الدعاء هو العبادة كلها، كما قال سيد الخلق حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فهو العامل المشترك بين كل الفرائض كما فى الصلاة والحج والصيام وفى سائر الأركان.. وهو عبادة لأنه ذكر لله وتقرب إليه كما فى قوله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ولأهمية الدعاء وحرص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فقد شدد على أمته بالالتزام به لأنه الملاذ الوحيد لله تعالى كما فى قوله صلى الله عليه وسلم «لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد فى العمر إلا البر».. ولأن دعاء المؤمنين المخلص لا يرد وهو ما أكده صلى الله عليه وسلم فى قوله «إن ربكم تبارك وتعالى حيى كريم يستحيى من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردها صفرا خائبتين». والدليل على أن الدعاء هو العبادة.. أن الله سبحانه وتعالى لم يكثر من أى نوع من أنواع العبادة فى كتابه الكريم إلا بالدعاء وذكره فى نحو ثلاثمائة موضع وقد جاء فى صيغة الأمر «وقال ربكم ادعونى». والدعاء أصل التوحيد حيث ذكر فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، وفى موضع آخر ينهى المولى عز وجل عن الشرك عند الدعاء وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً وقال تعالى وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ .. ويقول وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ .. ولذلك فمن دعا غير الله فهو عابد له بمجرد التوجه له والتوسل إليه بالطلب فقد أشرك بالله.. وبالتالى فمن دعا الله مخلصا فقد وجه عبادته إلى الله. الدعاء يتعبد به العبد المؤمن لله طلبا لعفوه وثوابه ومخافة عقابه.. وهو اعتراف منه بعجزه وضعفه وحاجته الدائمة إلى خالقه.. وأن الله قادر فوق عباده فلا يعجزه شيئ فى الأرض ولا فى السماء.. ولا يعنى أيضا أن إحساس العبد فى تأخير الاستجابة فى الدعاء أن يقنط وييأس كما قال تعالى چ پ پ پ ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ?چ.. وقد يستجيب المولى عز وجل للعبد له فور دعائه.. وقد يؤجله إلى يوم القيامة أو يدفع عنه ضررا كان يصيبه أو يؤجله إلى زمن فى الدنيا تكون الاستجابة لدعائه وهو فى أشد الاحتياج إليه. ولابد أن نعلم أن للدعاء عدة شروط للاستجابة منها الإخلاص لله تعالى، وثانيا أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ويختم بذلك، وثالثا اليقين بالإجابة، ورابعا الإلحاح فى الدعاء وعدم الاستعجال، وأيضا التقرب إلى الله بكثرة النوافل بعد الفرائض.. ثم يذكر الله سرا آخر من أسرار الاستجابه للدعاء حيث يقول: « إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين». ودفع الضرر عن المسلمين والحب والإخلاص فى عمل كل شىء ينفع الأمة ويقوى عزيمتها.. ويكون ممن يساعدون عباده الضعفاء فى قضاء حوائجهم. ووضع المولى عز وجل شرطًا فى الآية: «فليستجيبوا لى» أى أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وننفذ ما أمرنا به فى كل أمور حياتنا ونجعلها كلها خالصة لله.. والدعاء أيضا هو ذكر لله والتقرب منه كالصلاة والحج والزكاة وغيرها من العبادات، فقال تعالى «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».. فذكره يشعر العبد المؤمن بالاستقرار النفسى ويمنح له السلاح الداخلى لأنه لجأ إلى جبار السموات والأرض. * وختاما نقول إن الدعاء سلاح المظلومين إذ انقطعت بهم الأسباب.. وهو سلاح استخدمه الأنبياء فى أصعب المواقف كما فى دعاء سيدنا أيوب لما طال به البلاء نادى ربه (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)