رفض المثول أمام هيئة المحكمة وإدارة الظهر لها وقت الجلسة ثم الإعلان عن عدم شرعية المحاكمة والاعتراض على القفص الزجاجى ثم انسحاب الدفاع وأخيرًا رد المحكمة كلها كانت حيلا وتكتيكات إخوانية «مفضوحة» لجأ إليها قيادات الجماعة الإرهابية من أجل تعطيل سير القضايا التى يحاكمون بسببها وهذا ما حدث فعلا فى قضايا وادى النطرون، الاتحادية، التخابر، وهى القضايا التى تقدم فيها الإخوان لطلبات رد لهيئة المحكمة تقريبا كلها لسبب واحد وهو «القفص الزجاجى» وبعض الأسباب الأخرى.. محكمة الاستئناف قضت برفض رد عصام العريان فى قضية الاتحادية وغرمته 10 آلاف جنيه وهو الحكم الذى يفتح بابا للجدل والنقاش حول الطرق الفعالة فى مواجهة هذه التكتيكات والحيل.. «أكتوبر» ناقشت هذا الحق القانونى الأصيل للمتهم فى رد المحكمة وكيفية مواجهة سوء استخدامه لتعطيل سير القضايا.. السطور التالية تحمل بعض التفاصيل والاقتراحات. ويؤكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة ورئيس نادى قضاة أسيوط السابق أن حق الرد إذا ما توافرت أسبابه فواجب على القاضى أن ينحى نفسه عن نظر الدعوى كما أنه من حق المتهم أو المدعى بالحق المدنى أن ينحى القاضى الذى توافرت فى حقه أسباب الرد ولم يستشعر الحرج ولم يتنح من تلقاء نفسه ولا نستطيع أبدًا أن نقيد هذا الحق بأى قيد لأن ثقة المتقاضى فى قاضيه وفى حيدته ونزاهته وشفافيته تعلو على كل اعتبار هذا هو المبدأ العام. وإذا تمت إساءة استخدام حق الرد أو تعسف صاحب الحق وابتغى بالرد غير الغرض الذى شرع من أجله فإنه يتعين مجازاة طالب الرد بما يتناسب مع الحالة الاقتصادية لطالب الرد بأن تكون هناك غرامة مالية لها حد أدنى وحد أقصى يترك فيها حرية الحركة للمحكمة التى تقضى فى طلب الرد ويلزم بها طالب الرد فى حالة رفض طلبه أو القاضى حالة قبول الطلب. ويضيف المستشار رفعت: أرى أن يكون الحد الأدنى للغرامة عند رفض طلب الرد لا يقل عن عشرة آلاف جنيه ولا يزيد على مائتى ألف جنيه حتى يفكر طالب الرد أكثر من مرة عندما يلجأ إلى طلب الرد. ويشير إلى أنه يجب أن يعدل قانون المرافعات بأنه فى حالة طلب الرد يودع طالب الرد كفالة قدرها عشرة آلاف جنيه ترد إليه فى حالة قبول الطلب وتصادر فى حالة رفض الطلب، كما يتعين أن يستمر القاضى المطلوب رده فى مباشرة الدعوى حتى يفصل فى طلب الرد وألا يوقف نظر الدعوى بأى حال من الأحوال إلا إذا أمرت الدائرة التى تنظر طلب الرد بوقف الدعوى حتى يفصل فى طلب الرد وبهذا التعديل تسقط أهداف طالب الرد من وقف نظر الدعوى وتأجيلها أو تطويلها إلى فترات ثانية قد يطول أمدها لأن النص فى القانون على أن يقضى فى طلب الرد خلال شهر من تاريخ التقرير بالرد فى قلم كتاب المحكمة هو للأسف إجراء تنظيمى لا يترتب على مخالفته البطلان ويتعين أن يعدل النص بحيث يتضمن أنه يجب على المحكمة التى تنظر طلب الرد أن تقضى فى الطلب خلال فترة لا تتجاوز ثلاثين يومًا وبذلك نستطيع التغلب تمامًا على تأخير الفصل فى الدعوى وإطالة أمد التقاضى بغير مسوغ مشروع. حق أصيل أما المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض فيرى أن حق رد القاضى أو المحكمة حق أصيل للمتهم طبقا لقانون المرافعات وللمتهم أن يستخدمها إذا توافرت أسبابها ولكن هناك بعض المتهمين يسيئون استخدام هذا الحق بغية تعطيل الفصل فى القضايا. ويضيف أنه إذا قدم المتهم طلبا لرد القاضى أو هيئة المحكمة كاملة أو أحد قضاتها فعليه أن يحدد أسباب الرد فى جلسة تقديم أسباب الرد وترسلها المحكمة لرئيس محكمة الاستئناف بعد وقف نظر القضية والذى يحدد دائرة أخرى لنظر طلب الرد وللفصل فيه وتحدد الدائرة الجديدة موعدًا لتنظر دعوى الرد وتنظر فى أسباب ذلك وإما أن تقبله أو ترفضه وإذا رفضته يعود الحال إلى ما كان عليه إلى الدائرة الأصلية لاستكمال إجراءات نظرها والفصل فيها. ويؤكد المستشار الشوربجى أنه لا أحد يستطيع أن يصادر على حق المتهم فى رد القاضى أو هيئة المحكمة إنما يتم التغلب على إساءة استخدام هذا الحق بالإسراع فى نظر طلب الرد والفصل فيه وذلك ليكون خلال يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر لتنظر طلب الرد وتفصل فيه على وجه السرعة. ويضيف أنه إذا قدم طلب الرد مرة أخرى أو ضد أى عضو آخر اليمين أو الشمال أو الرئيس فهذا الطلب للرد الثانى لا يوقف نظر القضية حيث يتم نظر طلب الرد الثانى أثناء نظر القضية ولا يوقف نظر الدعوى. ويقول إنه يمكن تعديل التشريع الخاص بالغرامة بتشديد الغرامة وزيادة المبلغ المالى حتى نضمن جدية الرد، ولكن يجب الإسراع فى نظر طلب الرد والفصل فيه بسرعة بحيث لا يستغرق أكثر من ثلاثة أو أربعة أيام مع دفع الغرامة لكى تصل إلى 20 ألف جنيه أو حد أقصى 50 ألف جنيه إذا تم رفض طلب الرد، فالمتهم هنا مارس حقه القانونى ولم يتم تعطيل نظر القضية أو يتم إساءة استخدام هذا الحق من جانب المتهم ولم يتم الاعتداء على حق المتهم فى رد قاضيه أو أحد قضاة المحكمة أو هيئة المحكمة مجتمعة وأن هذا التعديل يحتاج إلى زيادة الغرامة لضمان الجدية مع الإسراع فى سرعة الفصل فى القضايا والفصل فى طلبات الرد. أسباب واهية ويرى المستشار محسن هيكل رئيس محكمة استئناف الإسكندرية أن قانون المرافعات نظم رد المحكمة فى حالات محددة على سبيل الحصر والغرض من الحق فى رد المحكمة أن يطمئن المتقاضى إلى قاضيه الطبيعى وألا تشوب المحكمة شائبة تنال من هيبتها وتؤثر على قضائها. فحق الرد هو ضمانة للمتقاضى وهو فى نفس الوقت حماية للقاضى إلا أنه قد تلاحظ فى الآونة الأخيرة أن المتقاضى الذى له رغبة فى إطالة أمد النزاع أو الهروب من المثول أمام محكمة بعينها فإنه يلجأ إلى رد المحكمة سواء بكامل أعضائها أو واحدا أو أكثر منهم. ويضيف أن طالب الرد «المتقاضى» يدون أسبابا فى مذكرة الرد بعيدة كل البعد عن الأسباب التى حددها القانون بل فى بعض الأحيان يدون بطلب رده عبارات تسىء إلى القاضى وإلى المحكمة وتمس نزاهته وسمعته وبرد المحكمة يتعين بقوة القانون إيقاف الدعوى المنظورة إلى حين الفصل فى طلب الرد وهو الغرض الحقيقى الذى يسعى إليه طالب الرد. ويضيف لأنه «من أمن العقاب