تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    يورو 2024 – جوندوجان عن اكتساح اسكتلندا: هذه هي البداية التي أردناها.. وتلقينا تحذيرا    موندو ديبورتيفو: نيوكاسل يخطط لضم ثنائي برشلونة    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    تحرير 141 محضرًا تموينيًا في 5 مراكز بالمنيا    استعدادات حدائق أسوان لاستقبال الزوار في عيد الأضحى (فيديو وصور)    سعر الذهب اليوم في مصر يواصل الارتفاع بمنتصف التعاملات    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    وزير الري: القيادة السياسية وجهت بالتوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي    بايدن وسوناك يبحثان تطورات الأوضاع فى غزة على هامش قمة مجموعة السبع    الفلسطينيون يستقبلون عيد الأضحى بالتعرض لمذابح إسرائيلية.. قصف مكثف لجيش الاحتلال على مدينة رفح الفلسطينية.. الصحة: أكثر من 122 ألف شهيد وجريح منذ 7 أكتوبر الماضى.. مقتل 8 ضباط وجنود إسرائيليين جنوبى القطاع    يورو 2024.. رحلة منتخب اسبانيا فى مبارياته الافتتاحية قبل موقعة كرواتيا    بعثة من المجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي «SADC» تطلع على التجربة المصرية في مجال التعليم الرقمي    رئيس جامعة المنوفية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول عيد الأضحى    أخبار الأهلي : أول رد من الأهلي على تصريحات محمد شريف    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    وزير الرياضة: فتح مراكز الشباب لاستقبال المواطنين بالمجان خلال العيد    الأوقاف تحذر من وقوف النساء بجوار الرجال في صلاة العيد.. لا يصح أبدا    تخصيص 206 ساحات و8 آلاف مسجد لأداء صلاة عيد الأضحى بسوهاج    تعرف على المقصود برمي الجمرات.. والحكمة منها    عمرو يوسف يكشف ل"مصراوي" سر حب الجمهور ل"ولاد رزق"    عمرو دياب يحيي حفل ضخم في لبنان.. الليلة    القاهرة الإخبارية: وصول 9 شهداء إلى مستشفى الأوروبي في غزة    إمام المسجد الحرام يحث الحجاج على اغتنام الفضل العظيم بمشعر عرفات    مشاهد خاصة من عرفات.. دعوات وتلبية وفرحة على الوجوه (صور)    الخشت يوجه برفع درجة الاستعداد بمستشفيات جامعة القاهرة خلال إجازة العيد    الصحة السعودية: لم نرصد أي حالات وبائية أو أمراض معدية بين الحجاج    «النقل»: تقدم أعمال تنفيذ الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع (صور)    رئيس «جهاز أكتوبر»: تجهيز 4.2 مليون متر مسطح أخضر استعدادا لعيد الأضحى    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    11 معلومة عن خطيب عرفات ماهر المعيقلي.. من أروع الأصوات وعمره 55 عاما    ضمن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحي.. إطلاق 33 قافلة طبية مجانية بمختلف محافظات الجمهورية خلال 4 أيام    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    بحجة ارتفاع أمواج البحر.. تفاصيل نقل الرصيف العائم من شاطئ غزة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي    الاحتلال الإسرائيلي يعلن قصف مبنى عسكري لحزب الله جنوبي لبنان    الشيخ ماهر المعيقلي يلقي خطبة عرفة (بث مباشر)    محمد رمضان يكشف عن أغنيته الجديدة "مفيش كده".. ويعلق: "يوم الوقفة"    سيولة مرورية بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    البحيرة.. غلق مخابز ارتكبت مخالفات في كفر الدوار    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم السبت 15 يونيو 2024    التضامن: تنظم سلسلة من الدورات التدريبية للاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين حول الإسعاف النفسي الأولي    يوم عرفة 2024 .. فضل صيامه والأعمال المستحبة به (فيديو)    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    "كان بيقطع اللحمة".. لا شبهة جنائية في وفاة جزار بسكين في الجيزة    