آداب حلوان تعلن شروط القبول بأقسامها للعام الجامعي 2026/2025    محافظ البحيرة ووزير العدل يتفقدان أعمال تطوير مبنى المحكمة الابتدائية القديم بدمنهور    وزير الدولة للتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات اليابانية بمختلف القطاعات    تعاون جديد بين "غرفة القاهرة" وشركة "فوري" لميكنة الخدمات والتحصيل إلكترونيًا    في اليوم العالمي للعمل الإنساني.. القومي لحقوق الإنسان: الوضع في غزة أشد صور المعاناة حدّة    أيمن يونس: يجب إعادة النظر في سحب أرض الزمالك    ضبط 5 متهمين يستغلون 8 أطفال في أعمال التسول بالقاهرة والجيزة    خالد جلال ناعيًا الدكتور يحيى عزمي: تخرج على يديه أجيال من السينمائيين    مدير أوقاف الإسكندرية يتابع لجان اختبارات مركز إعداد المحفظين بمسجد سيدي جابر    بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال في مركز طب أسرة العوامية بالأقصر لخدمة منتفعي التأمين الصحي    الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية للمصانع    إطلاق أسماء 4 نقاد كبار على جوائز أفضل مقال أو دراسة حول الأفلام القصيرة جدا    رواية «بيت من زخرف» لإبراهيم فرغلي تصل للقائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية    أمن المنافذ يضبط 53 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    التحقيق مع 3 أشخاص بتهمة غسل 100 مليون جنيه من النصب على المواطنين    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    صور.. تأثيث 332 مجمع خدمات حكومية في 20 محافظة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وظائف جديدة للمهندسين والمشرفين بالسعودية برواتب تصل 6000 ريال    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    قرار جديد من وزارة الداخلية بشأن إنشاء مركز إصلاح (نص كامل)    "الأوقاف": مؤسسات العالم في اختبار حقيقي لإدخال المساعدات لغزة    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    كامل الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية    ريبيرو في اختبار مبكر.. الأهلي يبدأ الموسم بنزيف غيابات    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    حسن عابد مديرا لبطولة أفريقيا ل شباب الطائرة    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    هل يمكن أن تسبب المشروبات الساخنة السرطان؟.. اعرف الحقيقة    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    دراسة حديثة تكشف مفتاح إعادة ترتيب الذكريات في الدماغ    رئيس جامعة الإسكندرية يبحث مع وفد إماراتي استعدادات افتتاح فرع أبوظبي    وزيرا الإسكان والسياحة ومحافظ الجيزة يتابعون مخطط تطوير منطقة مطار سفنكس وهرم سقارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة غزل المحلة    وزير الخارجية يعرب لنظيره الهولندي عن الاستياء البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    السبت.. عزاء الدكتور يحيى عزمي عقب صلاة المغرب في مسجد الشرطة ب6 أكتوبر    عماد أبوغازي: هناك حاجة ماسة لتغيير مناهج التاريخ فى الجامعات    أمن الجيزة يلقى القبض على قاتل ترزى الوراق    على ملعب التتش.. الأهلي يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة المحلة    ياسمين صبري ناعية تيمور تيمور: «صبر أهله وأحبابه»    جميع ما أعلنته وزارة التعليم عن البكالوريا المصرية الجديدة ومقارنتها بالثانوية العامة (المواد والمسارات وفرص الامتحان)    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    أبرز تصريحات لقاء الرئيس السيسي مع الشيخ ناصر والشيخ خالد آل خليفة    هناك الكثير من المهام والأمور في بالك.. حظ برج العقرب اليوم 19 أغسطس    الخارجية السورية: لا قيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى السويداء    الاتحاد الأوروبي يخفض وارداته من النفط إلى أدنى مستوى تاريخي    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    جمال الدين: نستهدف توطين صناعة السيارات في غرب بورسعيد    فلسطين.. إصابات بالاختناق جراء اقتحام الاحتلال مدينة بيت لحم    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى هذه الحارات.. قَابل نجيب محفوظ فتواته
