نظمت الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى ندوة تحت عنوان «دور الأحزاب السياسية فى التنمية الاقتصادية والسلام الاجتماعي» ناقشت عددًا من المبادرات التى تدعو لتفعيل السلام الاجتماعى بين أبناء الوطن فى ظل الظروف التى تعيشها البلاد شارك فى الندوة السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب المؤتمر والدكتور أحمد جمال موسى وزير التعليم العالى الأسبق ورئيس حزب مصر والدكتور كمال محجوب رئيس مؤسسة دار المعارف وعدد من الكتاب السياسيين المهتمين بالاقتصاد والسلام الاجتماعى. وفى كلمته الافتتاحية قال الدكتور علاء رزق الخبير الاستراتيجى والاقتصادى ومنظم الندوة ان فكرة تنظيم الندوة مستمدة من مقالة كتبها وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابى فى مجلة أكتوبر، مشيرًا إلى أن المقالة كانت تناقش قضية السلام المجتمعى بين أفراد الوطن و لقت إعجاب عدد كبير من القراء مما دفع أعضاء الجمعية لتنظيم هذه الندوة موضحا أن أزمة الأحزاب فى مصر الآن أنها لا تسعى للوصول إلى الحكم لأن تشارك على استحياء فى العملية السياسية وهو ما جعل دورها يقتصر فقط على المحدثات الإعلامية غير المجدية لافتًا إلى أن جمعية الاقتصاد السياسى عندما رغبت فى تنظيم هذه الندوة وجهت الدعوة إلى عدد كبير من رؤساء الاحزاب السياسية ليكون لهم دور فعال فى مثل هذه الخطوات الجادة إلا أن عددًا محدودًا فقط هو من قبل والتزم بالحضور بينما تراجع عن الحضور رئيس الحزب الناصرى سامح عاشور والدكتور على السلمى والدكتور ناجح إبراهيم القيادى السابق بالجماعة الإسلامية ومرجريت عازر بدون الاعتذار أو حتى بذل جهداً للاعتذار، مؤكداً أن عدم اهتمامهم بمثل هذه الندوات التى تدعو للسلام الاجتماعى يعد عملية مكاشفة للمجتمع وعدم قبول هذه الأحزاب لعملية المصالحة الاجتماعية. وأضاف «رزق» أن هناك مقومات ثلاثة لأى حزب قوى ومؤثر وهى العمومية والاستمرار والرغبة فى الوصول للحكم والتأييد الشعبى، مشيرا الى ان القوى الحزبية المصرية الآن بلغت 85 حزبا لا يسعون للحكم بشكل بجدية .وأكد على ضرورة أن يكون للأحزاب دور فى إدارة الصراع السياسية الإيجابى ودفع عجلة التنمية فى ظل هذه التحديات الخطيرة التى تواجه مصر، وقال إن الحضارة المصرية جاءت من خلال التعايش والسلام الاجتماعى، وليس من خلال العنف والإرهاب. أسوأ الفترات ومن جانبه أكد السفير محمد العرابى رئيس حزب المؤتمر أن عام 2012 يعتبر من أسوأ الفترات التاريخية التى شهدتها مصر بعد تقسيمها إلى طوائف وجماعات مشيرًا إلى أن هذه الصور نقلت الى العالم الخارجى بشكل سيىء جدا استخدمته بعض الدول ضد مصر لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية وقال رئيس حزب المؤتمر إنه بصفته دبلوماسيًا تصور ان مصر تحتاج الى عقود طويلة لإزالة هذه الصورة السيئة ولكن ما أحدثته ثورة 30 يونيو كان مفاجئًا للعالم اجمع وكما أكد الشعب المصرى العظيم انه ضد العنف وانه شعب يدعو للسلام والتعايش. وتابع العرابى إن دعوته إلى السلام الاجتماعى جاءت من أنه يعتبر أول لبنة فى بناء أية دولة حديثة مشيرًا إلى إن مصر الآن تحتاج إلى التوافق على دستور جديد تتلافى فيه أخطاء دستور العام الماضى الذى فكك المجتمع وقسمه ليكون الدستور الجديد الدواء لحل أمراض دستور الاخوان الإقصائي»، مؤكدًا أن مصر تستطيع أن تبهر العالم بدستورها الجديد، كما أدهشت العالم بثورة 30 يونيو. وأضاف العرابى أن حزب