زيارة الرئيس للسيدة المصابة فى حادثة التحرش بميدان التحرير رسالة قوية تعبر عن أن القيادة السياسية الجديدة تدرك أن القيم والأخلاقيات هى عماد الحضارة، وأساس تقدم الأمم، وأن انهيار الأخلاقيات والقيم المجتمعية هى بمثابة إنذار بانهيار الدولة، فلم تنهر دولة المسلمين فى الأندلس إلا بانهيار الأخلاقيات والقيم. و لأول مرة فى تاريخ مصر يعتذر رئيس الدولة عن حادثة مثل تلك، بل يعد المجنى عليها قائلا «حقك فى رقبتنا» فهذا يؤكد أن مصر تبدأ عهدا جديدا، تعود فيه القيم إلى الشارع المصرى بعد أن غيبها الفساد والمخدرات وأفلام المقاولات والدراما الهابطة، وكان تأكيد الرئيس على أهمية إنفاذ القانون على المجرمين فى ظل عدالة ناجزة تصل بالحق إلى أصحابه، لهو رسالة جديدة تثبت أن دولة القانون فوق الجميع، وأن سرعة إنجاز العدالة يصل بالحقوق إلى أصحابها. وليس الرئيس وحده هو المسئول عن عودة الأخلاقيات والقيم إلى الشارع ولكنها مسئولية مجتمعية، الجميع له دور فيها إما سلبا أو إيجابا، وليس القانون أيضا أو تشديد العقوبة هو الذى يقضى على تلك الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا، ولكن المنظومة الثقافية بالكامل والتربوية تحتاج إلى إعادة نظر، ومواجهة من يحاولون دس السم فى العسل من أصحاب الأقلام الذين يتحدثون عن حرية الرأى والتعبير ويعتبرون وقف أو مصادرة عمل درامى أو سينمائى لا يلتزم بقيم وأخلاقيات المجتمع هو مصادرة للفكر وحرية التعبير، وهو حق يراد به باطل. فقد بات على الدولة أن تحافظ على قيم وأخلاقيات المجتمع، وتواجه أفلام المقاولات والدراما الهابطة، بعد أن تحول دور الدراما والسينما والإعلام من دور تنويرى الى ناشر لألفاظ وقيم وسلوكيات تدمر المجتمع وتنشر الرذيلة ونشر المشاكل السلبية على انها عامة، و بشكل فج بدعوى انه ظاهرة مجتمعية، فى الوقت الذى لا يقدم العمل الفنى حلا لهذه المشكلة. لقد أدى فيلم «إبراهيم الأبيض» ومن على شاكلته الى انتشار البلطجة فى الشارع ولم يعالج الظاهرة وكذا «قلب الأسد». لقد بات على المجتمع والدولة معا أن يعملان لمواجهة هذه الأخلاقيات والظواهر السلبية. إن أخلاقيات وقيم المجتمع جزء أصيل من بنائه لذا وجب أن نحافظ عليه بأى شكل، فهى سبب بقاء المجتمعات انهيارها نذير بانهيار الدول، وكما قال أمير الشعراء «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .