بدأت الناس تخرج عن صمتها مطالبة بوقف الأفلام التي تخرب في المجتمع مثلما يفعل المجرمون وحاملو السلاح ويقتلون الأبرياء .. كيف يظل منتج يخرج لنا بأفلام لا تعبر عن المجتمع المصري في ظل المطالبة بالتغيير لمجتمع أفضل ؟ ، أفلامه تكرس للعنف والعرى والإساءة الأكبر لهذا الشعب الذي عانى كثيرا في رحلة البحث عن لقمة العيش وعن مجتمع أفضل يحفظ له كرامته ويصونه من تلك الأفلام التي تخرج عن الآداب العامة ولا تحافظ على الأخلاق التي هي عماد أي مجتمع .. الوضع اختلف كثيرا بعدما أصبح أبطال سينماه : راقصة مبتذلة ومجموعة من المطربين الشعبيين يقدمون أغاني هابطة دون المستوى وبلطجي يثير الذعر في كل مكان وكان ذلك له تأثيره السلبي سابقا وبالتحديد في أثناء عرض فيلم عبده موته الذي جذب جمهور على شاكلة بطل الفيلم مما أدى إلى تحطيم واجهات دور العرض السينمائي وتهشيم شباك التذاكر اندماجا مع العنف، مما دفع مديرو دار العرض إلى الاستعانة برجال الأمن للحد من هذه المشكلة . اليوم تعالت الأصوات مطالبة بالتصدي لتلك الأفلام المبتذلة التي تدمر الذوق العام، وخرجت حملات عديدة لمناهضة أفلام المنتج التي باتت تشكل خطورة على المجتمع المصري في ظل محاولة الارتقاء بكل مؤسسات الدولة بجانب الإعمال الفنية وبالأخص السينما لأنها تعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للشعب المصري ، ففي السابق دعت حملة «تمرد السينمائية» لمقاطعة جميع أشكال الفن الهابط وقالت: إننا نعاني منذ فترة كبيرة هذا الفن الذي يستغل غرائز المراهقين في صناعة السينما من أجل الربح دون وجود أي رسالة بمعظم الأعمال الفنية التي تقوم على القوالب التجارية التقليدية وضرورات تحقيق الأرباح السريعة والمضمونة، فنوعية الأفلام الموجودة حالياً تدفع الشباب إلى الفساد من خلال أبطال العمل وأفعالهم خاصة ان المراهقين يقلدون دون وعي، وأيضا نجد حملة على الإنترنت باسم «ضد أفلام ......» دشنها بعض الشباب المصري المعترض على ما تطرحه الكثير من الأعمال السينمائية حاليا من أفلام تهبط بالمستوى الفكري والثقافي وتدمر الذوق العام لاعتمادها على المشاهد الساخنة والعنف والألفاظ البذيئة، و قد طالب هؤلاء الشباب بضرورة مقاطعة أفلام أشهر منتجي هذه النوعية الرديئة من السينما مطالبين بضرورة مقاطعة فيلم «حلاوة روح» كبداية لإجبار المنتجين على التوقف عن إنتاج تلك الأفلام القائمة على تحقيق الربح على حساب كل القيم والمبادئ والأخلاقيات المتعارف عليها في مجتمعنا المصري .. ولم يقتصر الأمر على الشباب فقط بل قام بعض النشطاء من الحقوقيين والمدافعين عن حق الشعب في الارتقاء بمستواه الفكري والثقافي والفني والحفاظ على الهوية المصرية بكل ما تحمله من قيم دينية واجتماعية وثقافية بتبني الفكرة والدعوة لمقاطعة تلك الأفلام . ومن ناحية أخرى أعرب المجلس القومي للامومة والطفولة في بيان له عن احتجاجه وإدانته واستنكاره الشديد جراء عرض مجموعة من الأفلام الهابطة والمتدنية أخلاقيا بدور العرض السينمائي، وأكد