المؤتمر يسعى إلى مجتمع تتحقق فيه ثلاثة مبادئ هى العدل والأمن والتنمية، موضحًا أنه لكى تتحقق هذه المبادئ يجب أن يتحقق السلام الاجتماعى بين أبناء الوطن دون إقصاء، مؤكدًا أنه حان الوقت وخاصة بعد ثورة 30 يونيو التى كانت نقطة فارقة فى عمر هذا الوطن لكى نضع فكرًا سياسيًا جديدًا يتلاءم مع الدولة العصرية التى ننشدها جميعا. وقال الدكتور أحمد جمال موسى، وزير التعليم العالى الأسبق، ورئيس حزب مصر أنه لكى ننجح فى تحقيق اقتصاد قوى يجب أن ننجح فى تحقيق الأمن فى جميع ربوع الوطن موضحًا أن الأمن هو البداية الحقيقية الذى يجب أن نبدأ منها الآن وأى حديث آخر سيكون مضيعة للوقت مضيفًا أن النجاح فى الاقتصاد ليس بالضرورة أن يؤدى إلى تحسين أوضاع الناس فمؤشرات الاقتصاد فى عهد نظام مبارك كانت مرتفعة ومع ذلك كان معدلات الفقر أيضاً مرتفعة وهذا كان نتيجة إن الدولة لم يكن بها فى هذا التوقيت مؤسسات تتعامل بشكل شفاف مع أبناء الوطن، مؤكدًا أنه إذا نجحنا فى هذه الفترة فى تحقيق دولة مؤسسات تحترم القانون وتطبق العدالة على المواطنين سنكون أنجزنا أكبر إنجاز للأجيال القادمة، وأضاف رئيس حزب مصر أن الاتجاهات التى تنادى الآن باستبعاد فصيل من الوطن بسبب اخطائه السياسية يعد انهيارًا لفكرة الدولة وضد مبادئ العدالة التى تنادى بها ثورة 30 يونيو كما يعد أيضا ضد الإنسانية. مشيرًا إلى أن حزب مصر عرض من قبل قانون العزل السياسى والآن يعارض أيضاً جميع الأصوات التى تنادى بعزل الإخوان المسلمين من المشهد السياسي، مؤكدا أن وجهة نظر الحزب ترى أنه لو تم التغلب فى هذه الفترة على أسلوب الإقصاء وتكاتف كل أبناء الوطن فى بناء بلدهم الحديث سنكون بالفعل قادرين على بناء مجتمع جيد، مشيرًا إلى أن ما يحدث فى سوريا اليوم هو اختبار قوى لجميع دول المنطقة لأن أى مساس بأمن سوريا سيؤثر على كل دول المنطقة مؤكدًا أن قدرتنا على الصمود أمام هذه التهديدات الغربية تتوقف على قدرتنا على الصمود وترابطنا وتوحدنا. واستعرض جمال الدين خلال الندوة مبادرة حزب مصر للمصالحة الوطنية والتى تتلخص فى عدة نقاط أبرزها توافق القوى السياسية والأحزاب على الخطوات التى تضمنتها خريطة المستقبل مع احترام توقيتاتها المتتابعة من تشكيل لجنة الخمسين وفق معايير موضوعية وتمثيل متوازن للقوى السياسية ثم استفتاء على تعديلات الدستور وبعدها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. وثانيها هو الترحيب بمشاركة القوى والتيارات السياسية الوطنية فى الحياة السياسية على قدم المساواة دون استبعاد أو إقصاء بأى حجة كانت، مادام هناك التزام بالسلوك السلمى واحترام للقانون. وأوضح أن الحزب يدعو فى مبادرته إلى احترام مفهوم التعايش والتكافل بين أبناء الوطن وتحقيق مبدأ المساواة على أرض الواقع ورفض التمييز فى تولى المسئوليات والوظائف العامة، فكل المصريين سواسية أمام القانون، ووجوب معاقبة كل من يستبعد مواطنا من منصب أو وظيفة مؤهل لها أو حصل عليها بكفاءته أو حرمان أحد المصريين من الالتحاق بمعهد دراسى أو مؤسسة وطنية بأى حجة غير موضوعية تنطوى على المحاباة أو الإقصاء أو التمييز. وطالب موسى أن يختص القضاء وحده بالنظر فى الاتهامات الجنائية التى توجه للمسئولين السابقين أو الحاليين مع العمل على تنقية البلاغات التى تحال إلى التحقيق من كل اتهام كيدى أو متشح بغرض سياسى وتضييق نطاق الحبس الاحتياطى لأقل حد ممكن، والإفراج فورا عن كل ما لم تثبت عليه تهمة جنائية