أساء الأدب» فكثير من ذوى النفوس الضعيفة ومن عتاة الإجرام ومن المعتادين على الحقوق يلجأون إلى استخدام ذلك الحق بطريقة تعسفية، وحتى لا نحرم المتقاضى الجاد من ممارسة حقه فى اللجوء إلى طلب الرد إذا ما توافرت أسبابه فإنه يتعين على المشرع أن يتدخل لتنظيم ممارسة ذلك الحق وبوضع جزاء رادع على من يلجأ إليه بقصد تعطيل العدالة وتجريح المحكمة دون سند من القانون. ويضيف المستشار هيكل أنه لذلك فإننى أقترح أن تخصص دائرة أو أكثر فى محكمة استئناف تكون مهمتها الفصل فقط فى طلبات الرد على أن يكون الفصل فى موعد غايته خمسة عشر يوما من تاريخ إيداع تقرير طلب الرد وفى حالة رفض طلب الرد لعدم جديته أو لكونه أو لبنائه على غير الأسباب التى حددها القانون أن يقضى على طالب الرد بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه وأن تحيل المحكمة طالب الرد إلى النيابة العامة بتهمة تعطيل العدالة وتكون العقوبة فى حالة ثبوتها الحبس الوجوبى مدة لا تزيد على سنتين. ويضيف المستشار هيكل أنه إذا ما أخذ المشرع بذلك المقترح سنضمن أن حالات الرد ستقل وستخفض بنسبة 95% فلن يلجأ إلى طلب الرد إلا كل جاد يبنى طلبه على أسباب قانونية على النحو الذى رسمه القانون. وفى ناحية أخرى يجب أن نتحدث عن الوجه الآخر فى تعطيل العدالة وهو ظاهرة تنحى القضاة فإننى أقترح على المشرع أن يحدد الحالات التى إذا ما توافرت تكون سببا لتنحى القاضى على أن يدون طالب التنحى مذكرة بأسباب تنحيه حتى تكون هذه الأسباب على النحو الذى رسمه القانون وألا يطلق حق التنحى مطلقا للقاضى يستخدمه متى شاء وفى حالة تنحيه على غير تلك الأسباب يكون غير صالح للجلوس على منصة القضاء وإذا ما راعينا ذلك بالنسبة لطلبات الرد وحق التنحى فسوف نضمن عدالة ناجزة وألا يفلت معتد من العقاب وألا يفقد مظلوم الثقة فى العدل والقضاء. مبدأ أصولى وعن الهدف من تشريع حق الرد يقول المستشار علاء شوقى رئيس محكمة جنايات شمال الجيزة إنه عندما وضع المشرع حق استخدام الرد لهيئة المحكمة عن نظر قضية ما كان الهدف الأسمى من ذلك هو إعمال المبدأ الأصولى الذى يشترط دائما وأبدا فى القاضى أن يكون متجردا ومحايدا ولكنه وضع احتمالات مردها كون القضاة بشرا يخطئون ويصيبون فخول القاضى أى قاض أن يستشعر الحرج فى دعوى أو قضية ما عندما يرى أن له صلة بأحد الخصوم أو أحد المتهمين أيا كانت نوع الصلة سواء قرابة أو صداقة أو أن يكون قد أفتى فى قضية مماثلة مما يخشى معه المتهم أو الخصم من عدم حياديته فجعله يتخذ هذا الطريق وهو استشعار الحرج من تلقاء ذاته ولكن الشرع وضع فى اعتباره أن القاضى قد لا يتخذ هذا الطريق منفردا وحده أو قد يعرف المتهم القاضى المنظور أمامه الدعوى وأن القاضى لا يعرفه فأعطى لكل متهم الحق فى رد القاضى المنظور أمامه قضية فى المحكمة ولكنه وضع شروطا فى المقابل هى الأخرى التى يجب أن تتسم هى الأخرى بالشرف والنزاهة إذ كما على القاضى أن يستشعر الحرج من تلقاء ذاته فإنه على المتهم أو طالب الرد إذا كان ذلك فى قضية مدنية أن يحترم القيم