ملعون أنت أيها المرض.. ملعون أنت فإنك تهد صاحبك.. تأتى على الأخضر واليابس.. ملعون أنت أيها المرض الذى تجعل صاحبك كسير النفس تجعله يقف مكتوف اليدين غير قادر على العمل.. ملعون أنت أيها المرض الذى تجعل شابا يمد يده طلبا للمساعدة مع أنه كان من الممكن أن يمد يده بالمساعدة لمن حوله.. يحلم بالعمل وبناء أسرة.. يتمنى أن ينعم الله عليه بالمال والبنين.. كله هذا يدور داخل عقل وقلب الصبى الصغير.. وكان فى ذلك الوقت لم يتجاوز بعد الرابعة عشرة من عمره.. يحمل كتبه وكراريسه ويمشى يوميا من بيته فى إحدى القرى الصغيرة فى وسط الدلتا إلى مدرسته التى يتلقى فيها العلم.. ينتظر بفارغ الصبر أن ينجح ويحصل على شهادة الثانوية ليدخل الجامعة ويدخل الفرحة على قلب أبيه وأمه.. فوالده برغم أنه موظف بسيط فإنه يكد ويكافح من أجل أن يعلم أولاده.. وخاصة هو الابن البكرى للأسرة.. الأب يعمل ما فى وسعه من أجلهم ليفرح بهم.. لم يبخل عليهم بأى شىء مادام فى استطاعته توفيره.. كان الابن يشعر بالمسئولية الكبيرة تجاه أبيه وأسرته.. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. بعد أن كان يقطع المسافة من قريته إلى مدرسته فى نصف ساعة أصبح الوقت يطول إلى ساعة، بل أكثر.. ويعود غير قادر على بذل أى مجهود.. يعلو الإصفرار وجهه.. حتى فى الفجر عندما كانت تقوم الأم بإيقاظه ليذهب إلى المدرسة كان كثيرا ما يطلب منها أن تتركه ليرتاح.. ولكن شعوره بالمسئولية كان يدفعه إلى أن يتحامل على نفسه ويذهب.. مرت أيام.. وأسابيع وهو بنفس الحالة.. الأم تسأل.. الأب يحاول معه وهو صامت.. ولكنه فى النهاية اضطر إلى أن يخبره والده، فقد أصبح غير قادر على تحمل ما به من آلام.. اصطحبه الأب إلى المستشفى ومنه إلى الطبيب الذى طلب منه مجموعة من التحاليل.. لم ينتظر الأب لليوم التالى فهو فى حاجة إلى تفسير لآلام ابنه التى فاقت الوصف.. عاد بالنتائج إلى الطبيب الذى نظر إليه نظرة كادت تحرقه.. ثم طلب من الأب أن يصطحب ابنه إلى القاهرة فهو فى حاجة للعرض على أطباء المعهد القومى للأورام.. كاد الأب يفقد صوابه وبكى.. صرخت الأم من هول المفاجأة.. سكت الابن لم يستطع أن يتكلم أو يخرج حتى صوتا.. جاءت الأسرة إلى القاهرة.. وكما توقع الطبيب.. فالابن مصاب بسرطان بالغدد الليمفاوية وهو فى حاجة إلى أن يخضع لجلسات علاج إشعاعى وكيماوى.. وعندما سأل الأب: وماذا بعد ذلك؟ أكد الأطباء أنه سيحتاج بعد فترة من هذا العلاج إلى زرع نخاع عظمى.. رحلة علاج طويلة استسلم فيها الابن لتعليمات الأطباء.. وما هى إلا شهور حتى تمت العملية بنجاح.. وكان عليه أن يتردد على المعهد القومى للمتابعة الدورية وتلقى العلاج ونقل الدم.. وظن الابن والأسرة أن رحلة الشقاء والمرض قد قاربت على النهاية.. ولكن يا فرحة ما تمت.. فقد ساءت حالة الابن فجأة وتدهورت بصورة شديدة وبدأ الأطباء فى إجراء تحاليل كثيرة وسريعة وظهر ما لم يكن على البال أو الخاطر.. الابن أصيب بفيروس كبدى وبائى (C) وكانت الطامة الكبرى فهو يحتاج إلى علاج سريع ومكثف وغالى الثمن.. يقول الابن الذى يذوق مرارة المرض إن علاج الفيروس غير متوافر ويحتاج إلى مبالغ كثيرة ليوفره.. كان أبوه يعمل ما فى وسعه ليشترى له العلاج بالرغم من دخله الذى لم يكن يتعدى ال 300 جنيه وأولاده الخمسة الذين يحتاجون إلى مصاريف كثيرة.. ولكن للأسف شهور قليلة والأب يكد ويكافح من أجل توفير علاج ابنه إلا أن الحزن والألم دمره وفاضت روحه إلى بارئها وترك أسرته وأولاده وابنه المريض ولله فى خلقه شئون.. وأرسل الابن خطاباً يطلب فيه أن نساعده وأن يقف أهل الخير بجانبه ويساعدوه فى توفير العلاج والاحتياجات الخاصة به وبمرضه، من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية