فى عام 52 الذى قامت فى منتصفه ثورة يوليو بقيادة جمال عبد الناصر سيطرت الراقصات على حكايات أفلام ذلك العام ، كما كانت فى العام السابق له وفى بعضها الذى حوى حكاية اجتماعية ليس لها أى تلامس مع الحالة السياسية كان صمن «الكاست» راقصة أو راقصتين من مشاهير ذلك الوقت.. الاستثناء من هذه الظاهرة كان محدودا.. فيلم تاريخى دينى وهو فيلم ظهور الإسلام وفيلمان (من النوع التاريخى السياسى) منعت رقابة العصر الملكى أحدهما من العرض وهو فيلم «مصطفى كامل» وسمحت بعرض الآخر بعد قرارها بمنعه فى البداية وهو فيلم «مسمار جحا» وهناك فيلم ثالث منعته الرقابة بسبب إثارته لغضب طوائف الأقباط وقتها وعادت رقابة الثورة وسمحت بعرضه وهو فيلم «ليلة القدر» بعد تغيير اسمه إلى «الشيخ حسن»! ..الحالة الثورية التى كانت تعيشها البلاد من بعد قرار «الوفد» إلغاء معاهدة 36 وإطلاق الكفاح المسلح ضد الإنجليز فى القناة.. تكاد تكون غير ظاهرة نهائيا فى أفلام الشهور التى سبقت قيام ثورة يوليو إلا فى فيلم واحد كوميدى هو فيلم «عنتر ولبلب»! .. «آمال» أول فيلم ظهر فى دور العرض عام 52 تاريخ عرضه 7 يناير (قبل حريق القاهرة ب 19 يومًا) الفيلم للمخرج يوسف معلوف والقصة ليوسف عيسى والسيناريو لبركات وشارك فى تمثيله شادية ومحسن سرحان وفريد شوقى وميمى شكيب.. ويحكى عن حسن الذى يتزوج من الراقصة سهير دون علم أهله ويموت فى حادث سيارة فى اللحظة التى يقرر فيها مصارحة أهله بهذه الزيجة، ثم يقتل العم الراقصة سهير ويأخذ ابنة أخيه «ابنتها» ويسلمها لناظر العزبة ليتولى تربيتها فى بيته وعندما تكبر آمال تعرف حقيقة (هى بنت مين) من الخدم.. وفى نهاية الفيلم يدخل العم السجن وتسترد آمال ثروة أبيها التى هى ميراثها. ..حكاية الراقصات تظهر أيضًا فى الفيلم التالى الذى ظهر فى دور العرض فى نفس الشهر وهو فيلم «ماتقولش لحد» تمثيل فريد الأطرش ونور الهدى وسامية جمال ومن إخراج بركات الذى كتب أيضًا سيناريو الفيلم فى حين كتب القصة والحوار أبو السعود الإبيارى.. (يتفق المطرب المشهور مع حبيبته الراقصة على الزواج عقب عودته من باريس لكنه فى تحول مفاجئ يتزوج من مطربة غيرها وتغضب الراقصة وتحاول التخلى عن حبها للمطرب فى حين يسعى عم المطربة «غريمتها» للزواج منها.. وفى آخر لحظة تكتشف الراقصة الحقيقة وتعود إلى حبيبها المطرب المشهور). ..فى هذا الفيلم ظهر اسم المخرج الكبير كمال الشيخ كمونتير. ..فى 12 يناير كان الفيلم المعروض فى دور السينما «بنت الهوى» من إخراج يوسف وهبى الذى كتب له أيضًا القصة والسيناريو.. وظهر فى «تتر» هذا الفيلم اسم الراقصة الشهيرة وقتها تحية كاريوكا مسبوق بلقب «الراقصة العالمية». فى الفيلم تحقد الراقصة على الرجال عمومًا.. بعد أن خدعها رجل ترك فى أحشائها طفلًا، ثم ترحل بابنتها إلى القاهرة وتصبح راقصة مشهورة يتهافت على طلب ودها الأعيان والأثرياء وتقع الابنة فى غرام شاب ثرى ويعارض أبوه زواجه بشدة من ابنة راقصة، ثم يعود ليوافق بشرط اختفاء الأم الراقصة من حياة الابنة، الفيلم تمثيل يوسف وهبى وفاتن حمامة وكمال ياسين وفاخر فاخر وعزيزة حلمى، وكان ضمن المشاركين فيه الراقصة الأرمنية «كيتى». ..فى اليوم التالى لحادث حريق القاهرة الذى وقع فى 26 يناير كان الفيلم المعروض فى دور السينما فيلم (من القلب للقلب) للمخرج بركات الذى كتب له السيناريو أيضًا والقصة والحوار ليوسف عيسى ومن إنتاج آسيا. تحكى قصة الفيلم عن هدى التى يموت والدها فتعمل فى أحد الكباريهات تحت اسم «لطافة» فى حماية صديق والدها . ..الطريف أن هذا الفيلم كان موعود بالحرائق، فكما جاء موعد عرضه الأول فى اليوم التالى لحريق القاهرة كان له موعد سابق مع الحرائق فى حريق وقع فى معامل استديو مصر فى سبتمبر عام 51 قضى تمامًا على نسخة الفيلم التى تم تصويرها وقتها، ولعبت البطولة فيها المطربة المعروفة صباح وتقاضت أجرًا عن المشاركة فى هذا الفيلم 3 آلاف جنيه.. وفى المرة الثانية للتصوير استبدلت آسيا صباح بليلى مراد، لأن صباح طلبت رفع أجرها إلى 4 آلاف جنيه ولم تقدر الخسارة التى وقعت على آسيا بسبب احتراق نسخة الفيلم فى حريق المعمل، أرسل بركات إلى ليلى مراد يعرض عليها الفيلم وكانت فى باريس فأوكلت شقيقها إبراهيم لتوقيع العقد مع آسيا نيابة عنها. .. وضمن الأفلام التى ظهرت فى دور العرض عقب حريق القاهرة فيلم «الأم القاتلة» حكاية أب ينساق وراء غرام راقصة ويتزوجها وتنصب الراقصة شباكها حول خطيب ابنته فتحاول الأم إبعاد الراقصة ولما تيأس، الفيلم للمخرج أحمد كامل مرسى والقصة والحوار لمحمود المليجى والتمثيل لمحمود المليجى وعلوية جميل «زوجته وقتها» وتحية كاريوكا وشادية. وفى فيلم الإيمان الذى كان موعد عرضه 25 فبراير تظهر حرب فلسطين عام 48، وكتب للفيلم السيناريو وأخرجه أحمد بدرخان وكانت القصة لمحمد جمال رفعت والتمثيل لماجدة ومحمود المليجى وفريد شوقى وفى الفيلم يموت «الشرير» مقتولا على يد راقصة. .. وتتواصل حكايات الراقصات فى فيلم «الحب بهدلة» الذى ظهر فى دور العرض يوم 26 فبراير، حيث يعمل 3 شبان فى كباريه والمطرب يحب الراقصة، ولكن صاحب الكباريه يفّرق بينهما ويهجر الشبان الكباريه ويفتتحون كباريهًا خاصًا بهم فيخطف صاحب الكباريه الراقصة. غضب الاقباط فى 3 مارس عرضت سينما رويال فيلمًا «ليلة القدر» من انتاج شركة أفلام مصر الحديثة المملوكة للنجم السينمائى وقتها حسين صدقى وأثار هذا الفيلم غضب الطوائف المسيحية فى مصر وتم رفعه من دور السينما وقيل ( وإن كنت لم أصل إلى ما يؤكد هذا القول) إن الفيلم أعيد عرضه بعد قيام ثورة يوليو بموافقة شخصية من جمال عبد الناصر وجرى العرض الثانى مرة باسم (الشيخ حسن) وليس ثابت لدينا أن نسخة فيلم (الشيخ حسن) هى نسخة فيلم (ليلة القدر) بعد إضافة التعديلات التى طلبها الأقباط فى السيناريو أم هو نفس النسخة التى منعها (العصر الملكى) وقاموا برفعها من دور العرض؟.. يحكى فيلم (ليلة القدر) أو (الشيخ حسن) عن الشيخ حسن الذى يتزوج من لويزا الفتاة القبطية دون موافقة أهلها، وعندما تمرض أم الفتاة وتطلب رؤية ابنتها تنتهز أسرتها القبطية مجئ الابنة إلى البيت وتمنع عودتها إلى زوجها المسلم.. وفى بيت الأسرة القبطية تمرض لويزا وتموت وعلى فراش الموت تعلن إسلامها وتوصى بتسليم ابنتها الطفلة إلى زوجها المسلم (الشيخ حسن).. الفيلم تمثيل حسين صدقى وليلى فوزى وهدى سلطان وعبد الوارث عسر. واستيفان روستى. .. فى 17 مارس يظهر فيلم (غضب الوالدين) ونعود إلى الحكايات الاجتماعية التى تظهر فيها الراقصات كأحد عوامل خراب البيوت حيث يحكى الفيلم عن ابن عاق يتروج من راقصة تدفعه إلى الاختلاس وتتسبب فى فصله من عمله. الفيلم لحسن الأمام والذى كتب له أيضًا السيناريو. وتظهر