صرخة أم عالية.. مدوية.. تطلقها لعل أحدًا يسمعها ويقف بجوارها فى محنتها التى ابتلاها بها الله.. صرخة من قلبها تطلقها لتنقذ بها فلذة كبدها.. وزهرة عمرها.. صرخة من أم يقابلها أنين صبى لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره.. صبى يقبل على الحياة.. يضحك.. ويمرح.. كله حيوية ونشاط.. أحلامه كبيرة.. طموحاته من الأرض للسماء.. هو الابن البكرى للأسرة.. أسرة تعيش على كد وجهد أب يعمل عاملا زراعيا أجيرا.. والأسرة مكونة من الأب والأم وولدين وابنة كل آمال وأمانى الأب والأم أن يدخل هؤلاء الأبناء المدرسة لتختلف حياتهم عن حياة الفقر التى يعيشونها الآن.. «أحمد» الابن البكرى كان يحاول أن يحقق حلم أبيه.. كان يجتهد فى المدرسة ويتحمل المصاعب فى الذهاب والعودة اليومية منها الأب يفعل ما فى وسعه من أجلهم ليفرح هو والأم بهم.. لم يبخل عليهم بأى شىء ما دام فى استطاعته توفيره.. كان الابن يشعر بالمسئولية الكبيرة تجاه أبيه وأسرته كلها.. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. الابن يشعر بآلام فى رأسه كلما جلس إلى كتابه وكراسته.. الآلام تتزايد يوما بعد يوم.. يخاف أن يخبروا والده فهو يعلم جيدا أنه سوف يصاب بالقلق.. أخبر أمه التى ربتت على كتفه وقامت إلى جارتها وعادت بعد قليل بقرص مسكن أكدت لها الجارة أنه سوف يعالج ما أصاب الابن بالفعل خف حدة الصداع.. ولكنه عاودة مرة أخرى واضطر لأن يخبر الأب الذى لم ينتظر اصطحبه إلى الوحدة الصحية طلب منه الطبيب عدم القلق ووصف بعض المسكنات وطلب منه أن يذهب به إلى أخصائى عيون، فمن المؤكد أن الصداع بسبب مشكلة فى النظر وهذه ستكون بسيطة مجرد نظارة تصلح وتعالج كل ذلك.. الأب أمهل الابن قليل فهو ليس معه من النقود ما يستطيع أن يحل هذه المشكلة، وأكد للصبى أنه سوف يفعل ما فى وسعه حتى يوفر له ثمن الكشف والنظارة.. أيام قليلة ولاحظت الأم أن هناك ورما صغيرا ظهر بجوار العين اليسرى للابن.. وعندما عاد الأب من العمل أخبرته.. خرج الرجل واستدان من أخيه وطلب من الأم أن تصطحبه فى الصباح إلى المستشفى العام، حيث إن الأسرة تعيش فى إحدى قرى محافظة البحيرة.. بالفعل ذهبت الأم معه إلى المستشفى تم الكشف عليه طلب الأطباء إجراء أشعة على المخ وظهر المستور..هناك ورم بالمخ ويحتاج إلى العرض على طبيب متخصص بالأورام وتم تحويل الصبى إلى مستشفى 57357 لم تستوعب الأم أو الأب ما قاله الطبيب وتساءلت وكان الرد أن الورم ربما يكون سرطانيا، ولذلك فهو فى حاجة لعلاج مكثف ومتخصص.. وجاء الركب الحزين من قريتهم إلى المستشفى ودخل الصبى ليخضع لفحوصات وتحاليل وأشعة التى أظهرت أنه مصاب بورم سرطانى بالعين اليسرى، وانه يحتاج إلى الخضوع لعلاج كيماوى وإشعاعى وعندما سألت الأم هل هناك جراحة لتريح الابن من آلامه؟ شرح لها الطبيب أنه من الممكن إجراء حراجة ولكنها ستكون استئصال الورم والعين اليسرى بكاملها والأمر متروك للأسرة وهنا رفضت الأم كما أخبرتنا فهى لا تريد أن يصاب ابنها بالاكتئاب والحزن وطلبت من الأطباء أن يخضع للعلاج الكيماوى.. وعندما عرف الأب ما يعانى منه الابن سقط مغشيا عليه وعندما فاق من غيبوبته لم يستطع أن يقف على قدميه وعندما حاول الأطباء مساعدته وتم إجراء تحاليل له أثبتت أنه قد أصيب بالسكر فى الدم وهو فى حاجة إلى علاج دائم وتغذية صحيحة وأصبحت الأم مسئولة مسئولية تامة عن الأسرة كلها الأب المريض والابن المصاب بالسرطان والابن والابنة بالمدرسة.. حاولت أن توفر دخل للأسرة توجهت لوزارة الشئون الاجتماعية لربط معاش ضمان ولكنهم رفضوا بحجة أن مرض السكر الذى يعانى منه الأب لا يعتبر مرض عجز.. ولكن بالفعل الأب عاجز عن العمل وإن عمل يوم قد يظل أسابيع بدون عمل والابن المريض يحتاج إلى نفقات سفر وعلاج.. الأم تبكى فليس هناك دخل ثابت يغطى نفقات الأسرة وتطلب المساعدة من يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.