لعلنا نفتقد إلى المشروع الحلم أو المشروع القومى الذى نلتف حوله جميعًا.. منذ انطلاقة السد العالى.. هذا المشروع الذى صهر مصر فى بوتقة واحدة ووحَّد أركانها وقدم نموذجًا رائعًا ورائدًا للطموحات القومية الكبرى.. آنذاك.. خلال الستينيات.. بغض النظر عن تباين التوجهات والايديولوجيات والتحفظ على بعض القيادات.وكماأوضح الأستاذ أحمد جلال رئيس مجلس إدارة جمعية الأعمال والاستثمار الدولى فإننا بصدد مشروع عالمى سوف يسهم فى نقل مصر بمشيئة الله تعالى إلى مصاف البلدان الكبرى وسيمثل نقطة محورية جديدة للتجارة الدولية وقاعدة للصناعات التكنولوجية المتطورة التى يمكن أن تحول مصر لدولة تصدر التكنولوجيا إلى دول أفريقيا والشرق الأوسط. ورغم هذا الطموح الكبير فإن البعض أثار المحاذير والمخاوف.. بل وشككوا فى المشروع العملاق قبل أن يبدأ ودون دراسة عميقة متأنية.. لعل أبرزها أن دولة معينة سوف تسيطر على هذا الإقليم (إقليم القناة) وأنها سوف تضخ عشرات المليارات من أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجى! هذا هو المحظور الأول. ولعل الرد عليه ودحضه سهل ومتاح.. لأنه لا تستطيع أيه حكومة أو رئيس أن يقدم على هذه الخطوة..(بيع القناة) ولا حتى حبة رمل واحدة منها. لا يستطيع فصيل أو جماعة أو حزب أو حتى تيار أن يقوم بهذه الخطوة أو أن يفكر فيها. كما أن مصر الحضارة والتاريخ والكيان العملاق أكبر من أى دولة.. بما فيها القوى العظمى التى احتلتها قبل ذلك.. وذابت فيها.. ثم انزوت ورحلت وبقيت مصر.. بحضارتها وعراقتها وشموخها. وإذا كانت القوى الاستعمارية الكبرى قد فشلت فى السيطرة على أرض الكنانة.. فكيف لدولة أو دويلة صغرى أن تحقق ذات الهدف؟! وعندما تحدث البعض عن استقلال اقليم القناة وخروجه عن نطاق السياده المصرية فقد أخطأ فى فهم حركة التاريخ.. كما لم يقرأ خريطة الواقع السياسى والعسكرى والأمنى لمصر والمنطقة.. فالتاريخ يؤكد أن سيناءوإقليم القناة ظلا جزءا أصيلاً لا يتجرأ من هذا الكيان العظيم.. رغم أن أغلب الغزوات والتهديدات جاءت من الشرق ومن خلال سيناء وعبر القناة.. بل إن سيناء شكلت محورًا مهما لمواجهة كل الغزاة ودحرهم.. وكذلك القناة التى ظلت معبرًا حيويًا لمصر والعالم. وقراءة الواقع الجيوبوليتكى والعسكرى والسياسى تكشف أن سيناءوإقليم القناة تحت السيطرة الأمنية المطلقة لجيشنا العظيم الذى دافع عن أرض الفيروز وروى جنوده (خير أجناد الأرض) رمالها بأزكى الدماء وأعظام التضحيات. هذا الجيش العظيم لم ولن يسمح لأحد بأن يستقل بإقليم القناة.. ولا بشطر منه. كما أن أهل هذا الإقليم هم درع مصر وسيفها.. حاربوا عبر العصور دفاعًا عن أرضها وعرضها وشرفها وكذلك قبائل سيناء المصرية العربية الأصيلة التى أثبتت عبر التاريخ ولاءها وانتماءها لأرض الكنانة. ولقيمنا العربية الأصيلة.. وكذلك النظام - أياًً كان - يدرك الأهمية الاستراتيجية الكبرى لسيناءوإقليم القناة تحديدًا.. ولا يملك سوى أن يبذل الغالى والنفيس لترسيخ هذا الانتماء الأصيل. وإذا كانت هذه المحاذير أو الشكوك أو المخاوف التى أثارها البعض حول مشروع تنمية محور قناة السويس.. فإننا نقدر آراء الجميع وندرك مدى إخلاص النوايا.. ولكننا ندعوهم جميعًا للتوحد من أجل المشاركة فى المشروع الحلم.. وأن يزيلوا كل هذه الشكوك ويبددوا تلك المخاوف بالفعل وبالعمل وبإصدار تشريعات صارمة تؤكد بقاء هذا الإقليم العزيز تحت السيطرة. والسيادة المصرية. بل إننا ندعوهم للرقابة والمتابعة الصارمة لكل مراحل المشروع حتى يخرج فى أعظم صورة ويعود على مصر بالنفع العظيم. ويجب أن ندرك - ويعلم المعارضون للمشروع - أن الجيران وبعض الأشقاء وكثيرًا من الأصدقاء يهمهم إفشال هذا المشروع وإجهاضه ويعملون بكل قوة لإسقاطه..