حكم صيام أيام التشريق.. الإفتاء تحسم الجدل    ب«6 آلاف ساحة وفريق من الواعظات».. «الأوقاف» تكشف استعداداتها لصلاة عيد الأضحى    5 أطباق بروتين للنباتيين في عيد الأضحى.. «وصفات سهلة ومغذية»    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    أستاذ ذكاء اصطناعي: الروبوتات أصبحت قادرة على محاكاة المشاعر والأحاسيس    بعد تدخل المحامي السويسري، فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية المدافع الفلسطيني    إبادة «فراشات غزة» بنيران الاحتلال| إسرائيل على قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى هذه الحارات.. قَابل نجيب محفوظ فتواته
نشر في أكتوبر يوم 22 - 12 - 2013

مثل كل من جاءوا من الريف إلى القاهرة مشغولين بالفن والفكر والكتابة للجمهور قصدت مكانين كانا بالنسبة لى أهم أماكن بالقاهرة كان الأول مقهى البستان الذى كنت أعرف أن عليه يجتمع أغلب أهل الفكر والفن وكنت شغوفًا على المقهى الذى كانت تولد فيه إبداعاتهم أن أستمع إلى حكاياتهم. حكاية كل واحد فيهم كانت بمفردها عملًا فنيايكتبه دومًا القدر بحلوه ومُره، المكان الثانى الذى قصدته كان القاهرة القديمة مهبط وحى الإبداع على نجيب محفوظ . ساعدتنى الأقدار على تحقيق ما أريد من أول يوم وصلت فيه للقاهرة. عندما حللت فى أول مكان أسكن فيه فى حى باب الشعرية.. وبجوراى كانت الحسينية وسوق اللمون وباب الفتوح وباب النصر الذين منهما أنفد إلى شارع المعز لدين الله الفاطمى - وخان الخليلى وحارة برجوان وزقاق المدق ومقام سيدنا الحسين «رضى الله عنه» حيث أستحضر مع رشفات الشاى الأخضر على مقهى الفيشاوى جلسات نجيب محفوظ وأسرار الأماكن التى حملت سر عظمة وعالمية رواياته.
على مقهى «نملة» فى الحسينية تلك المنطقة الممتدة من باب الفتوح وحتى ميدان الجيش حاليًا. بدأت تجوالى فى العالم الذى صنع منه نجيب محفوظ رواياته.
... عن الفتوات سألت!
وكان «نملة» الذى يحمل المقهى الذى أجلس عليه اسمه واحدًا من هؤلاء الفتوات أصحاب الصيت فى الحسينية والذين لم يتبق منهم بعد رحيلهم غير «مقاهى تحمل أسماءهم».
... هل كان نجيب محفوظ مهمومًا بفكرة «القوة» وتوابع وجودها فى الحياة من «طغيان» و «قهر» ينزل أقدارًا فوق رؤوس العايشين فى الحياة.. وفى ذهنه «المواطن المصرى البسيط». أو كان نجيب محفوظ بحسب تأويل الذين ثاروا ضد روايته «أولاد حارتنا» مشغولا بفكرة وجود «الله» ويحتال ليمنح رؤيته حق حرية الظهور؟!.
.. كان ذلك هو السؤال الذى شغلنى. لكن السؤال الذى طرحته على الجالس معى على مقهى نملة وقتها. سؤال عن فتوات الحسينية «اللى بجد».. قال لى: بإمكانك أن تقابل آخر من بقى منهم على قيد الحياة «عم إبراهيم»..
.. فى نهاية الشارع وبالقرب من تقاطعه مع ميدان الجيش كان يسكن عم إبراهيم، وله فى مواجهة مسكنه أيضًا مقهى يحمل اسمه.. سألت عم إبراهيم عن الفتوات وعن قوله فى الصورة التى تقدمها روايات نجيب محفوظ عن فتوات القاهرة؟
.. قال عم إبراهيم:أن فتوات نجيب محفوظ مصنوعين. تفاصيل حياتهم كلها من خيال نجيب محفوظ ... الفتوات «أساسًا»، فكرة خرجت من عقل أهل الحوارى وكان لها غرضان، الأول وجود قوة قادرة على حفظ الحقوق للناس بين الناس وبعض وبين الناس فى المنطقة والآخرين فى مناطق أخرى فى ظروف كان فيها الأمن. مهمومًا فقط بأهل النفوذ والمال (البشوات)، الغرض الثانى لظهور الفتوات كان وجود قوة، تملك إخراج الخارج عن القانون أو المطلوب من السلطات من الحارة وبالتالى تحمى الحارة من أن تنتهكها أقدام عساكر الإنجليز ومن قبلهم عساكر الفرنساويين، لأنه دخول (العساكر دول) كان يعنى تعرض النساء والحرمات فى الحوارى لخطر الاعتداء أو الاستباحة من العساكر الغرباء عن عاداتنا وتقاليدنا. ومع فكرة الفتوات كانت فكرة البوابات، لكل حارة بوابة يغلقها أهل الحارة بالليل.. فتحمى بنات ونساء الحارة من عربدة الإنجليز السكارى، بمنعهم أصلًا من دخول الحوارى.
