كان من أهم النتائج السلبية والسيئة التى خلفتها أزمة الإسكان فى جميع محافظات مصر انتشار العشوائيات على أطراف المدن والقرى.. ووصل عددها إلى حوالى 1200 منطقة عشوائية منها 81 منطقة بالعاصمة القاهرة فقط تليها الجيزة ثم الإسكندرية. ويمكن أن نقول إن هذه المناطق تفتقر إلى المقومات الأساسية لحياة المواطنين.. فهذه المناطق محرومة من مياه الشرب النظيفة والصرف الصحى والخدمات الصحية والتعليمية، فهى معامل لتفريغ البطجية والفتوات والخارجين على القانون نتيجة لانتشار الفقر وأن أغلب ساكنى هذه المناطق العشوائية من أصحاب الدخول المتدنية أو من العمالة غير المنتظمة.. ويخرج من هذه المناطق أطفال الشوارع الذين يهجرون أسرهم بسبب الخلافات الأسرية وانتشار الأمية بين هذه الفئات! وقد حاول أعضاء لجنة الخمسين أثناء إعداد الدستور الجديد التعرض لهذه المشكلة الخطيرة.. وقد نص الدستور فى مادتيه 78 و79 على ضرورة كفالة الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية. وقالت المادة (78) بكلمات واضحة تماما إن الدولة تلتزم بوضع خطة وطنية للإسكان تراعى الخصوصية البيئية، وتكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى واستراتيجية لتوزيع السكان، بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين وبما يحفظ حقوق الأجيال القادمة. واقتربت هذه المادة فى الدستور- التى أتمنى أن تتحقق على أرض الواقع- من قضية العشوائيات ومحاولة حلها. وقالت بالحروف الواحد: إن الدولة تلتزم بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق وتحسين الحياة والصحة العامة، كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة. وقد نصت المادة (79) من الدستور الجديد على أن لكل مواطن الحق فى غذاء صحى وكافٍ، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. ومعنى ذلك أن الدستور- لأول مرة- يعترف بمشكلة العشوائيات التى ازدادت مناطقها عاما بعد الآخر بسبب فشل الحكومات المتعاقبة فى حل أزمة الإسكان وفشلها أيضا فى توفير المياه النظيفة وتفاقم مشكلة الخدمات الصحية والتعليمية للمواطنين، فقرر المواطنون حل مشاكلهم بأنفسهم بالسكن فى هذه المناطق العشوائية. *** إننى أعتقد أن المرحلة القادمة تحتاج إلى تضافر الجهود لمواجهة مشكلة العشوائيات وأن تمتد يد الدولة لحلها.