المجلس استياءه الشديد جراء عرض تلك النوعية من الأفلام، مؤكدا أن هذه الأفلام تؤدى لازدياد واستفحال معدلات التحرش الجنسي بالشارع المصري، وهى الظاهرة التي يعانى منها الجميع بصورة تهدد أمن وسلامة المجتمع، مستنكرا الإعلانات الدعائية التي تبثها بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لتلك الأفلام والتي تسيء للأخلاق والمبادئ والقيم الأصيلة للأسرة المصرية . وكان قد اصدر «الرقباء الأحرار» بجهاز الرقابة على المصنفات الفنية بيانا أعلنوا فيه أمام المجتمع المصري رجاله ونسائه وشبابه وبناته وأطفاله والأسرة المصرية العريقة انهم يتبرأون من مسئولية عرض فيلم «حلاوة روح» الذي اجمع غالبيتهم على رفض عرضه، لمخالفته معظم القوانين الرقابية وكذلك رفض «الاعلان» الخاص بالدعاية له لتضمن الفيلم مشاهد وكلمات مخالفة للآداب العامة وخادشة للحياء العام وان كان رأى الرقباء ليس الرأي الملزم، إذ إن رأى رئيس الرقابة يجب كل الآراء . وكانت قد بدأت قبل الثورة موجة من الأفلام التي تتخللها مشاهد شديدة العنف التى تمتلئ بالدماء تظهر على الشاشة المصرية ومع مرور الوقت، بدأت بعض الأفلام الأخرى تظهر لتجذب قطاعاً عريضاً من الشباب وحققت انتشاراً جماهيريا كبيرا وفق الأرقام والإحصاءات الصادرة من غرفة صناعة السينما المصرية، كان منها أفلام أشاد بها النقاد وحققت أرباحا هائلة حتى أصبحت هذه الموجة هي الغالبة على شاشات السينما المصرية لتخرج أفلام مثل «الألماني» و«عبده موتة» و«قلب الأسد»، وأخيرا «حلاوة روح» تكرس للعرى والبلطجة. وبينما يرى النقاد والمنتجون ومتخصصون في الطب النفسي أن موجة الأفلام الجديدة ترسخ لقيم جديدة على المجتمع المصرى، مما يشير إلى وجود أزمة في الذوق العام، جعلت من شخصيات مهمشة مثل (الراقصة، البلطجي، تاجر المخدرات، القواد) نجوما في صالات السينما مما يؤدي مع الوقت لاتخاذها قدوة من قبل الشباب، يرى آخرون أن الأمر ما هو إلا أزمة في الذوق العام لا تصل إلى مستوى الأزمة الأخلاقية في المجتمع. وفى هذا الصدد، قالت دكتورة سامية الساعاتى أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن معظم القائمين على صناعة الأفلام لا يرون غير الجوانب المادية فيما يقدمون غير عابئين بالمجتمع، وهم يتمتعون بقدر كبير من الذكاء يجعلهم قادرين على دراسة المجتمع جيدا ليقدموا موضوعات تجذب المراهقين تعتمد على الرقص والمخدرات وأيضا اللعب على غرائز الجسد وهى اللعبة التي يتبعها الكثير من المؤلفين والمخرجين وهم على استعداد تام للاستهانة بأي قيم في المجتمع حتى يحققوا المكسب .. ونجد هناك بعض المخرجين يدافعون بكل قوة بحجة انه مبدع وان أفكاره لابد أن يؤيدها المجتمع، سواء كانت تخدش حياء الناس أو لا، والسؤال.. لماذا أدمر أخلاقيات شعب بالكامل في سبيل تحقيق إيرادات كبيرة؟.. من المفترض اننا نتجه نحو التغيير للأفضل وليس للأسوأ والفارق بينهما كبير ولابد أن ننظر للأطفال نظرة الأب لابنه حتى نقدم له ما يحترمه ويحافظ على أخلاقياته.