كل الأزمات ستمضى وتبقى مصر، كل الحاقدين والماكرين والكارهين والمتآمرين على هذا الوطن سيذهبون ويرحلون غير مأسوف عليهم وتبقى مصر بهية فتية، يشيب الزمن على ضفاف نيلها وتبقى مصر معطاءة حنون على أبنائها، مضيافة لزوارها، مقبرة لغزاتها والمتآمرين عليها، ستبقى مصر محروسة دائمًا. كل ما نحتاجه هو الاستماع لصوت العقل، أما الصبر فنحن معتادون وتربينا عليه، وأصبح الشعب المصرى والصبر صديقين حميمين، كل منهما يتقبل الآخر ويرضى به فى رحلة الزمن رفيقًا. ورغم كل الأزمات فى الأوضاع السياسية والاقتصادية فمازال هناك أمل، كل الأزمات ستمر وتمضى، وتبقى مصر المحروسة، رغم الأزمات الخانقة التى نعانى منها فى البنزين والسولار والكهرباء ومياه الرى وارتفاع الأسعار، فنحن أقوى من كل ذلك، سنتكيف مع الأزمات حتى نتجاوزها، وكلنا أمل فى مستقبل أفضل لأبنائنا. قد يكون غريبًا أن أتحدث بمثل هذا التفاؤل بينما معظم مَن فى البلد خائفون ومتشائمون. نعم لدينا مشكلات صعبة وآثارها قاسية على الناس، ولكن هل معنى ذلك أن الحياة ستتوقف، بالطبع لا.. إن مصر المحروسة ليست دكانًا صغيرًا سيغلق أبوابه لوفاة أو إفلاس صاحبه، مصر دولة كبيرة منذ فجر التاريخ، مرت بها كوارث وأزمات واحتلال، كل ذلك مضى وبقيت مصر المحروسة بهية أبية، وشعبها العظيم الصبور يزرع ويصنع ويبنى. لن نخرب بيوتنا بأيدينا، ولن نهدم ما بنيناه، ولن نحرق بلدنا.. علينا أن نستمع لصوت العقل، علينا أن نحكم ضمائرنا، علينا ألا نسلم مصائرنا لأحد، علينا أن نكون مصريين بحق، علينا أن نحافظ على شخصيتنا وهويتنا، وحكمتنا وصبرنا، فهذا هو سر قوتنا، لم نعرف الانقسام أبدًا، الأفراح والأتراح تجمعنا ولا تفرقنا، وهذا هو تاريخنا يشهد علينا، فى الأفراح على قلب رجل واحد، فى الكوارث على قلب رجل واحد، فماذا حدث لنا..؟ هل ضاعت عقولنا وعميت بصائرنا إلى هذه الدرجة حتى ننقسم، وحتى نحاول إقصاء الآخر ليزداد عمق الهوة والخلاف بين أبناء الشعب الواحد الذى انصهر فى بوتقة واحدة منذ آلاف السنين حتى صار نسيجًا واحدًا؟! لا تستطيع أن تفرق بين مكوناته، يجب أن نحافظ على سر قوتنا، وألا ننقسم إلى شيع متناحرة، فتلك هى خطة المتآمرين من أعداء مصر، فهل نكون واعين لما يحاك لنا..؟ علينا ألا نفقد الأمل.. وأن نضع فى الاعتبار أن مصر تمر الآن بمرحلة انتقالية، كى نعبرها على كل مصرى أن يبذل مزيدًا من الجهد وزيادة الإنتاج الحقيقى، بعيدًا عن الشعارات والإغراق فى الشكاوى والاحتجاجات. على كل منا أن يؤكد الإحساس لديه أن مصر هى بلده وبلد أبنائه وأحفاده من بعده. وفى الختام أستعير كلمات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب «إن مصر ستتجاوز بإذن الله الأزمة الراهنة بأمان وسلام، وأن اليقين الراسخ فى الله عز وجل كبير أن يجنبها كل سوء، لأن مصر منذ القدم محروسة من الله سبحانه وتعالى».