إنها إرادة الله الذى لا راد لقضائه.. إنها مأساة بما تحمله الكلمة من معان.. المأساة شديدة.. صعبة.. والكارثة تقصم الظهر.. مأساة تواجه أسرة بسيطة تعيش على الكفاف.. تحت خط الفقر ومع ذلك لم يكن هناك ضيق أو تذمر.. كانت كلمة الحمد لله على لسان جميع أفرادها، خاصة الأطفال منهم.. فقد علمتهم التوجه بالحمد لله.. إنها أسرة كآلاف الأسر التى تعيش فى هذا البلد.. الأب يعمل سائقًا بأجرة على سيارة ميكروباص.. يحصل على يومية تكاد تسد حاجة أسرته المكونة من زوجة وخمسة من الأولاد ثلاث بنات وولدين.. الأم تحاول دائمًا أن تكيف حياة أسرتها وتدبر المعيشة على أساس الدخل.. لم تفكر فى يوم أن تطلب من الزوج أى شىء يفوق طاقته.. تحملت الكثير لتعيش الأسرة، خاصة الأطفال بدون أن يشعروا بالحرمان.. حتى عندما أصيب الزوج فى حادث طريق وأصيب بكسور بالساق اليمنى مما أدى إلى نومه على فرشته لشهور حتى تلتئم جراحه بعد إجراء عملية لتثبيت عظام الفخذ اليمنى.. وقفت وقفة رجال.. كان يشغلها وزوجها التفكير فى الغد لم يكن من أجل أنفسهم، ولكن من أجل الأطفال الذين يكبرون بسرعة والحياة أصبحت صعبة جدًا.. كل ما كان يشغل تفكيرهما توفير لقمة العيش ومواصلة الوقوف بجوار الأولاد فى رحلة التعليم الطويلة وفجأة استيقظت الأسرة على شىء لم يخطر على بال أى فرد منهم.. الابن الأصغر الذى لم يكن فى ذلك الوقت قد تجاوز الرابعة من عمره.. يبكى دائمًا.. يصرخ.. تحول لون وجهه إلى اللون الأصفر.. واهن غير قادر على الوقوف على قدميه واللعب مع أقرانه.. أصيب بارتفاع شديد بدرجة الحرارة، ولكنها فى هذه المرة لم تفلح.. حملته إلى المستشفى المركزى.. وصف الطبيب له الأدوية التى تساعد فى علاج الحالة والتى شخصها على أنها نزلة برد، ولكن مر يوم والثانى والطفل كما هو، وعادت الأم مرة أخرى ووصف الطبيب أدوية أخرى ولم يمر يومان إلا وحالة الطفل فى تدهور مستمر وعندما عادت هذه المرة طلب منها إجراء تحاليل، وعندما سألته عن السبب أكد أنه مجرد إجراء لمعرفة سبب هذه الأعراض.. ولكنها عرفت بعد ذلك السبب الحقيقى أن الطبيب يشك فى إصابته بالمرض اللعين.. وتأكدت شكوك الطبيب بالتحاليل أنه مصاب بسرطان بالدم وقام بتحويله إلى المعهد القومى للأورام وكانت رحلة حزينة من قريتها بإحدى محافظات شمال الدلتا إلى معهد الأورام بالقاهرة والذى أكد أطباؤه أن الطفل مريض بالسرطان ويحتاج إلى جرعات كيماوى وإشعاعى.. الأب غير قادر على ترك لقمة العيش وتحملت الأم الكثير من أجل طفلها.. تحملت الآلام الجسدية.. والآلام النفسية، فقد كان قلبها يتمزق وينزف دما من أجل الطفل الصغير الذى لم يفعل إثما ولكنها إرادة الله وقضاؤه.. وفى أثناء رحلة علاج الصغير كانت الأم حاملا وسرعان ما رزقها الله بالابن الأصغر «إسلام» الذى كانت تضطر إلى حمله واصطحابه فى رحلة علاج الابن مريض السرطان.. وفى إحدى المرات كان «إسلام» يبكى ويتألم والأم تحاول أن ترضيه.. تهدهده.. ترضعه.. ولكنه يصرخ بدون توقف لاحظت ارتفاع درجة حرارته عرضته على أحد الأطباء بالمعهد الذى طلب سرعة إجراء تحليل فقد كان يخشى من شىء ما وما هى إلا بضع ساعات حتى ظهرت نتائج التحاليل ولم تكن أبدًا مرضية فطلب إجراء أشعة وتحاليل أكثر تخصصا وهنا كانت المفارقة الغريبة أن الطفل الذى لم يتعد عمره العام فى ذلك الوقت مصاب أيضًا بسرطان، ولكن ليس سرطان دم، بل سرطان بالكلية اليسرى.. صرخت الأم وبكت لأيام طويلة.. الولدان مصابان بالسرطان.. ولكنها مؤمنة هى وزوجها وتعلم أن ذلك ابتلاء من الله عز وجل وهى راضية.. سنوات وسنوات وهى تحمل طفليها من وإلى المعهد ولكن ظروف الحياة أصبحت صعبة وغول الأسعار يقضى على الأخضر واليابس.. والأسرة التى يبتليها الله بمرض أحد أفرادها تكل من المصاريف والاحتياجات فما بالنا بأسرة لديها طفلان مريضان بمرض لعين لا شفاء منه والأب يعانى بسبب إصابته القديمة وأصبح غير قادر على العمل والابنة الكبرى تمت خطبتها والأسرة غير قادرة على تغطية تكاليف الزواج وتحتاج الأسرة إلى مصاريف كثيرة، ولذلك أرسلت الأم خطابًا تطلب المساعدة من أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة، من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.