أعواد خضراء.. ملامح دقيقة.. عيون ذابلة وجوه ملامحها تمتلئ بالخوف والفزع .. الخوف من اليوم.. والفزع من الأيام القادمة.. مع أن ثلاثة تتراوح أعمارهم بين العاشرة والثلاثة أعوام فإنهم عرفوا الخوف.. أحسو بالألم.. عاشوا مرارة المرض ثلاث حكايات لثلاثة أطفال أصيبوا بمرض فتاك.. مرض لعين اسمه السرطان.. ? الأول «ياسين» الذى لم يبلغ العاشرة إلا من شهر واحد هو ابن لأب يعمل عامل زراعى أجير وأم ربة منزل وأخ لخمسة أولاد وبنت هو الابن الأوسط فى الترتيب منذ ولادته وهو ضعيف يحتاج إلى من يرعاه دائماً ولذلك دائما كان محل رعاية أمه التى كان تتمنى أن يكبر ويشتد عوده.. ليقف أمام أى رياح عاتية قد تقتلعه من جذوره يعيش وأسرته فى إحدى قرى محافظة من محافظات شرق الدلتا.. يلعب ويجرى مع إخوته وأولاد الجيران .. يحبه الجميع ويطلبون اللعب معه.. وفى إحدى مرات اللعب سقط على الأرض مغشيا عليه وسط إخوته.. ظن الجميع أن سبب الإغماءة هى الانيميا التى يعانى منها مثل جميع أطفال الأسر الفقيرة المحرومة.. ولكن اشتد اصفرار وجهه وظهرت بعض الأورام فى رقبته وأيضاً إبطيه وألام لا تدرى ماذا تفعل؟..سألت الأب أن يذهب به إلى الطبيب .. ولكن من أين لهما بأجرة الطبيب.. حمله الأب إلى المستشفى .. وهناك أجريت له بعض الفحوصات والتحاليل وبعد ظهور النتيجة طلب الطبيب من الأب حمل ابنه إلى المعهد القومى للأورام بالقاهرة ليتم تشخيص الحالة والتأكد من صحة نتائج التحاليل التى أظهرت إصابة الطفل بسرطان الغدد الليمفاوية، كانت صدمة للأب والأم ولكنه أمر الله وبالفعل حمل طفله وجاء لأطباء المعهد الذى أكدوا النتائج وأنه مريض ومرضه قاس لا يرحم.. ويحتاج إلى علاج كيماوى وإشعاعى وأن عليه أن يحضر للمعهد أسبوعيا لتلقى العلاج والمتابعة وإجراء الفحوصات والتحاليل وكانت رحلة صعبة على الأب لأنه يضطر إلى ترك عمله الذى يقتات منه وهو وأسرته ويحمل طفله إلى المعهد ذهابا وإيابا وكل ذلك يمثل عبئا على الأسرة التى تعيش يوما بيوم فهل تجد الأسرة من يساعدها. ? أما الحكاية الثانية فهى «لخالد» الطفل الذى لم يتجاوز الثالثة من عمره تقول الأم إن المرض ظهر عليه وهو لم يتعد العامين كان يرضع بصورة طبيعية ويأكل اللقيمات الصغيرة التى كانت تضعها له أمه فى فمه وهو مرور.. ولكنها لاحظت عليه رفض وضع الطعام فى فمه بل أيضاً بدأ يرفض الرضاعة مع أنه يبكى من الجوع وتحول بكاؤه إلى صراخ.. حملته الأم إلى المستوصف القريب وبعد الكشف عليه وصف الطبيب له بعض الأدوية وأخبرها أنه مصاب بالتهابات بالفم يحتاج إلى علاج لمدة أيام قليلة وما عليها إلا أن تعطيه الدواء بصفة مستمرة ومنتظمة.. يومان لا ثالث لهما والطفل يتناول العلاج ولكن الحالة تزداد سواء، عادت الأم إلى الطبيب الذى قامت بتغييره مرة أخرى ولكن لم يجد شيئا.. حملته إلى طبيب آخر والذى طلب بعض التحاليل ومنها مسحة من الغشاء المخاطى للفم وهناك طلب الطبيب منها الذهاب بالطفل إلى المعهد القومى للأورام وعندما سألت لم يجبها إلا بكلمة واحدة «اذهبى».. وعرفت لماذا حولها إلى المعهد عندما فحصه الأطباء وأجريت له التحاليل فالطفل المسكين مصاب بورم سرطان بالفم ويحتاج إلى علاج كيماوى وأن يتناول طعامه السائل عن طرق خرطوم.. أيام شديدة السواد كما تقول الأم الطفل لا ينام من الألم والأسرة أيضاً واضطر إلى حمله للمعهد ثلاث مرات أسبوعيا لتلقى العلاج أو أن أترك البيت والأطفال الصغار مع الأهل لأبيت به بالمعهد عندما تشتد عليه الأزمات الأب يعمل عامل تراحيل لا يجد اللقمة بالأيام والأم تستدين لتغطى التكاليف والمصاريف الخاصة بالأسرة. ? والحكاية الثالثة للطفل «حازم» الذى يبلغ من العمر الخامسة وحكايته لا تختلف عن سابقيه هو الطفل الثانى فى أسرة فقيرة يعيش فى محافظة من محافظات شمال الصعيد.. الأب يعمل بالزراعة والأم تساعده بتربية بعض الدواجن ولكن الرزق قليل وبالرغم من ذلك فهم يحمدون الله ويطلبون الستر.. ويحاولون توفير لقمة العيش للأولاد الثلاثة.. لقمة العيش فقط ولكن الدواء ومواجهة المرض فهو ترف لا يستطيعون مواجهته وهو ما حدث عندما بدأت أعراض المرض تظهر عليه فى صورة قىء واسهال حاولت الأم أن تواجه هذه الأعراض عن طريق المشروبات والوصفات الشعبية التى يعرفها أهل الريف جيدا ولكن لم يحدث أى تقدم فى حالة الطفل بل زادت تدهور واضطرت إلى اصطحابه للوحدة الصحية وكانت الوصفة بعض الأدوية التى لم تجد وخاصة أن الآلام التى صاحبت الحالة شديدة وبات الطفل يصرخ طوال الليل حتى حملته الأم إلى المستشفى العام الذى تم له فيه تركيب محاليل لأن حالته كانت فى تدهور سريع وأجريت له تحاليل أثبتت أنه مصاب بسرطان بالمعدة وحوله الأطباء إلى المعهد القومى للأورام كل ذلك والأم فى ذهول مما أصاب طفلها.. وجاءت به إلى القاهرة حيث الأطباء المتخصصون والذين أكدوا إصابته بسرطان المعدة ودخل المعهد لتلقى العلاج وإجراء الفحوصات والتى أثبتت أيضاً أنه مصاب بحصوة بالكلية اليمنى. الطفل الآن تلقى العلاج الكيماوى والإشعاعى ولكنه يحتاج بصفة دائمة التردد على المعهد وشراء الأدوية التى لاتستطيع أسرته تحمل نفقات العلاج مع نفقات الانتقال من وإلى القاهرة. فهل تجد هذه الأسر من يقف بجانبها من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية؟.