لماذا؟ لأنهم لا يريدون لمصر أن تتقدم وأن تنطلق نحو نهضة حقيقية تعيد لها دورها ومكانتها اللائقة. هؤلاء «الإخوة الأعداء» يريدون أن نظل أسرى التخلف ورهائن الماضى البغيض الذى جعل مصر دولة ذليلة تابعة حتى لدول حديثة النشأة.. هُلامية التكوين! qqq وإذا كانت هذه بعض المحاذير فإن لدينا الكثير من الآمال والطموحات التى لو تحققت من خلال هذا المشروع الحلم سوف تنقل مصر إلى مرحلة جديدة من النمو والتقدم والرخاء بمشيئة الله.. ولعل أولها أن يتحول مشروع تنمية محور القناة إلى قاطرة التنمية لمصر كلها.. لماذا؟.. لأنه سوف يخلق منطقة متكاملة تجاريًا وصناعيًا وتكنولوجيًا وعمرانيًا.. فوق أهم معابر التجارة العالمية.. ويكفى أن نعلم أن القناة تتيح الوصول إلى أهم الأسواق الدولية فى أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط وأقريقيا.. بل إننا نستطيع تسويق منتجاتنا إلى نحو مليارى مستهلك فى أنحاء العالم. هذا المشروع الحلم الذى سوف يرفع دخل القناة من نحو خمسة مليارات دولار سنوياً إلى أكثر من مائة مليار دولار خلال سنوات قلائل بمشيئة الله وسوف يغنينا عن سؤال اللئيم ومد اليد للقريب المراوغ أو البعيد المناور.. أو حتى الشقيق الذى يحاربنا علنا ومن وراء الكواليس! قاطرة القناة لن تسهم فى الارتقاء بالمستوى المعيشى لسيناء وسكان المنطقة فقط.. بل إنها سوف ترتقى بالاقتصاد المصرى كله.. سوف توفر ملايين فرص العمل للشباب وسوف تخلق مناطق سكنية وصناعية وتجارية وتكنولوجية تجسد كثافة عالية تستطيع صد أى غازٍ ومواجهة أى عدوان.. وهنا يجب أن نعلم أن مصر مستهدفة بقوة.. مثلما حدث عبر القرون وجرى مع نماذج كثيرة فى المنطقة والعالم. فالأعداء لا يريدون لنا أى خير بل يسعون لإجهاض ثورتنا حتى لا تنتشر عدوى الحرية فى المنطقة.. وحفاظًا على اسرائيل.. هدف كل الاستراتيجيات الغربية. فالمهم هو تأمين تل أبيب بكل الوسائل.. ولو على حساب العالم بأسره. وليذهب الجميع إلى الجحيم.. وتبقى إسرائيل.. هكذا يخططون ويتوهمون!! وبمعنى آخر.. فإن الكثافة السكانية الصناعية التجارية سوف تمثل إضافة جديدة وقوية للأمن القومى المصرى بشقيه السياسى والعسكرى.. لأن هذه التجمعات الجديدة (الأكثر ازدهارًا بمشيئة الله) سوف تكون أحرص على أرض الكنانة وعلى مصالحها. كما أن عجلة المشروع إذا دارت وانطلقت وساهمت فيها دول كثيرة سوف تجعل هؤلاء الشركاء حريصين على تنمية هذا المحور وتعظيم عوائدهم وفوائدهم. وبلغة الأرقام فسوف تنشأ أربع مناطق سكنية رئيسية فى شرق بورسعيد ووادى التكنولوجيا والقنطرة شرق وشمال غرب خليج السويس. والمنطقة الأخيرة ستتكلف 4.3 مليار دولار وسيتم تنفيذها بالكامل خلال عشر سنوات من بدء العمل بالمشروع.. وتشمل عشرة آلاف وحدة سكنية لمحدودى الدخل وخمسة آلاف وحدة لمتوسطى الدخل ومثلهم لمرتفعى الدخل.. إضافة إلى 5 آلاف فيلا. وهذا ليس استعراضًا تفصيليًا للمشروع الحلم.. بل لجانب يسير منه ونحن نسعى جميعًا لإنجازه حتى تنهض مصر من كبوتها ونترك لأبنائنا وأجيالنا القادمة أرضية راسخة ينطلقون منها نحو آفاق أرحب وحتى تعود للمحروسة عزتها ومكانتها.. بمشيئة الله. نعم ونحن متفائلون شريطة أن نخلص ونعمل وننتج.