منذ اللحظات الأولى لفتح أبواب اللجان الانتخابية أمام الناخبين، بل حتى قبل فتحها بأيام، حظيت انتخابات الرئاسة المصرية باهتمام وسائل الإعلام العالمية المختلفة، وبعد ساعات قليلة من اصطفاف الناخبين أمام اللجان، أجمعت معظم التوقعات العالمية على تحقيق المرشح عبدالفتاح السيسى فوزا كاسحا على منافسه حمدين صباحى. وفى هذا السياق، توقعت وكالة «رويترز» للأنباء فى الساعات الأولى من اليوم الأول للتصويت أن تؤدى الانتخابات إلى فوز السيسى باعتباره من وجهة نظر الكثير من المصريين القائد القوى الذى تحتاج إليه الدولة المصرية فى الوقت الحالى، مشيرة إلى أنه منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسى والكثير من المصريين يرون فى السيسى الزعيم الفعلى للبلاد، ولكنها حذرت فى الوقت نفسه من أن السيسى سيواجه تحديات عديدة، بما فى ذلك الاقتصاد المتأزم وحملة العنف من قبل الإسلاميين المتشددين والتى تصاعدت منذ عزل مرسى. وفى نفس السياق، جاءت توقعات وكالة أسوشيتد برس الإخبارية الأمريكية منذ الساعات الأولى للانتخابات بفوز القائد العسكرى السابق عبد الفتاح السيسى بالرئاسة بأغلبية ساحقة، مشيرة إلى أن كل ما يريده معظم الناخبين المصريين هو الاستقرار ونهاية لسنوات الاضطراب التى أعقبت ثورة 25 يناير. ونقلت الوكالة عن المواطنة المصرية ألفت سيد حسنين، وهى أستاذة جامعية، قولها عن سبب انتخابها للسيسى: «إنه رجل عسكرى صارم، وسيعيد الأمن إلى الشوارع. نحن لا يمكننا تحمل أى أخطاء أخرى»، وكذلك قول منال محمد، موظفة حكومية: «نحن نريد الأمن أولا، ثم كل الأشياء الأخرى ستأتى بعد ذلك». وبالنسبة للإقبال على الانتخابات، ذكرت «أسوشيتد برس» أن طوابير الناخبين اصطفت خارج مراكز الاقتراع قبل فتحها بساعة تقريبا، ونقلت قول ماريو ديفيد، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبى لمتابعة انتخابات الرئاسة المصرية، إن هذه المشاركة الكبيرة تعبر عن الديمقراطية. وفى تقرير آخر، حذرت الوكالة من أن المصريين يتطلعون بشكل يائس إلى استعادة الأمن وانعاش الاقتصاد، وأن فشل الرئيس المصرى القادم فى إظهار نتائج ملموسة سيؤدى إلى موجة جديدة من الاضطرابات التى يخشى البعض أن تكون أكثر عنفا عما سبق. كما توقعت الوكالة أن تستمر المواجهة مع جماعة الإخوان الإرهابية لأن كلا من السيسى وصباحى تعهدا بعدم السماح للإخوان بالعودة إلى السياسة مرة أخرى. ومن جانبها، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن المصريين أنهوا التصويت فى الانتخابات الرئاسية بنتيجة متوقعة وهى تنصيب قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسى على أمل استعادة الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والتدهور الاقتصادى والعنف غير المسبوق فى التاريخ المصرى. وأشارت الصحيفة إلى أن مراكز الاقتراع بحى الزمالك بالقاهرة شهدت طوابير طويلة من الناخبين، وفى بعض الحالات أجواء احتفالية مع غناء ورقص الناخبين على نغمات الأغانى الوطنية. وأضافت أن تقريبا جميع الناخبين قالوا إنهم أعطوا أصواتهم للسيسى. ومع نهاية التصويت، كانت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية قد تأكدت بما لا يدع مجالا للشك من أن القائد العسكرى السابق عبد الفتاح السيسى فى طريقه لتحقيق انتصار كاسح فى الانتخابات الرئاسية، قائلة إنه من خلال التحدث إلى الناخبين فى الطوابير أمام اللجان الانتخابية على مستوى العاصمة، قال أغلبيتهم إنهم يؤيدون المشير السيسى. وبسؤالهم عن سبب انتخابهم له، أجمع الناخبون على عدة أهداف وهى الأمن والاستقرار والحرب ضد الإرهاب والحاجة إلى تنشيط اقتصاد البلاد المتعثر بعد ثلاث سنوات من الفوضى. ولفتت الصحيفة إلى أنه بالرغم من أن السيسى أكد على الحاجة إلى العمل الجاد والتضحية، إلا أن الأشخاص الأكثر فقرا بين مؤيديه يعتقدون أنه سيجعل حياتهم أفضل، حتى لو استغرق