لا أصدق أن المذبحة التى جرت وقائعها منذ عدة أيام فى قرية ابو مسلم فى ابو النمرس بالجيزة قد وقعت على أرض مصر التى اقترنت فى القرآن الكريم بالأمان : «أدخلوا مصر بسلام آمنين» ، لا اصدق أن البلد الذى عاش على أرضه أتباع الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام لا يفرقهم دين ويجمعهم وطن واحد، بل عاش على أرضه ملحدون - يأتى اليوم الذى يذبح فيه أناس جهارا نهارا ويسحلون ويمثل بجثثهم على مسمع ومرأى من أهلهم وذويهم وأطفالهم.. ليست هذه مصر وليس هؤلاء من نبت هذه الأرض الحرة الطيبة، بل هم نبت شيطانى كريه دخيل على طبيعة هذا البلد، مع أمور أخرى رديئة طرأت عليها وليست فى صميم تكوينها الضارب بجذوره فى عمق التاريخ! ليس هؤلاء الغوغاء الذين قتلوا وسحلوا هم المجرمون الحقيقيون ، ولكن كلنا يعلم من الذى أجرم ومن الذى حرض هؤلاء على الفتنة فى أبشع وأحقر صورها ،فالسادة الذين أشعلوا نيران الفتنة فى مصر حتى وصلت إلى القتل والتمثيل بالجثث بأبشع ما يمكن أن تشهده عهود الظلام والجاهلية وسط تهليل وتكبير تقشعر له الأبدان على مدى ثلاث ساعات ونصف ستقتص منهم العدالة الإنسانية فى يوم من الأيام قريبا كان أو بعيدا، أما العدالة الإلهية فانتقامها أكبر وأعظم! هؤلاء الغوغاء من الرعاع الذين قتلوا وسفكوا الدماء لا أعتقد أن معظمهم حتى يجيد القراءة والكتابة، ولا أعتقد أنهم يعرفون شيئا لا عن الشيعة ولا حتى عن مذهبهم هم الشخصى الذى يعتنقونه بالوراثة، ثم منذ متى ظهرت قضية التشيع فى مصر على تلك الصورة الغريبة ؟ وكم عدد الشيعة فى مصر حتى يشكلوا خطرًا على المجتمع المصرى ؟ ومن قال إن القتل والسحل هو الذى يمنع انتشار مذهب ما؟ وما العمل لو فعل الشيعة فى العراق أو لبنان أو البحرين أو الكويت أو إيران فى مصريين مسلمين سنين للرد على ما فعله هؤلاء بأبناء مذهبهم؟ الأمر أكبر من كل هذا، والمشهد البشع الذى قض مضاجعها وأفجعنا جميعا كان هو المطلوب تماماً، فليس هؤلاء هم المقصودون فقط ، ولكن المطلوب هو إدخال الفزع فى قلوبنا والذعر من إمكانية أن يأتى الدور على أى أحد فى هذا التوقيت تماماً لأسباب كثيرة، لكن النتيجة ستكون عكسية تماماً، وهذا ما ستسفر عنه الأيام التى ربما تكون أقرب مما نتصور!