نشر في أكتوبر يوم 22 - 12 - 2013

مثل كل من جاءوا من الريف إلى القاهرة مشغولين بالفن والفكر والكتابة للجمهور قصدت مكانين كانا بالنسبة لى أهم أماكن بالقاهرة كان الأول مقهى البستان الذى كنت أعرف أن عليه يجتمع أغلب أهل الفكر والفن وكنت شغوفًا على المقهى الذى كانت تولد فيه إبداعاتهم أن أستمع إلى حكاياتهم. حكاية كل واحد فيهم كانت بمفردها عملًا فنيايكتبه دومًا القدر بحلوه ومُره، المكان الثانى الذى قصدته كان القاهرة القديمة مهبط وحى الإبداع على نجيب محفوظ . ساعدتنى الأقدار على تحقيق ما أريد من أول يوم وصلت فيه للقاهرة. عندما حللت فى أول مكان أسكن فيه فى حى باب الشعرية.. وبجوراى كانت الحسينية وسوق اللمون وباب الفتوح وباب النصر الذين منهما أنفد إلى شارع المعز لدين الله الفاطمى - وخان الخليلى وحارة برجوان وزقاق المدق ومقام سيدنا الحسين «رضى الله عنه» حيث أستحضر مع رشفات الشاى الأخضر على مقهى الفيشاوى جلسات نجيب محفوظ وأسرار الأماكن التى حملت سر عظمة وعالمية رواياته.
على مقهى «نملة» فى الحسينية تلك المنطقة الممتدة من باب الفتوح وحتى ميدان الجيش حاليًا. بدأت تجوالى فى العالم الذى صنع منه نجيب محفوظ رواياته.
... عن الفتوات سألت!
وكان «نملة» الذى يحمل المقهى الذى أجلس عليه اسمه واحدًا من هؤلاء الفتوات أصحاب الصيت فى الحسينية والذين لم يتبق منهم بعد رحيلهم غير «مقاهى تحمل أسماءهم».
... هل كان نجيب محفوظ مهمومًا بفكرة «القوة» وتوابع وجودها فى الحياة من «طغيان» و «قهر» ينزل أقدارًا فوق رؤوس العايشين فى الحياة.. وفى ذهنه «المواطن المصرى البسيط». أو كان نجيب محفوظ بحسب تأويل الذين ثاروا ضد روايته «أولاد حارتنا» مشغولا بفكرة وجود «الله» ويحتال ليمنح رؤيته حق حرية الظهور؟!.
.. كان ذلك هو السؤال الذى شغلنى. لكن السؤال الذى طرحته على الجالس معى على مقهى نملة وقتها. سؤال عن فتوات الحسينية «اللى بجد».. قال لى: بإمكانك أن تقابل آخر من بقى منهم على قيد الحياة «عم إبراهيم»..
.. فى نهاية الشارع وبالقرب من تقاطعه مع ميدان الجيش كان يسكن عم إبراهيم، وله فى مواجهة مسكنه أيضًا مقهى يحمل اسمه.. سألت عم إبراهيم عن الفتوات وعن قوله فى الصورة التى تقدمها روايات نجيب محفوظ عن فتوات القاهرة؟
.. قال عم إبراهيم:أن فتوات نجيب محفوظ مصنوعين. تفاصيل حياتهم كلها من خيال نجيب محفوظ ... الفتوات «أساسًا»، فكرة خرجت من عقل أهل الحوارى وكان لها غرضان، الأول وجود قوة قادرة على حفظ الحقوق للناس بين الناس وبعض وبين الناس فى المنطقة والآخرين فى مناطق أخرى فى ظروف كان فيها الأمن. مهمومًا فقط بأهل النفوذ والمال (البشوات)، الغرض الثانى لظهور الفتوات كان وجود قوة، تملك إخراج الخارج عن القانون أو المطلوب من السلطات من الحارة وبالتالى تحمى الحارة من أن تنتهكها أقدام عساكر الإنجليز ومن قبلهم عساكر الفرنساويين، لأنه دخول (العساكر دول) كان يعنى تعرض النساء والحرمات فى الحوارى لخطر الاعتداء أو الاستباحة من العساكر الغرباء عن عاداتنا وتقاليدنا. ومع فكرة الفتوات كانت فكرة البوابات، لكل حارة بوابة يغلقها أهل الحارة بالليل.. فتحمى بنات ونساء الحارة من عربدة الإنجليز السكارى، بمنعهم أصلًا من دخول الحوارى.
