رسول الله‏(‏ أي‏:‏ ثمن لنا لكل سلعة‏),‏ قال‏:'‏ لا يسألني الله عن سنة أحدثتها فيكم لم يأمرني بها‏,‏ ولكن اسألوا الله من فضله‏'(‏ الطبراني‏,‏ وأبو داود‏,‏ والترمذي‏,‏وابن ماجه وأحمد‏).‏
لذلك حذر رسول الله صلي الله عليه وسلم تحذيرا شديدا فقال‏:‏

(7)'‏ إن كذبا علي ليس ككذب علي أحد‏,‏ ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار‏'(‏ البخاري ومسلم‏).‏
‏(8)‏ وقال‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ لعبد الله بن عمرو‏:'‏ اكتب عني فوالذي نفسي بيده ما خرج من فمي إلا الحق‏'(‏ أبو داود وأحمد‏).‏
وكان ذلك بعد نهيه‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ عن كتابة غير القرآن لمن لا يؤمن عليه الغلط والخلط بين المصدرين فقد قال‏'‏ لا تكتبوا عني‏,‏ ومن كتب عني غير القرآن فليمحه‏'(‏ مسلم‏,‏ أحمد والدارمي‏).‏
‏(9)‏ وقد تنبأ المصطفي‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ بخروج طائفة من منكري السنة فقال‏:‏ ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه‏,‏ ألا يوشك رجل شبعان علي أريكته يقول‏:‏ عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه‏,‏ وما وجدتم فيه من حرام فحرموه‏....'(‏ أبو داود‏).‏
‏(10)‏ وقال‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-'‏ لا ألقين أحدكم متكئا علي أريكته‏,‏ يأتيه أمر مما أمرت به‏,‏ أو نهيت عنه فيقول‏:‏ لا ادري‏!‏ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه‏(‏ أبو داود‏,‏ والترمذي‏).‏ وهذان الحديثان من المعجزات الإنبائية لرسول الله‏.‏
ولذلك أمر ربنا‏-‏ تبارك وتعالي‏-‏ بطاعة خاتم أنبيائه ورسله‏-‏ صلي الله عليه وسلم في كل ما أمر‏,‏ وباجتناب نواهيه في كل ما حرم‏,‏ وفي ذلك يقول‏_‏ وقوله الحق‏-:(‏ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب‏)(‏ الحشر‏:7).‏
ومن معاني هذا النص الكريم أن الله‏-‏ تعالي‏-‏ يأمر المسلمين كافة بطاعة رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ في كل أمر أمرهم به‏,‏ وفي كل شيء نهاهم عنه لأنه هو الموصول بالوحي‏,‏ والمعلم من قبل خالق السموات والأرض‏,‏ فلا يأمر إلا بكل خير وصلاح ولا ينهي إلا عن كل شر وفساد‏.‏ والآية وإن كانت قد نزلت في أموال الفيء‏,‏ إلا أن الحكم فيها يبقي عاما في كل ما أمر به النبي‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ أو نهي عنه‏,‏ ويشمل ذلك كل واجب‏,‏ ومندوب‏,‏ ومستحب أو محرم‏,‏ ولذلك حذر في ختام الآية من نزول عقاب الله الشديد بالخارجين عن أوامر رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ فقال‏(...‏ إن الله شديد العقاب‏).‏
ولذلك أيضا قال‏-‏ تعالي‏-‏ مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله‏:[‏ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون‏)(‏ النحل‏:44).‏ وقال‏-‏ عز من قائل‏-:(‏ هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين‏)(‏ الجمعة‏:2).‏
والسنة النبوية المطهرة هي كل ما أثر عن النبي‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ من قول أو فعل‏,‏ أو تقرير‏,‏ أو صفة‏,‏ أو سيرة‏,‏ سواء كان ذلك قبل البعثة الشريفة أو بعدها‏.
ولذلك حفظها ربنا‏-‏ تبارك وتعالي‏-‏ كما حفظ القرآن الكريم‏,‏ مع تسليمنا بأن استحالة الدس علي كتاب الله لكثرة حفاظه‏,‏ قد ألجأت نفرا من حقدة الكفار والمشركين في محاولة الدس علي رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ ألا أن جهود علماء المسلمين من أجل تحقيق السنة قد فاقت جهود التحقيق في أي مجال علمي آخر‏.‏ وقد سلك علماء الحديث من أجل تحقيق ذلك طرقا في النقد والتمحيص لم يسبقوا بمثلها أبدا‏,‏ حتي فاقت علوم الحديث خمسة وستين علما‏,‏ فأبقوا سنة هذا الرسول الخاتم‏,‏ وسيرته الشريفة مدونة تدوينا لم تنله أقوال وأفعال وصفات نبي من قبل‏,‏ وجعلت من هذه السنة الشريفة أحد مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم‏,‏ وقبل كل من الإجماع والقياس‏,‏ والاستحسان‏,‏ والمصالح المرسلة ولولا ذلك ما فهمنا الكثير من أحكام الإسلام خاصة في مجال العبادات والمعاملات‏.‏
من ذلك تتضح ومضة الإعجاز التشريعي في النص القرآني الذي اخترناه عنوانا لهذا المقال‏,‏ فالحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي بعثة خير الأنام‏,‏ والحمد لله علي العهد الإلهي المطلق بحفظ كل ما أوحي إليه من قرآن وسنة‏,‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.