جدية. وطالب رئيس حزب مصر التأكيد على ضمان نزاهة الانتخابات القادمة وتعهد القوات المسلحة والحكومة والرئاسة بشفافيتها التامة وصدق تعبيرها عن إرادة المصريين، على أن تتولى مسئوليتها مفوضية مستقلة مشهود لها بالنزاهة والحيدة ويسمح بمراقبتها داخليا ودوليا بما يظهر هذه الشفافية. كما دعا إلى ترشيد أو تجميد المظاهرات والاعتصامات والإضرابات أيا كان نوعها أو طبيعتها أو مشروعية مطالبها لمدة تسعة أشهر بما يتيح عودة الحياة الطبيعية ودوران عجلة الإنتاج واستتباب الأمن العام وإجراء الاستفتاء على الدستور والانتخابات فى جو تعايش سلمى وطنى تحتاج مصر الآن أكثر من أى وقت مضى فى تاريخها وشدد موسى من خلال مبادرته على أهمية ضبط الخطاب الإعلامى من كل الأطراف لتجنب رسائل التهديد والتخوين والتكفير والاتهامات المرسلة والحض على الكراهية بين أبناء الوطن الواحد بما لا يخدم إلا أعداء الوطن والداعين للفتنة التى ستصيب مستقبل مصر بأشد الأضرار. واختتم موسى بنود مبادرة حزبه بضرورة اختيار شخصية وطنية مشهود لها بالحيدة والكفاءة والمصداقية باتفاق الرأى بين معظم القوى الوطنية كمراقب عام لضمان احترام بنود اتفاق المصالحة الوطنية، ويلجأ إليه بالشكوى والتظلم من أى خرق لها، وله الحق فى نشر ذلك على الرأى العام وطلب تصحيح التجاوزات فورا، وأن يتعين على كافة سلطات الدولة الاستجابة له. وفى كلمته أعلن الأستاذ أحمد شاهين رئيس تحرير مجلة اكتوبر مبادرة المجلة فى تفعيل السلام الاجتماعى والتى تضمنت عدة محاور رئيسة اولها ضرورة الاتفاق على إنهاء الصراع الحالى بكل أشكاله وأن نبدأ بوضع آليات إنهاء هذا الصراع.من خلال الدستور المعدل الذى يجب أن يعكس كل الآراء والتيارات والأطياف المصرية وأوضح شاهين أن المحور الثانى لمبادرة مجلة أكتوبر يدعو إلى ضرورة أن تضع الحكومة الحالية فلسفة متكاملة لرفع مستوى معيشة المواطن و يجب أن تكون لدى الحكومة استراتيجية واضحة لإقامة قاعدة صناعية وزراعية تساهم فى الخروج من الأزمة الخانقة التى نشهدها الآن بينما يركز المحور الثالث على وضع استراتيجية حقيقية للإعلام المصرى بكل فروعه مؤكدا أن الإعلام المصرى هو أحد الأسباب الكبرى للأزمة التى نعيشها. كما أنه يمكن أن يكون الأداة الحقيقية لحلها والمدخل الجاد لانقشاع غيومها. موضحا ان المؤسسات الاعلامية المعنية عليها دور حيوى لوضع استراتيجية جديدة ومتكاملة للإعلام القومى على ان تنطلق هذه الاستراتيجية من الدستور وضرورة أن يتضمن كافة التعديلات التى طلبها مجلس نقابة الصحفيين.وأضاف شاهين أن المحور الرابع الذى يتقدم به يتلخص فى الحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة مؤكدا أنه يجب علينا جميعاً الحرص على قواتنا المسلحة وجيشنا العظيم الذى يمثل العمود الفقرى للدولة المصرية خامسا المشاركة السياسية للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى ضرورة حيوية لتقليل هذا الصراع الحالى أما المحور الأخير لهذه المبادرة يركز على المشاكل الأساسية للمجتمع.وأولها عدم القدرة على محاربة الفساد موضحا ان مصر مازالت تحتل مرتبة متقدمة فى مؤشر الفساد على مستوى العالم. وقال شاهين فى ختام كلمته أن مجلة أكتوبر ستتبنى تنفيذ هذه المبادرة على ارض الواقع من خلال تنظيم عدد من الموائد المستديرة يحضرها جميع أطراف الحياة السياسية المصرية بالإضافة إلى تخصيص عدد من صفحات المجلة لكل ما قد يؤدى الى انتشار السلام المجتمعى بين ابناء هذا الوطن.