.. يعنى ماكنش عسكرى إنجليزى يقدر يدخل الحارة مهما كان الظرف، لو فيه حد غلط معاهم من جوّه الحارة الفتوه كفيل بيه!
.. الفتونة كانت قايمة أساسًا على الأخلاق والمروة.. مفيش حد كان بيبقى فتوة لأنه قوى، ولكن لأنه قوى وذكى وعنده أخلاق ومروءة.. فتوات نجيب محفوظ صورتهم أقرب إلى (البلطجية).
ناس بتطمع فى قوت أهل الحارة وفى حريمهم، وده شىء غير صحيح بالمرة.
.. انتهى كلام عم إبراهيم الفتوة الذى كان على قيد الحياة وقتها وظلت كلماته فى أذنى تؤكد لى أن نجيب محفوظ استلهم من (الفتوات) ما يجعله قادرًا على صياغة نظرته (للقوة) وتوابع وجودها فى حياتنا من طغيان وقهر ينزل فوق رؤوس الضعفاء من بسطاء الناس.
.. وبقدر براعة نجيب محفوظ فى رسم تفاصيل (الطغيان) كان بارعًا فى تحليل (الضعف) الذى يمنح الطغيان فرصة قهرنا الضعف الذى فى نفوسنا وسلوكياتنا وأفكارنا.
.. وفى مرات تالية كانت أقدامى تأخذنى (مسكونًا بالعشق الذى وضعه فىّ نجيب محفوظ) إلى مكان من أماكن رواياته.
.. أوقات كنت بمفردى وأوقات كان معى صاحب.
.. الفكرة (فكرة أن احنا نلف فى القاهرة القديمة نشقر على الأماكن التى دارت فيها حوادث روايات نجيب محفوظ) أخذت صديقى الإذاعى عبد الرحيم محمود فحولها إلى سهرة إذاعية قدمتها إذاعة صوت العرب فى رمضان قبل أعوام.
.. امتدت جولتنا أنا وهو من الحسينية حتى جاوزنا باب زويلة أو بوابة المتولى، بحسب ما يقول عنها أهل المكان.
.. دخلنا زقاق المدق، شارع يشبه الممر أكثر ما يميزه تجار الفحم، ودخلنا حارة برجوان، سمعنا تفاصيل صناعة كراسى الخيول من الجلد الطبيعى، وتجولنا فى الغورية والخيامية ومن قبلهما دخلنا خان الخليلى.
.. كثير من الحرفيين المهرة فى خان الخليلى سافروا إلى الصين، وأخذ منهم الصينيون أسرار فنون خان الخليلى.. والهم الأكبر سمعته من واحد من شباب الحرفيين الفنانين عن أحجام أسطوات خان الخليلى عن نقل خبراتهم لصناع شباب، خايفين لياكلوا منهم الصنعة والسوق.
.. وقال لى الشاب الذى يعمل فى صناعة لوحات فنية يدخل فيها الخط العربى بخيوط دهب.. إنه كى يتعلم الصنعة ويعمل اشترط عليه الأسطى التوقيع على وصل أمانة بمبلغ كبير، حتى يضمن الأسطى عدم (غدره) أو تركه للعمل (أول ما يشرب الصنعة) كما فعل غيره!!
.. وعند باب زويلة دخلنا السكرية، حارة طويلة، كان بها بيت المال (مازالت أطلاله موجودة حتى الآن)..
وعند باب زويلة، أو بوابة المتولى أو كما تسميه بعض كتب التاريخ باب الدم، من كثرة عدد الذين علقوا على الباب مشنوقين أيام المماليك، كانت نهاية جولتى فى عوالم صنعت خيال نجيب محفوظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.