براعم صغيرة.. أعواد خضراء.. لينة.. ضعيفة.. تفتحت البراعم.. ولكن لم تكتمل عملية تفتيحها.. قابلتها رياح عاتية قوية حاولت اقتلاعها من جذورها ولكنها فى اللحظة الأخيرة تركتها بعد أن جفت أوراقها وتساقطت.. وذبل عودها.. ومع ذلك تحاول الأم أن تروى هذه البراعم بدمها ودموع عينيها لكى تظل ثابتة تحاول أن تجعلها تعاود التزهير مرة أخرى.. محاولات جادة وقوية.. هذه أسرة بسيطة تعيش على الكفاف، ومع ذلك لم يكن هناك ضيق أو تذمر.. كانت كلمة الحمد لله على لسان جميع أفرادها، خاصة الأطفال منهم.. فقد علمتهم التوجه بالحمد لله.. إنها أسرة من آلاف الأسر التى تعيش فى هذا البلد.. الأب يعمل موظفًا بسيطًا بمرتب لا يغنى ولا يسمن من جوع يحاول توفير احتياجات أطفاله الثلاثة وزوجته.. والزوجة من جانبها تحاول دائمًا أن تكيف حياة الأسرة وتدبر المعيشة على أساس الدخل ولم تطلب من الزوج أى شىء أكثر من طاقته.. تحملت الكثير لتعيش أسرتها، خاصة الأطفال بدون الشعور بالحرمان حتى عندما سقط الأب فريسة للمرض وهو مازال شابًا، يكتشف الأطباء بالتحاليل أنه مصاب بفيرس (C) ولكنه نشط ويحتاج إلى علاج طويل، رحلة مع المرض وكانت نهايتها حقنة الانترفيرون أسبوعيًا.. ونام الأب على فرشته.. وقفت وقفة الرجال من أجل الأطفال والزوج.. وفجأة استيقظت على شىء لم يخطر على بالها.. ابنتها التى لم تتجاوز الثامنة من عمرها تبكى كثيرا.. واهنة.. ضعيفة.. غير قادرة على استيعاب دروسها.. تحول لون وجهها إلى الاصفرار.. أصيبت بارتفاع شديد بدرجة الحرارة حاولت كما كانت تفعل دائما معها ومع أخواتها أن تخفض الحرارة ولكنها لم تفلح، حملتها إلى المستشفى المركزى.. وصف لها الطبيب الأدوية التى تساعد فى علاج حالتها والتى شخّصها على أنها نزلة برد ولكن مر يوم والثانى والطفلة كما هى عادت الأم مرة أخرى للطبيب الذى وصف أدوية أخرى ولم يمر يومين إلا وحالة الطفلة فى تدهور طلب إجراء تحاليل وعندما سألته عن سبب التحاليل أكد أنه مجرد إجراء روتينى ووقائى.. ولكنها عرفت بعد ذلك السبب الحقيقى.. الطبيب كان يشك فى إصابتهما بالمرض اللعين.. وبالفعل قامت بإجراء التحاليل للطفلة وتأكدت شكوك الطبيب.. الابنة مصابة بسرطان بالدم.. وقام بتحويلها إلى مستشفى 57357 لسرطان الأطفال وكانت رحلة حزينة من قريتها فى جنوبالجيزة إلى القاهرة والذى أكد أطباء المستشفى أن الطفلة بالفعل مريضة بالسرطان وتحتاج إلى جرعات كيماوى وإشعاعى.. تحملت الأم الآلام الجسدية والآلام النفسية فقد كان قلبها يتمزق وينزف دما من أجل طفلتها الصغيرة التى لم تفعل إثما ولكنها إرادة الله وقضاؤه، إنه ابتلاء من الله عز وجل وهى وزوجها راضيان بقضاء الله، مر عامان وأكثر قليلا وهى تحمل الابنة ذهابا وإيابا من وإلى المستشفى.. ولكن ظروف الحياة الصعبة ومرض الأب والابنة وغول الأسعار الذى يقضى على الأخضر واليابس.. والأسرة التى يبتليها الله بمرض أحد أفرادها تكل من المصاريف والاحتياجات.. فما بالنا بأسرة لديها مريضان (أب وابنة) بمرضين لعينين لا شفاء منهما تحتاج الأسرة إلى مصاريف كثيرة ودعم من أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة.. من يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.