مجرد أن تسمع اسم قناة الجزيرة تنتابك أفكار مختلفة هل سخرت امكانياتها لهدم الدولة المصرية أم تدافع فعلا عن الشريعة؟ هل هى عملية لجهات أخرى تنفذ لها أفكارها وغيرها من الأفكار والاتهامات التى تدور حول تلك القناة فى هذا الإطار؟ كشفت دراسة أجراها الباحث فى مجال الإعلام د.حسن صادق أن القنوات الإخبارية العربية تلعب دورًا مهمًا فى الصراع العربى الإسرائيلى، واتهمت الدراسة التى تقدم بها الباحث لنيل درجة الدكتوراه قناة الجزيرة بخدمة مصالح إسرائيل بامتياز، بينما وصف قناة النيل للأخبار بغير المؤثرة لانكفائها على الشأن المحلى دون رؤية بما يخدم مصالح البلاد. فى البداية يقول الدكتور حسنى صادق صاحب الدراسة التى أجراها على أربعة مواقع لقنوات إخبارية إن أهم ما اكتشفه فى دراسته أن القنوات الإخبارية ومواقعها الالكترونية تملك جميعها أجندات سياسية تخاطب بها الجمهور لتؤثر فيه وتغير توجهاته بما يخدم مصالحها وهو ما يظهر فى طريقة عرض الخبر الذى تقدمه كل وسيلة إعلامية وقد تقدمه وسيلة أخرى مضادة فالجزيرة التى درب أول فريق عمل لها ديفيد كامنجى مساعد وزير الخارجية الإسرائيلى آنذاك تخدم بدون شك مصالح إسرائيل ولكن على الرغم من إثبات الدراسة أن 84% من النخب المثقفة لا تثق فى قناة الجزيرة اليوم إلا أنها الأفضل فى معايير الحرفية والمهنية الممتازة التى تصل لحد خطورة التعرض لها وإخبارها و لحد المغامرة بمشاهدتها فمثلا أن كان المشاهد متعاطفًا مع الإخوان سيتحول إخوانيا! وان كان معارضا لما يحدث اليوم فى مصر من تطورات فسيتأكد له أن ثورة يونيو كانت انقلابا متعمدا ويصدق ما تبثه الجزيرة من معتقدات إن لم تظهرها صريحة فهى تعرف كيف تدسها فى الخبر كالسم فى العسل ضمنيا وهو ما تنجح فيه بنسبه كبيرة خاصة مع غياب البديل وظهور الإعلام المصرى بمظهر أحادى التوجه يؤيد أشخاصًا بعينهم تأييدا مطلقا يصل لحد النفاق الصارخ وتؤكد الدراسة استخدام قنوات الأخبار للأساليب العقلية بنسبة 53% والأساليب العاطفية بنسبة 36% وذلك للإقناع والتأثير فى توجهات الأفراد والشعوب و استمالة أفكارهم وعواطفهم كيفما يناسب سياسة القناة إلى جانب البراعة فى استخدام الأرقام ثم التهوين والاستهزاء كأسلوب عاطفى والتهويل والمبالغة والتزييف للجزيرة إلى جانب التلاعب بالأسلوب اللغوى وبناء النتائج على المقدمات والغريب أن الدراسة أثبتت أن الجزيرة أقل القنوات استخداما للاستشهاد بالمعلومات فى الإقناع على الرغم من الجيوش الجرارة من المراسلين والمحررين والتى ثبت أنهم ومكاتبهم فى الدول المختلفة ومنها مصر ليس لها أى دور إلا جمع الأخبار والمعلومات وإرسالها إلى القناة فقط فليس لهم فى نشرها توقيتا أو تحريرا أى سبيل، فالأمر يعود للمقر الرئيسى بالحذف والإضافة أو التحريف أو استخدام المواد لتظهر بشكل يخدم مصالح القناة. وأوضح د.حسنى أنه من أهم الملاحظات التى توصل لها فى دراسته أن أول ما يكشف توجه القناة السياسى هو الانفرادات والحصريات التى تعتمد عليها كل قناة حيث تعتمد على الموالين لها فكريا وسياسيا فالجزيرة تحصل على انفراداتها نقلا عن الإخوان والعلاقات المباشرة معهم بينما قناة العالم الإيرانية ترتبط مباشرة بالجيش السورى لذلك تنفرد بأخبار حصرية منهم أو بمساعدتهم وتفرد لهم المساحات والساعات من البث ولا تهتم بالآراء المضادة لها وبالحديث عن الجزيرة فيجب أن ننصح المسئولين بعدم التهرب أو تجنب القنوات المعارضة وإنما الأصح مواجهتها بالدفاع والرد واستخدامها كمنبر كلما سنحت الفرصة خاصة وان تلك القنوات التى تبدو حيادية بتقديم الرأى والرأى الآخر فى بعض برامجها تتعمد اختيار المتحدثين باسم رأيها كمدافع قوى ومتمكن فى حين تختار المعارض لرأيها شخصًا ضعيف الحجة أو