.. يعنى ماكنش عسكرى إنجليزى يقدر يدخل الحارة مهما كان الظرف، لو فيه حد غلط معاهم من جوّه الحارة الفتوه كفيل بيه!
.. الفتونة كانت قايمة أساسًا على الأخلاق والمروة.. مفيش حد كان بيبقى فتوة لأنه قوى، ولكن لأنه قوى وذكى وعنده أخلاق ومروءة.. فتوات نجيب محفوظ صورتهم أقرب إلى (البلطجية).
ناس بتطمع فى قوت أهل الحارة وفى حريمهم، وده شىء غير صحيح بالمرة.
.. انتهى كلام عم إبراهيم الفتوة الذى كان على قيد الحياة وقتها وظلت كلماته فى أذنى تؤكد لى أن نجيب محفوظ استلهم من (الفتوات) ما يجعله قادرًا على صياغة نظرته (للقوة) وتوابع وجودها فى حياتنا من طغيان وقهر ينزل فوق رؤوس الضعفاء من بسطاء الناس.
.. وبقدر براعة نجيب محفوظ فى رسم تفاصيل (الطغيان) كان بارعًا فى تحليل (الضعف) الذى يمنح الطغيان فرصة قهرنا الضعف الذى فى نفوسنا وسلوكياتنا وأفكارنا.
.. وفى مرات تالية كانت أقدامى تأخذنى (مسكونًا بالعشق الذى وضعه فىّ نجيب محفوظ) إلى مكان من أماكن رواياته.
.. أوقات كنت بمفردى وأوقات كان معى صاحب.
.. الفكرة (فكرة أن احنا نلف فى القاهرة القديمة نشقر على الأماكن التى دارت فيها حوادث روايات نجيب محفوظ) أخذت صديقى الإذاعى عبد الرحيم محمود فحولها إلى سهرة إذاعية قدمتها إذاعة صوت العرب فى رمضان قبل أعوام.
.. امتدت جولتنا أنا وهو من الحسينية حتى جاوزنا باب زويلة أو بوابة المتولى، بحسب ما يقول عنها أهل المكان.
.. دخلنا زقاق المدق، شارع يشبه الممر أكثر ما يميزه تجار الفحم، ودخلنا حارة برجوان، سمعنا تفاصيل صناعة كراسى الخيول من الجلد الطبيعى، وتجولنا فى الغورية والخيامية ومن قبلهما دخلنا خان الخليلى.
.. كثير من الحرفيين المهرة فى خان الخليلى سافروا إلى الصين، وأخذ منهم الصينيون أسرار فنون خان الخليلى.. والهم الأكبر سمعته من واحد من شباب الحرفيين الفنانين عن أحجام أسطوات خان الخليلى عن نقل خبراتهم لصناع شباب، خايفين لياكلوا منهم الصنعة والسوق.
.. وقال لى الشاب الذى يعمل فى صناعة لوحات فنية يدخل فيها الخط العربى بخيوط دهب.. إنه كى يتعلم الصنعة ويعمل اشترط عليه الأسطى التوقيع على وصل أمانة بمبلغ كبير، حتى يضمن الأسطى عدم (غدره) أو تركه للعمل (أول ما يشرب الصنعة) كما فعل غيره!!
.. وعند باب زويلة دخلنا السكرية، حارة طويلة، كان بها بيت المال (مازالت أطلاله موجودة حتى الآن)..
وعند باب زويلة، أو بوابة المتولى أو كما تسميه بعض كتب التاريخ باب الدم، من كثرة عدد الذين علقوا على الباب مشنوقين أيام المماليك، كانت نهاية جولتى فى عوالم صنعت خيال نجيب محفوظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.