صرخة أم عالية.. مدوية.. تطلقها لعل أحدا يسمعها ويقف بجوارها فى محنتها التى ابتلاها بها الله.. صرخة من قلبها تطلقها لتنقذ بها فلذة كبدها.. وزهرة عمرها.. صرخة من أم يقابلها أنين صبى لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره.. صبى يقبل على الحياة.. يضحك.. ويمرح.. كله حيوية ونشاط.. أحلامه كبيرة.. طموحاته من الأرض للسماء.. هو الابن البكرى للأسرة.. أسرة تعيش على كد وجهد أب يعمل عاملا زراعيا أجيرًا.. والأسرة مكونة من الأب والأم وولدين وإبنه كل آمال وأمانى الأب والأم أن يدخل الأبناء المدرسة حتى تختلف حياتهم ويبعدوا عن الفقر الذى ذاقوا مرارته سنوات ومازالوا يذوقونه.. «أحمد» الابن البكرى كان يحاول بما أوتى من قوة أن يحقق حلم والده.. كان يجتهد فى المدرسة ويتحمل المصاعب فى الذهاب والعودة اليومية منها.. لم يبخل الأب عليهم بأى شىء مادام فى استطاعته أن يوفره لهم.. كان الابن يشعر بالمسئولية تجاه أسرته وأبيه.. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. الابن يشعر بآلام فى رأسه كلما جلس إلى كتبه ودروسه... آلام تشتد يومًا بعد يوم.. يخشى أن يشكو لوالده فهو يعلم جيدا أنه سوف يصاب بالقلق.. أخبر أمه التى أخذته فى حضنها وأكدت له أن قرص مسكن سوف يساعده على التخلص من هذه الآلام وبالفعل أخذ «أحمد» القرص الذى خفف حدة الصداع قليلا ولكنه عاوده مرة أخرى.. أخبر والده الذى لم ينتظر اصطحبه إلى الوحدة الصحية طلب منه الطبيب عدم القلق ووصف له بعض المسكنات وزيادة من الحرص طلب منه الذهاب إلى أخصائى عيون.. فمن المؤكد أن الصداع سببه مشكلة فى النظر وأنها إن شاء الله بسيطة فمجرد نظارة طبية تصلح وتعالج كل شىء.. اسقط فى يد الأب لتحقيق كل ماقاله الطبيب سيحتاج إلى مصاريف كثيرة.. طلب من الابن أن ينتظر قليلا وسوف تحل هذه المشكلة.. وأنه سوف يفعل كل ما فى وسعه حتى يوفر له ثمن الكشف والنظارة.. أيام قليلة ولاحظت الأم أن هناك ورمًا صغيرًا ظهر بجوار العين اليسرى للابن.. وعندما عاد الأب من العمل أخبرته.. خرج الأب واستدان من صديق له.. طلب من الأم أن تصطحبه فى الصباح إلى المستشفى العام.. حيث إن الأسرة تعيش فى إحدى القرى الصغيرة بمحافظة البحيرة.. وبالفعل ذهبت به الأم إلى المستشفى تم الكشف عليه طلب الأطباء إجراء أشعة على المخ وظهر المستور هناك ورم بالمخ ويحتاج إلى العرض على طبيب متخصص بالأورام وتم تحويل الابن إلى مستشفى 57357 لم تستوعب الأم أو الأب ما قاله الطبيب وتساءلات وكان الرد أن الورم ربما يكون ورمًا خبيثًا.. ولذلك فهو فى حاجة لعلاج مكثف ومتخصص.. جاء الركب الحزين من قريتهم إلى المستشفى ودخل الصبى ليخضع لفحوصات وتحاليل وأشعة.. التى أظهرت أنه مصاب بورم سرطانى بالعين اليسرى وأنه يحتاج إلى الخضوع لعلاج كيماوى وإشعاعى وعندما سألت الأم هل هناك جراحة لتريح الابن من آلامه؟. شرح لها الطبيب أنه من الممكن إجراء جراحة ولكنها ستكون استئصال الورم والعين اليسرى بكاملها والأمر متروك للأسرة وهنا رفضت الأم كما أخبرتنا فهى لا تريد أن يصاب ابنها بالاكتئاب والحزن وطلبت من الأطباء أن يخضع للعلاج الكيماوى.. وعندما عرف الأب ما يعانى منه الابن سقط مغشيًا عليه وعندما فاق من غيبوته لم يستطع أن يقف على قدميه وعندما حاول الأطباء مساعدته وتم إجراء تحاليل له أثبتت أنه قد أصيب بالسكر فى الدم وهو فى حاجة إلى علاج دائم وتغذية صحيحة وأصبحت الأم مسئولة مسئولية تامة عن الأسرة كلها الأب المريض والابن المصاب بالسرطان والابن بالمدرسة.. حاولت أن توفر دخلًا للأسرة توجهت لوزراة التضامن الاجتماعى لربط معاش ضمان وبالفعل يتم صرف مبلغ 450 جنيها شهريا معاش عجز كلى ولكن هذا المبلغ قليل جدًا بسبب غلاء الأسعار ولا يكفى لمواجهة مصاريف الأولاد بالمدرسة واحتياجات الابن المريض والذى يسافر بصفة مستمرة من قريته إلى القاهرة والعكس أرسلت الأم تطلب المساعدة فمن يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.