ذلك سنة أو سنتين، قائلين إنه «دائما ما يتحدث عن الأشخاص أمثالنا الذين يعيشون تحت خط الفقر». كما ذكرت الصحيفة أن أنصار المرشح المنافس حمدين صباحى لم يكن لهم سوى وجود قليل على الأرض، حيث لم يتعدوا الشخصين بين كل عدة لجان انتخابية، وأن حفنة من لافتات حمدين كانت تتنافس مع سرب من لافتات السيسى. أما صحيفة «الجارديان» البريطانية فذكرت أن السيسى يتمتع بشعبية كبيرة، ولكن عليه أن يكون مدركا حال فوزه بالرئاسة لكل الأسباب التى أدت إلى الانفجار الشعبى والأزمات التى دخلت فيها مصر، وأكدت أنه لكى ينجح فلابد من الشفافية وسيادة القانون، والتخلى عن رموز الدولة القديمة. وبالمثل اتفقت العديد من الصحف والإذاعات الفرنسية على أن فوز السيسى كان أمرا متوقعا بدرجة كبيرة، كما أشارت فى سياق تقاريرها وتحليلاتها السياسية إلى التحديات التى تواجهه، وأهمها إعادة الاستقرار والأمن، فذكرت صحيفة « لوموند» فى تقرير لها أن الانتخابات الرئاسية تكتسب أهمية استثنائية، لكون مصر أكبر بلد عربى من حيث عدد السكان (90 مليون نسمة)، وتمتلك جيشاً صلباً، كما أنها أحد مفاتيح الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، مضيفة أن مصر مرت خلال السنوات الثلاث الماضية بتحولات كثيرة، فقد عرفت قيام ثورتين عارمتين متتابعتين، أولهما فى سنة 2011 ضد نظام مبارك، والثانية فى سنة 2013 ضد طغيان وديكتاتورية الإخوان المسلمين، وهذه الثورة الأخيرة كانت انتفاضة شعبية واسعة، ومنذ نجاحها تواجه البلاد تحديات اقتصادية وأمنية، ومحاولات إضرار بالاستقرار والوحدة الداخلية من طرف جماعات العنف والتطرف، وكان لعدم الاستقرار أثره السلبى على الاقتصاد ومعدلات البطالة واضطراب الأمن فى الشارع. وتناولت الصحيفة فى تقريرها أسباب فوز السيسى بالرئاسة، فقالت إنه كان متوقعا فى ظل الدعم الشعبى الهائل الذى حصل عليه من قبل جميع مكونات المجتمع المصرى، من المسلمين المعتدلين والطرق الصوفية والنوبيين والأقباط، وحتى فى صفوف الاشتراكيين والقوميين، وخلصت الصحيفة فى تقريرها إلى أن المصريين ينتظرون من السيسى أن يعيد للبلاد الاستقرار، ويسعى لحل مشكلاتها الاقتصادية المزمنة، ويعيد لمصر دورها الإقليمى المحورى، ويكون رجلاً قوياً وليس تكنوقراطياً، وقادراً على اتخاذ قرارات شجاعة. وفى نفس السياق، ذكرت قناة «فرانس 24» الإخبارية الفرنسية فى تقرير لها أن السيسى بالنسبة لغالبية من المصريين الرجل القوى القادر على إعادة الأمن والاستقرار للبلاد بعد ثلاث سنوات من الفوضى والاضطرابات أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة. كما أكدت صحيفة «لوفيجارو» أن المهمة الأولى للسيسى تتمثل فى حل المسألة الأمنية، إضافة إلى القضايا الاقتصادية لتجنب أى انفجار اجتماعى، وتفادى اندلاع موجة جديدة من السخط الشعبى وربما ثورة جديدة. أما صحيفة «آيريش تايمز» الإيرلندية فقد أشارت إلى أن مرشحى الرئاسة السيسى وصباحى يتشبهان بالزعيم جمال عبد الناصر، ولكنها أشفقت على الفائز منهما لأن عبد الناصر عند الإطاحة بالملك فاروق عام 1952 كان الاقتصاد المصرى منتعشا وكان عدد السكان يبلغ 20مليون نسمة فقط، أما اليوم فمصر تعانى من أزمة اقتصادية وعدد سكانها يقدر ب 90 مليون نسمة، ربعهم تقل أعمارهم عن 15 عاما. وتحت عنوان «المصريون ينتخبون رئيسا بعد سنوات من الاضطراب»، أشارت صحيفة «تايمز أوف إنديا» إلى أنه بالرغم من مقاطعة جماعة الإخوان للانتخابات، وكذلك بعض شباب الثورة المتخوفين من عودة الحكم العسكرى، إلا أنه من المتوقع أن يحقق المشير المتقاعد البالغ من العمر 59 عاما فوزا ساحقا على منافسه الوحيد حمدين صباحى، فى ظل الدعوات الواسعة النطاق من أجل الاستقرار. وأضافت الصحيفة أن الكثيرون ينظرون إلى الانتخابات هذه المرة باعتبارها استفتاء على الاستقرار، مشيرة إلى أن مصر تعانى منذ ثلاث سنوات من الاضطرابات والتعثر الاقتصادى.