النبيلة والشرف والنزاهة فى استخدام هذا الحق فلا يلجأ إلى هذا الطريق وهو رد المحاكم ليكون وسيلة للحيلولة دون الفصل فى قضية ما أو منع دائرة بعينها من نظر قضية بعينها فلا يصح أن يختار المتهم أو الخصم قاضيه. ويضيف أنه نظرا لما نراه جميعا الآن من إساءة استخدام ذلك الحق فأصبح لزاما أن يتدخل المشرع مجددا فى تعديل هذا الحق فليكن ذلك مثلا برفع الكفالة التى تصادر عند رفض طلب الرد أو أن يجعل نظر طلب الرد أمام دائرة أخرى فى اليوم التالى مباشرة لاتخاذ إجراءات طلب الرد حتى تحد هذه الإساءة الصارخة لهذا الحق ليصبح الهدف المنشود هو الفصل السريع والناجز والحاسم للدعاوى والقضايا فلا تكون مرتعا خصبا لمنع المحاكم من التصدى للقضايا والدعاوى. ويضيف: أقترح أن تكون هناك عقوبة جنائية بالحبس والسجن ولا يكتفى بالغرامة مهما كان قدرها لمن يسئ استخدام هذا الحق، خاصة وأن هناك تنظيما دوليا أو أفرادا أو جماعات تستطيع أن تدفع أى مبالغ أو أموال أو غرامات أيا كان قدرها فيكون من حق محكمة نظر طلب الرد القضاء مع الرفض بحبس طالبه فضلا عن الكفالة التى يجب دفعها لحدود قصوى لضمان الجدية وعدم إساءة استخدام هذا الحق لترك المحاكم تعمل وتنجز قضاياها فالقضاء متهم دائما بأنه بطىء فى نظر القضايا وحسمها رغم أن 95% من القضاة أبرياء من هذا الاتهام فالثغرات التى تملأ القوانين المصرية تسمح للعابثين باستخدام سوء نيته فى عرقلة الفصل فى القضايا والدعاوى. تعديل تشريعى أما المستشار الدكتور عادل عبد الباقى وزير شئون مجلس الوزراء والتنمية الإدارية الأسبق فيرى أن هناك عدة مبادئ فى هذا الموضوع أولها هو الإبقاء على حق رد المحكمة كمبدأ قضائى مستقر ولا يجوز حرمان المتهم من استخدام هذا المبدأ وثانيها أن قانون المرافعات الحالى وضع غرامة تعتبر رادعا للحق فى الرد بغير مبرر إذا تم استخدام هذا الحق وتم رفضه. وثالثها: أنه فى ضوء التطبيق العمل لوحظ الإسراف فى التمسك بهذا الحق مما يستلزم النظر سريعا فى تعديل قانون المرافعات فى اتجاهين الأول: تحديد مدى زمنى قريب للحكم فى طلب الرد لا يزيد على أسبوعين فى أى حال من الأحوال وفى حالة عدم صدور قرار المحكمة فى طلب الرد خلال هذه المدة المحددة يعتبر رفضا لهذا الطلب. أما المبدأ الثانى فهو مضاعفة قيمة الغرامة فى حالة رفض طلب الرد. ويضيف: أطالب بتعديل تشريعى فى قانون المرافعات لتحديد المدة ومضاعفة الغرامة وفى كلتا الحاليتن لا نستطيع حرمان أى متهم من استخدام هذا الحق وهو رد القاضى وهيئة المحكمة فهو حق أساس من الحقوق التى تلازم المتهم فى التقاضى. ويضيف المستشار عادل أن التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية لا يستطيع استغلال هذا الحق فى الإساءة للقضاء المصرى ولأن هذا الحق معترف به وحتى لا يتم تطويل أمد القضايا فالأهم من الغرامة هو سرعة الفصل فى طلب الرد بحيث لا يتعدى أسبوعين وإذا لم يصدر القرار خلال أسبوعين يكون بمثابة رفض وتعود الدعوى مباشرة للمحكمة للاستمرار فى نظرها وهذا سيؤدى إلى سرعة الفصل فى القضايا.