راقصة أيضًا فى الفيلم (الهوا مالوش دوا). كما تظهر راقصة ضمن حوادث فيلم (بشرة خير) يستأجرها الشاب الثرى للايقاع بين ابنة الباشا التى يريدها والمهندس البسيط الذى تحبه.. وتظهر (راقصة) فى المنتصف منير يتعرف على الراقصة سهير التى تساعده وتدعمه حتى يصبح بطلًا رياضيا لكنه يهجر الراقصة ويقع فى غرام الهام الثرية اللاهية التى تعتاد مصادقة الأبطال المشاهير إلخ.. وتظهر (راقصة) ضمن حوادث فيلم آخر من أفلام هذه الفترة فيلم (مصرى فى لبنان). ...فى أبريل قدم يوسف شاهين فيلمه الثالث (المهرج) وقد كتب هو أيضًا سيناريو الفيلم بينما كتب الحوار محمود إسماعيل. وفيلم انتصار الإسلام (دينى تاريخى) كان أول عمل للمخرج أحمد الطوخى بعد عودته من فترة الدراسة فى انجلترا.. تمثيل ماجدة ومحسن سرحان وفريد شوقى. وفى مايو عرضت دور سينما أوبرا فيلم (سلو قلبى) أول فيلم من إنتاج شركة ليلى فيلم المملوكة للنجمة ليلى فوزى.. وفيلم «مسمار جحا» من إنتاج أنور وجدى وبطولته وأنور وجدى هو أيضًا كاتب السيناريو. الفيلم عن رواية لعلى أحمد باكثير وتجرى أحداثه فى وقت الاحتلال التركى للكوفه. حيث يتصدى للاحتلال شيخ وإمام جامع اسمه جحا فيتم سجنه.. وفيلم (مصطفى كامل) للمخرج أحمد بدرخان وقصة فتحى رضوان (الذى كان وزير دولة بعد الثورة). الفيلم تم عرضه فى 14 نوفمبر 52 فى سينما ريفولى.. ولعرض الفيلم قصتان. الأولى قصة عرضه الأول، حيث عرض فى عرض خاص فى استديو النحاس فى سبتمبر 51 وحضره من قيادات الحزب الوطنى مصطفى كامل ومحمد صلاح الدين باشا وفكرى أباظة باشا وزكى على باشا. وعبد الرحمن الرافعى بك وعبد الرحمن عمار بك ويوسف بك وهبى لم يكن من القيادات وقتها ولكن حضر العرض بصفته فنانًا.. وبعد هذا العرض الخاص رفضت الرقابة عرض الفيلم) ولما سمحت ثورة يوليو بعرض الفيلم حضر العرض الأول جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة وكان السادات هو الذى أوكلت له مهمة مشاهدة الفيلم واتخاذ القرار فقرر عرضه! وكان مصطفى كامل أول فيلم للمخرج الذى اشترط على بطله أنور أحمد، الا يشارك فى أى عمل سينمائى بعده وقد حدث وكان مصطفى كامل الفيلم الوحيد لأنور أحمد. .. فيلم «الأسطى حسن» قصة وبطولة فريد شوقى ومن إخراج صلاح أبو سيف كان موعد عرضه 24 يونيه قبل قيام ثورة يوليو بشهر تقريبًا. وفى 17 يوليو ظهر فيلم (المساكين) إخراج وسيناريو حسين صدقى وقصة إبراهيم الوردانى وحوار عبد العزيز سلام وفى هذا الفيلم تظهر حرب فلسطين لثالث مرة فى السينما المصرية. .. سيدة القطار كان الفيلم رقم 4 للمخرج يوسف شاهين. كتب هو السيناريو وكتب الحوار والقصة نيروز عبد الملك. وكان من تمثيل ليلى مراد ويحيى شاهين لعبت فيه ليلى مراد دور مطربة وابنتها وكان الفيلم يحكى عن رجل عاشق للقمار. ظهر الفيلم فى 28/ أغسطس (بعد قيام الثورة بشهر تقريبا)، لذا لم يحقق الفيلم النجاح المنتظر بسبب انشغال المصريين بحوادث (الثورة) وقضاياها التى كانت أهم من حكاية مطربة ورجل مدمن قمار فى نظر الجمهور المصرى وقتها. وتقول الأخبار الخاصة بالفيلم إن ليلى مراد تنازلت عن نصف أجرها الذى كان وقتها (12 ألف جنيه لتعويض المنتج عبد الحليم نصر خسارته فى الفيلم. فماذا فعل جمهورنا اليوم مع الأفلام التى ظهرت بدور العرض من 25 يناير حتى الآن. وكانت بعيده عن (حالة الشارع الثورية)؟