ليس بمتحدث لبق أو قوى يمكنه الدفاع عن اتهامات وادعاءات الآخر كما معروف عن الجزيرة إنها تنتقى العاملين بها ممن يبحثون عن المال أو المتميزون بالطاعة وسهولة الانقياد ومعدومى الولاء.... وأكد الباحث أن حال قناة النيل للأخبار على النقيض فهى للأسف لا تعبر إلا عن لسان حال الدولة فهى لا تهتم بإبراز الأحداث والأخبار بذاتها أو استخدامها للمصالح المصرية وإنما تهتم فقط بعرض وجهة النظر السيادية من الأمر وهو ما يختلف تبعا لاختلاف شكل السلطة المصرية التى تقلبت منذ قيام ثورة يناير وهو ما ظهر جليا فى فترة الحكم الإخوانى الذى اختلفت فيه اللهجة الإعلامية لتعبر عن أفكار السلطة وليست الدولة ثم تغيرت مرة أخرى بعد 30 يونيو وتلك التبعية التى يتمتع بها التليفزيون المصرى ربما مأمورة بذلك أو ربما هو توارث تلقائى كما جرت العادة لسنوات حتى تكونت لدى عامليه رقابة ذاتية. أما عن القنوات الموجهة الأمريكية فتضمنت الدراسة إحداها وهى قناة الحرة الإخبارية التى تتميز بالحيادية الظاهرية الحثيثة التى يظهر بالموضوعية الإعلامية فى سرد الأحداث ولا تميز توجهاته إلا بقراءة ما بين السطور ويظهر ذلك فى قضية سوريا حيث تهتم ببقاء بشار الأسد كزعيم عربى آمن لدولة إسرائيل والى جانب ذلك لا تكره أن يستمر الوضع فى سوريا لتدمير الجيش السورى أحد أهم الجيوش العربية عن آخره على أيدى الجهاديين وأثبتت الدراسة أن الحرة الأمريكية تعتمد على التحدث باسم السياسة الأمريكية بنسبة 79% من أخبارها وتغطياتها الإعلامية ولكنها تعتمد طريقة عدم إظهار رأيها صريحا كحال أمريكا التى تعتمد دائما على الظهور بمظهر حيادى فى القضايا العامة الدولية وقد ظهر ذلك خلال الثورة المصرية كما يظهر فى بعض الأخبار الخاصة بسوريا اليوم. وأشار د.حسنى إلى أن نجوم الإعلام التليفزيونى اليوم رغم إدراكهم لبعض ألاعيب استخدام والألفاظ للإقناع والاستمالة كما تنتهج مدرسة الجزيرة وغيرها إلا أن مشاهير الإعلام مازالوا فى حاجة إلى تدريب وتأهيل لعدم تفاعلهم مع الإعلام الدولى أو ما تصدره لنا بطرق غير مباشرة من خلال وسائل الإعلام وهو ما يظهر مثلا فى تسمية الكيان الصهيونى بدولة إسرائيل واليوم يظهر ذلك فى تسمية القضية الفلسطينية وحصرها فى غزة فقط وعدم ذكر دولة فلسطين يوما بعد يوم. أما الدكتور حسن على عميد كلية الإعلام بجامعة سوهاج ورئيس جمعية حماية المشاهد والقارئ والمستمع فيقول إن الإعلام الخبرى المصرى فقير وغير مهنى حيث لا يتم تقديم الأخبار والتعامل مع الأحداث بما يخدم مصالحنا كما تفعل الجزيرة وغيرها بالإضافة لضحالة المصادر الذاتية فى الحصول على الأخبار لذلك نلجأ غالبا لمصادر خارجية إلى جانب التأخر الدائم عن متابعة الأحداث وكلنا يذكر وقت انفجار مديرية أمن القاهرة التى غاب عنها تليفزيونا الوطنى تماما بينما أذاعها بث مباشر بمجرد حدوثه قناة ontv والأسوأ من ذلك أن الإعلام القومى المصرى يعمل ضد مصالح مصر ولا يملك ما يسمى «ستايل بوك» يحدد موجبات العمل الإعلامى وضوابطه. ومن جانبه يقول انس زكى المدير السابق لموقع الجزيرة فى القاهرة أن الإعلام المصرى يديرونه من لا يفقهون شيئا ولا يراعون أية مهنية والمشكلة الأساسية هى الإدارة وانعدام الاخلاص فى العمل لذلك تجد المذيعة مقدمة النشرة على النيل للأخبار تنطق الطاء بطريقة خاطئة رغم عملها ما يقرب من 15 عامًا لذلك يهرب العاملون بالإعلام الوطنى لقناة الجزيرة لأنها قناة مهنية بنسبة 80% وبالطبع سيفضلون العمل و كسب الرزق على الجلوس فى منازلهم واذكر أنه عرض على منصب قيادى فى التليفزيون المصرى فكان شرطى أن أمهل المذيعين شهرين لتحسين الأداء والاجتهاد ثم أبدأ فى اتخاذ إجرءات صارمة ضدهم لان المشكلة ليست فى الكفاءة وانما فى الإدارة.